دعا الخبير المالي ومؤسس سوق الأوراق المالية الليبي وأستاذ التمويل بجامعة نوتنغهام ترنت الدكتور سليمان الشحومي، إلى العمل على إطلاق مشروع وطني يشمل عدة مستويات ومراحل زمنية لإعادة هيكلة الاقتصاد الليبي بشكل شامل، مع إطلاق أدوات قادرة على كبح جماح التضخم في الإنفاق والأسعار والسيطرة على عجز الموازنة والتوجه نحو تنمية اقتصادية شاملة في إطار مشروع اقتصادي شامل. 

وفي رده على قراءته للمشهد الاقتصادي الليبي بعد مرور عام على تخفيض سعر الدينار، قال الشحومي في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "التخفيض الذي حدث منذ سنة هو مقدمة لتخفيضات أخرى قادمة إذا لم يتم السيطرة علي حالة الانفلات في ادارة المال العام، فهو مثل القيادة على حافة الهاوية باعتباره الحل الوحيد المتاح، وطالما لم يعاد هيكلة الاقتصاد الليبي بمؤسساته السيادية وقوانينها الحاكمة لتحصيل وإنفاق المال العام التسييرية والتنمية، وإدارة الثروة الوطنية، فسنكون قريبا في وضع صعب جداً، كما يتطلب الأمر ضرورة إعادة هيكلة وتنظيم دور البنك المركزي، وفصل الدور الرقابي عن إدارة النظام النقدي في ليبيا وإفساح المجال لإرجاع معدل الفائدة للعمل لدورها الهام في إدارة السيولة والاستثمار بالاقتصاد، سيكون من المهم البحث في خلق شفافية وتنافسية حقيقية للقطاع الخاص في مواجهة القطاع العام وأدواته المسيطرة على مفاصل إدارة الاقتصاد الليبي". 

وتابع الشحومي، "لا يمكن الاحتفاء بأي إنجازات لتعديل سعر الصرف مهما كانت تأثيرات ذلك إيجابية فيما يتعلق بالعدالة في الحصول على النقد الأجنبي، فهناك قضايا أخرى مهمة في حاجة لمعالجة شاملة و ملحة وما لم تكن في إطار مشروع اقتصادي وطني شامل يعالج مواطن الخلل الهيكلي بالاقتصاد الليبي ويحقق ترابط وثيق بين أدوات السياسات الاقتصادية المختلفة، منها السياسات المالية كـ (الضرائب، والدعم، وضبط الانفاق عبر شفافية العطاءات، والسياسات النقدية عبر إصلاح شامل لنظام عمل المصرف المركزي ودوره الإشرافي والرقابي للقطاع المصرفي، وإتاحة الأدوات اللازمة لتدعيم الاستقرار النقدي المنشود، وغيرها من السياسات الاستثمارية) والتي لابد أن تحد من تدخل القطاع الحكومي عبر الصناديق السيادية المنتشرة والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية الحاكمة والمالك والمشغلة لكل أنشطة الاقتصاد الليبي. هذا النموذج الليبي في إدارة الاقتصاد هو في حاجة ماسة لإعادة هيكلة شاملة وعميقة في إطار مشروع جديد كلياً يبني عليه مستقبل ليبيا وشعبها".