سيطر الحديث عن « لميس » التركية على سمر الليبيين ،  الموضوع لا يتعلق ببطلة مسلسل « سنوات الضياع » الذي كان قذ حظي بشعبية عالية في العامين 2005 و2006 ، وإنما بالمدرعات القادمة من أنقرة والتي أطلق عليها الليبيون إسم بطلة المسلسل من باب التفكه والدعابة ، أما المناسبة فكانت عثور قوات الجيش الوطني داخل مدينة سرت على مخزن للسلاح  بداخله 47 مدرعة جديدة لم يسبق أن تم إستعمالها في جبهات القتال ، وهي ناقدة للجند من نوع « كيربي » المصنعة في شركة بي إم سي بمدينة سامسون ، مزودة بمدافع رشاشة ، ومضادة للإلغام ،

يعتبر  تحرير سرت في عملية خاطفة لم تتجاوز ثلاث ساعات ، إنتصارا مهما للجيش الوطني الليبي من الناحية الإستراتيجية والتكتيكية ، ومن حيث رفع معنويات العسكريين وعموم الشعب الليبي ، فالمدينة التي تتوسط الساحل الليبي ( تقع 560 كلم الى الغرب من بنغازي و450 كلم الى الشرق من طرابلس ) تمثل أهمية بالغة في الذاكرة الشعبية ، كونها شهدت في 29 ابريل 1914 أكبر معركة في تاريخ المقاومة الليبية ضد الإحتلال الإيطالي وهي معركة القرضابية التي شاركت فيها كل القبائل الليبية دون إستثناء ، وحققت فيها إنتصارا تاريخيا ، يستعيد الشعب اليوم ذكراه وهم يستعدون لمعركة الدفاع عن سيادة وطنه أمام الهجمة التركية ،كما أن سرت كانت خلال النظام السابق بمنزلة العاصمة غير المعلنة ، بإعتبارها مسقط رأس الزعيم الراحل معمر القذافي ، بما يعنيه ذلك من أهمية لدى القبائل التي لا تزال موالية له ،الى جانب الرمزية التاريخية والإجتماعية ، فإن تحرير سرت أحبط مخططا تركيا لإستعمالها في السيطرة على وسط البلاد والإنطلاق منها الى الهلال النفطي الذي تعتبر  بوابته الغربية ، خصوصا وأنها تضم مطارا دوليا وقاعدة جوية كبرى وهي قاعدة القرضابية ، وميناء بحريا ، وعددا من المعسكرات الضخمة .

وفي هذا السياق ، أكد المتحدث بإسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري أن تحرير سرت قطع الطريق أمام المشروع التركي ومن ورائه ميلشيات حكومة فائز السراج للهجوم على منطقة الحقول والموانيء النفطية ، مشيرا الى أنه تم خلال الفترة الماضية التنبه الى جمع أعداد من الإرهابيين وفلول داعش والقاعدة ومجالس شورى المنطقة الشرقية ومسلحي مصراتة للدفع بهم الى الهلال النفطي الذي يمثل هدفا ذات أولوية مطلقة لدى الأتراك ولحكومة الوفاق وجماعة الإخوان بإعتبار أن من يضع يده على منابع الثروة ، يمتلك أهم ورقة للمساومة إقليميا ودوليا.
ويشير المراقبون الى أن الكميات الضخمة من الأسلحة التي غنمها الجيش في سرت ، تشير الى أن طبيعة الإستعدادات التي كان المرتزقة المحليون والأجانب بصددها و ذلك نظرا للمساحة الشاسعة لليبيا ، تمثل سرت البوابة الشرقية لمدينة مصراتة ( تبعد عنها مسافة 240 كلم ) ، حيث لا تفصلها عنها إلا بعض البوابات والقرى ( خاصة تاورغاء والكراريم ) ، عبر أرض مفتوحة يغلب عليها الطابع الصحراوي ، ما يهيؤها للرصد الدائم ، وهو ما جعل السلطات المحلية المصراتية تعلن حالة الطواريء في مدينتها ، وتعطيل المؤسسات التعليمية ، كما دعت بعض فصائلها المقاتلة في طرابلس الى العودة بسرعة الى  المدينة لتحصينها ، وخصصت وسائل إعلامها مساحات واسعة للتعبئة ودعوة الشباب للإلتحاق بمراكز التدريب خشية تقدم الجيش نحوها.


كما إن تحرير سرت ، يفتح الطريق نحو مركز مدينة بني وليد التي تقع غربها بمسافة 300 كلم ، وجنوب مصراتة ب130 كلم ، والتي لم يكن للقوات المسلحة أي منفذ إليها إلا من الطرق الصحراوية الوعرة عبر الجفرة في الوسط ، وهي مدينة محورية بإعتبارها مركز قبائل ورفلة أكبر قبائل ليبيا ، وكانت آخر مدينة سقطت في أيدي الميلشيات في 2011 نظرا لطبيعة موقعها المحصن بالجبال والأودية ، وهي اليوم من أبرز المدن الداعمة للجيش
ويجمع الخبراء العسكريون على أن السيطرة على سرت والطرق المؤدية الى بني وليد ومنها الى سبها عاصمة الجنوب ووضع اليد على بوابتي بوقرين جنوبا والسدادة شمالا ، يعني فصل مصراتة نهائيا عن محيطيها الشرقي والجنوبي ، وبالتالي منع ميلشياتها المدعومة من تركيا من  تهديد شرق ووسط وجنوب البلاد ، وضربها إقتصاديا بإعتبارها العاصمة الصناعية لليبيا ، حيث لن تجد طريقا لترويج صناعاتها في 90 بالمائة من مناطق البلاد ،وسيقطع عنها طريق مناجم الحديد الخام الذي يشغّل أهم مصانعها والأكبر من نوعه في شمال إفريقيا وهو مصنع الحديد والصلب.