منتصف شهر يونيو الحالي، أعلنت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عن أن الغارة الأميركية نجحت في القضاء على القيادي بتنظيم القاعدة مختار بلمختار خلال اجتماع مع عدد من قيادات المتشددين الذين لم تذكر أسماءهم. فيما نفى فرع تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا مقتل بلمختار. ونقل موقع سايت، الذي يتابع المواقع المرتبطة بالحركات الإسلامية المتشددة على الإنترنت، بيانا نشره تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" على تويتر يعلن فيه أن بلمختار، المعروف باسم خالد أبو العباس، على قيد الحياة. وأفادت تقارير أكثر من مرة بمقتل المتشدد الجزائري وكان أحدها في عام 2013 حين اعتقد أنه لاقى حتفه في القتال في مالي.

حادثة مقتل بلمختار المفترضة جاءت في نفس الأسبوع الذي فقدت فيه القاعدة زعيم فرعها اليمني ناصر الوحيشي في غارة أمريكية مماثلة ليخسر التنظيم قيادات كبرى مواصلا في طريق الضعف الذي يسلكه منذ الاقتتال الداخلي الذي عصف به وأدى الى انشاق تنظيم الدولة في سورية والعراق. في مقال لها نشر على موقع "ديفانس وان" المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية تشير الكاتبة الامريكية، كاثي جيلسنان الى أن:" الرجلين، والسلطة التي يمارسوها في مجالاتهم المحلية بعيدا عن قاعدة تنظيم القاعدة الأصلية في جنوب آسيا، تجسد القوة والضعف في النموذج التنظيمي للجماعة الذي يعتمد على الفروع المحلية المستقلة جزئيا لتنفيذ العمليات. ويمكن أن تكون النتيجة إبداعًا وابتكارًا قاتلًا".

وفي خصوص بلمختار ترى جيلسنان أنه كان عنصر تفتيت داخل التنظيم ولكنه كان أيضا عقلا مدبرا ومصدرا كبيرا لجلب التمويلات:" ساعدت عمليات التهريب والخطف التي قام بها بلمختار في أن تصبح القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أغنى فرع لتنظيم القاعدة في عام 2012، ولكن ظهرت انقسامات تلك الجماعة حول الإدارة في وقت لاحق من ذلك العام.و تضيف في السياف نفسه: » على النقيض من ذلك، يبدو بلمختار إنه كان عضوًا مثيرًا للمشاكل، حيث كان بيروقراطيًا صداميًا يكره السلطة ويغادر حين يتحداه أحد. في خطاب أرسل في أكتوبر 2012، وجده في مالي روكميني كاليماتشي، الذي كان يعمل وقتها في وكالة أسوشيتد برس، قال قادة القاعدة في المغرب الإسلامي إن بلمختار كان يتجاهل مكالمات الإدارة الهاتفية، ولم يقدم تقارير الحسابات، ولم يحضر الاجتماعات. وكتب كاليماتشي إن "الموظف قد رد بالطريقة التي يتميز بها الموظفين الموهوبين ذوي الأنا المجروحة في عالم الشركات: غادر وشكل جماعة منافسة خاصة به."

وتشير الكاتبة الى أن بلمختار:" ومن خلال هذه المنظمة الجديدة حقق بلمختار مستوى جديد من السمعة السيئة حول العالم في يناير 2013، عندما أعلن مسؤوليته عن واحدة من أكبر عمليات احتجاز الرهائن في التاريخ، في مصنع للغاز قرب عين أمناس في الجزائر. احتجز مقاتليه المئات من العمال الأجانب والمحليين لمدة أربعة أيام. 38 منهم لقوا حتفهم. وقال في رسالة عبر الفيديو يعلن فيها عن مسؤوليته عن هجوم عين أمناس نيابة عن جماعته الجديدة الموقعون بالدم: "لقد فعلنا ذلك لتنظيم القاعدة." وكما أشار كاليماتشي مساء الأحد على تويتر، ف بلمختار -الذي سمى اسمه تيمنًا باسم أسامة بن لادن-بالغ في التأكيد على ولائه لتنظيم القاعدة المركزي، وتعهد مرارًا بالولاء لزعيم القاعدة أيمن الظواهري. يبدو إنه فقط لم يرد التعامل مع الإدارة المحلية الوسطى."

وترى كاثي جيلسنان في مقالها المترجم على موقع "رأقب" المتخصص أنه:» قد ينتج عن نجاح أمريكا في قتل قادة تنظيم القاعدة إعادة إنتاج هذه الأنواع من النزاعات حيث يتنافس الخلفاء على منصب داخل الجناح المحلي والتنظيم الأكبر. لقد قتلت الولايات المتحدة أكثر من مرة قادة الجماعة الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، حركة الشباب، التي واصلت شن هجمات، لتصل إلى أكبر عدد من القتلى لها حتى الآن في هجوم على جامعة جاريسا في كينيا هذا العام، حيث قتل 147 شخصا. حتى القاعدة في جزيرة العرب نفسها، والتي فقدت عددا من كبار القادة بالإضافة إلى الوحيشي هذا العام، فقد قامت بتوسيع نطاق الأراضي التي تسيطر عليها في اليمن.إذا فقد تنظيم القاعدة بالفعل اثنين من مديريها الموالين في الأيام الأخيرة، فمن المرجح أن يزيد ذلك من إعاقة قدرة الظواهري على التأثير على الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة على المستوى المحلي. ولكن القوة المحلية لتلك الجماعات هي التي ستحدد ما إذا كان هذا شيئًا جيدًا للولايات المتحدة".