تحصلت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية على تقارير استخباراتية سرية تكشف النقاب عن حقيقة التخوفات العميقة التي كانت تسيطر على المسؤولين الليبيين عام 2011 إبان الفترة التي كانت تسعى فيها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون لإزاحة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي من السلطة من خطر وصول السلاح للثوار المدعومين من الناتو والذين تربطهم علاقات بتنظيم القاعدة، ومن ثم العمل على خلق ملاذ آمن للإرهابيين في البلاد.
وأدرجت التقارير قائمة مكونة من 16 صفحة لأسلحة قام الليبيون بتمريرها كما هو مفترض للثوار من مصادر غربية أو من حلفائهم في المنطقة. وهي التقارير التي تم تأكيدها من قبل أناس يعملون بمجال المخابرات وعلى دراية بالوثائق وكذلك محمد إسماعيل الذي كان أحد أبرز مسؤولي نظام القذافي.
وورد في تلك التقارير الاستخباراتية أن حلف الناتو وافق على هبوط عدد من الطائرات المحملة بالسلاح في مطار بنغازي وبعض المطارات التونسية، وأن من بين تلك الأسلحة دبابات وصواريخ أرض –جو.
كما رصدت التقارير بعض شحنات الأسلحة التي تمت عن طريق البر والبحر والتي قامت برصدها أجهزة المخابرات الليبية، والتي كانت تعلم أنها تهدف إلى تمكين الثوار من إزاحة القذافي من السلطة.
كما شددت التقارير في السياق عينه على أن هناك ثمة علاقة وطيدة بين القاعدة، التنظيمات الإرهابية والمعارضة في ليبيا. وطبقا لما ورد بالتقارير وبعض المحادثات التي تم تسجيلها بشكل منفصل مع مبعوثين أميركيين، فقد عبر مسؤولون ليبيون عن بالغ تخوفهم من الأسلحة والتدريبات التي تمنح للثوار، من منطلق أن ذلك قد ينتشر للمنطقة بأسرها، وبالأخص تحويل مدينة بنغازي إلى ملاذ مستقبلي للإرهابيين والمتطرفين.
وهي المخاوف التي بدأت تُدرَك بعد مرور ما يزيد بقليل عن عام حين قام مسلحون جهاديون بمهاجمة المقر الدبلوماسي الخاص بوزارة الخارجية الأميركية في بنغازي بالإضافة إلى مقر مرتبط خاص بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهي الحادثة التي أسفرت بالفعل عن مقتل 4 مواطنين أميركيين، من بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.
والآن، وبعد مرور أكثر من 3 أعوام على سقوط ومقتل القذافي، ما تزال بنغازي وأجزاء عديدة في ليبيا تعيش حالة من الفوضى، إلى جانب العنف بين القبائل المتناحرة والجماعات الجهادية الناشئة هناك.
ولم تغفل الصحيفة الاشارة إلى أن هيلاري كلينتون، التي تفكر الآن في الترشح لانتخابات الرئاسة، كانت القوة المحركة داخل إدارة أوباما للتشجيع على تدخل الجيش الأميركي والمساعدة على الإطاحة بالقذافي.
وبرز من خلال التقارير الاستخباراتية كذلك أن ثمة مصدر استخباراتي تابع للبنتاغون أخبر السيد إسماعيل يوم الـ 24 من يوليو عام 2011 أنه على اتصال ببعض الأشخاص في بنغازي وأنهم أخبروه بأن أول شيء سيستغلوا فيه الأموال المساعدات التي يتلقونها هو شراء أسلحة ومعدات تدريب وكذلك مرتزقة. كما تبين من المعلومات التي وردت بتلك التقارير أن المخابرات الليبية رصدت قيام قطر، وهي حليف كبير للولايات المتحدة في المنطقة، بتسهيل وصول شحنات السلاح إلى ليبيا في تلك الفترة، وذلك على الرغم من حرص قطر الدائم والمتكرر على نفي اتهامها بتسليح الثوار.
وهي المعلومات التي أفصح عنها سيف الإسلام القذافي، الابن الأكبر للقذافي، خلال محادثة تم تسجيلها له في مايو عام 2011 مع دينيس كوسينيتش وهو ديمقراطي من ولاية أوهايو، حيث أشار خلالها سيف الإسلام كذلك إلى أن القطريين أنفقوا أكثر من 100 مليون دولار على ذلك الأمر وأنهم اتفقوا مع الثوار على اعادة تلك الأموال بمجرد وصولهم للحكم.
وأعقب سيف القذافي بقوله " وذلك ما يفعله القطريون مع كل دولة، وأن تلك هي خطتهم، وأجندتهم، وأنا أعني أن ذلك الأمر معلن وليس خفي، ونحن أيضا والفرنسيين والإنكليزي لدى كل منا أجندته، فأنت تعرف المصالح السياسية والتجارية، ولكل منهم مصالحه".
وقال نعمان بن عثمان، رئيس مؤسسة كويليام ومقرها بريطانيا، وهي مؤسسة بحثية تكرس جهودها لمكافحة التطرف الإسلامي، إن حلفاء الناتو كانوا على دراية بالعناصر الجهادية الخطرة التي تعمل في بنغازي قبل أن يبدأ التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، مشيرا إلى أن كثير من الجهاديين الذين كان يحتجزهم القذافي قد أطلق سراحهم بعد بدء الثورة.