يعتبر الكاتب والاعلامي المغربي ، الاستاذ عبد العزيز كوكاس ، شهر رمضان مناسبة لقراءة كتب عديدة اجل قراءتها بسبب الانشغالات اليومية خلال اشهر السنة ، كما ينجذب في الشهر الكريم الى السماع للقران الكريم و  والابتهالات.

ويتذكر معنا الاستاذ كوكاس ، رمضان الطفولة وبطبوط المرحومة رحمة والنفار وجلسات البحر خلال شهر رمضان في الصيف ،نص الحوار:

*هل علينا شهر رمضان المبارك بخصوصياته ويومياته الخاصة جدا، كيف تعيش هذه اللحظة او هذا الموسم الديني؟


يعتبر شهر رمضان الفضيل مناسبة للكثير من الكتاب مناسبة مواتية للكتابة، من جهتي يعتبر هذا الشهر مناسبة للقراءة بامتياز، فيه أستعيد تلك العلاقة الحميمة مع الكتب التي أظل أجلها في زحمة الاهتمامات والانشغالات اليومية والمهنية، يسمح لي شهر رمضان الكريم بقراءة كتب عديدة ومهمة، بمعدلات قياسية مقارنة مع الشهور الأخرى، وفي الكثير من المرات أشتهي أن يطول رمضان أكثر بسبب عدم انتهائي من قراءة الكتب التي خصصتها للشهر الفضيل.

* لشهر رمضان اجندته الخاصة اذ عادة ما يتغير الروتين اليومي للكثيرين، بالنسبة لكم كيف يمر يومك الرمضاني؟

رمضان بالنسبة لي ومنذ أن كنت في ربيعي الثاني، ارتبط بعادات جميلة جدا، فيها جانب الطقس الروحي الذي يعيشه كل المغاربة، تجذبني كل أصناف الموسيقى الدينية خاصة ذات المنحى الصوفي، أنصت إلى الصوت الجليل لأكبر قراء القرآن بشكل يومي، أفتتن بهذه الابتهالات الروحية التي تحملني إلى عمق المقدس، في محاولة لفهم السر الوجودي للكينونة، في هذا الشهر أقلل من التزاماتي المهنية وتحركاتي خارج البيت تكاد تصل درجة الصفر، ثلثي الوقت في رمضان أقضيها في مكتبتي. ما اعانيه دوما في رمضان هو قلة النوم. على عكس ما هو معروف لدى الناس خلال شهر رمضان.

*هل يؤثر رمضان على عملك وأنشطتكم اليومية؟

أبدا، بالعكس إنني أحيانا، بعد أن يقترب الشهر الكريم من الانتهاء، وأجد نفسي لم أنتهي من مشاريع عديدة بدأتها، أتمنى أن يطول أكثر، مع ضرورة الإشارة إلى أنني لا أكتب خارج الواجبات المهنية حرفا واحدا في رمضان.. ربما بحكم العادة كنت دوما أميل إلى التأمل في مساري الذي عبرته، أين أخطأت وأين أصبت، وكيف يمكن أن أتدارك ما فاتني هنا وهناك في علاقتي بذاتي أو بالله أو بالمحيطين بي... لم يكن رمضان بالنسبة لنا نحن الذين خبرنا الجوع مناسبة لنحس بالآخرين، فنحن هم الآخرون، لذلك لم أكن يوما مثل دابة مربوطة عن شهوة البطن والفرج في رمضان، أنصت بقوة إلى ذلك الصوت العميق في الوجود الذي ينطق همسا عبر كل المخلوقات برائحة الله.

* لكل منا ذكريات مع أيام الصيام الأولى او الصيام خارج الوطن، ما هي أكثر الذكريات رسوخا في ذهنك بهذا الخصوص؟

ذكريات رمضان التي تثيرني كثيرا تعود إلى أيام الطفولة في أحيائنا الشعبية، كنا بعد الفطور نخرج للعب في الحي حتى مرور الطبال أو النفار موعد السحور، ونحن نعود منهكين إلى المنزل، تنعش أنفسنا تلك الرائحة المنبعثة من راس الدرب، للبطبوط الذي كانت تعده الأم رحمة الله عليها على الفراح وأعواد الخشب، تتحلب افواهنا من الاشتهاء للبطبوط اللذيذ مع الزبدة والشاي الذي كان زادنا في سحور أيام زمان، وإذا صادف رمضان الصيف، فإننا لم نكن نغادر البحر منذ أن نستيقظ حتى قرب آذان المغرب، كنا سعداء في أوطيل مولانا.

* رمضان شهر يتميز بالإقبال على القراءة، ماذا تقرأ في رمضان؟

بالفعل، مع كل شهر رمضان، أخرج تلك الكتب الهامة التي لا يمكن أن تقرا على عجل، أو في زحمة انشغالات اليومي في شهر رمضان، خاصة الروايات والدواوين الشعرية، حيث أصبح مثل أرضة ألتهم كل ما كنت أؤجل إلى حين اتساع الوقت، هذا التآلف بين الميل للغذاء الروحي والصيام هو ما يملأ يومي وليلي في شهر رمضان الكريم

*شهر رمضان موسم ديني تتوحد فيه البلدان والجاليات الإسلامية عبر العالم، لكن يبقى لكل بلد أو منطقة خصوصياتها الخاصة ، ماذا يميز بلدكم أو منطقتكم عن غيرها؟

ما يميزنا كمغاربة في مجال الصوم هو قدسية هذا الركن من الإسلام وأهميته حتى قياسا لأركان أخرى سابقة عليه، لذلك أصبح شهر رمضان طقس احتفالي، ثقافي واجتماعي وديني محمل بالرمزيات، مصالحة الناس مع واجباتهم الدينية، حضور البعد الروحي بقوة في الطقوس والعادات اليومية، لا تنغصها سوى شراهة الاستهلاك المفرط في هذا الشهر الفضيل.