تحاول التنظيمات الجهادية في دول المغرب العربي، بسط نفوذها وفرض سيطرتها لتحقيق أهدافها المتمثلة أساسا في إقامة دولة الخلافة، ويختلف المنهج الجهادي بين الجماعات المتشددة وهو ما تسبب في صراعات بينها، وفي خلافات بين قياديّيها، ومثال ذلك تنظيم أنصار الشريعة الذي يحاول بمعية أبي عياض منافسة تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي الذي يعاني من حرب زعامات داخلية.

أكّد رضا بوكادى، سفير تونس في ليبيا، أمس، أنه لا توجد معلومات مؤكدة عن وجود زعيم تيار أنصار الشريعة سيف الله بن حسين المكنى بأبي عياض، بمدينة درنة الليبية والتي تسيطر عليها عناصر من تنظيم أنصار الشريعة الليبية.

وأضاف أن القائم بالأعمال الأميركي في ليبيا أكد له أن خبر وجود زعيم تيار أنصار الشريعة في درنة عار من الصحة وأنه تمّ الكشف عن الهوية الكاملة للشخص الذي سرّب المعلومة وهو تونسي الجنسية.

و حول عملية القبض على أبي عياض شدد السفير التونسي، في تصريح إذاعي، على عدم وجود معلومات حقيقية عن قيام القوات الأميركية بالقبض عليه في الأراضي الليبية.

وأوردت صحيفة المحور الجزائرية، أمس الأوّل، أن أبا عياض، التقى قبل أيام بدرنة الليبية مرفوقا بأبي بكر الحكيم، المتهم الرئيسي في اغتيال المناضل التونسي محمد البراهمي، عددا من مقاتلي داعش (الدولة الإسلامية بالعراق والشام) العائدين من جبهات القتال في سوريا والعراق لتشكيل قيادة موحدة للجماعة الإسلامية تحمل اسم «دامس» أي الدولة الإسلامية بالمغرب الإسلامي.

توماس ساندرسون: نفوذ داعش يهدد دول شمال أفريقيا خاصة تونس والجزائر وليبيا

وتعمل هذه القيادة تحت إمرة القيادة المركزية للتنظيم (داعش)، ليكون منافسا لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي الذي يعيش انقسامات حادة وحرب زعامات بين أميره عبد القادر دروكدال ومختار بلمختار الذي انشق عنه وكوّن جماعة “الموقعون بالدم”.

الجدير بالذكر أنه سنة 2012 وفي تطور مفاجئ أعلن تنظيم القاعدة إقالة بلمختار عن قيادة كتيبته بأمر من زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبدالمالك دروكدال، وذكرت وكالة الأسوشيتد برس، أنها عثرت في تومبكتو على وثيقة بها قرار إقالة بلمختار، نشرت تفاصيلها للمرة الأولى في 29 مايو سنة 2013.

واستعرضت الوثيقة أسباب الخلافات بين المعسكرين الإرهابيين، متهمة بلمختار بأنه “أكبر عائق في وجه توحيد المجاهدين في الصحراء”، وأيضا تجاهله أوامر التنظيم المركزي للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالجزائر، وتكشف الرسالة عن عمق الشجارات والصراعات الداخلية في صلب الشبكة الإرهابية حول دفع الفديات.

واعتبر محللون سياسيون، أن السبب الحقيقي وراء انشقاق بلمختار عن التنظيم جاء بعد قرار عبدالمالك دروكدال، بإنزال رتبته من رئيس لكتيبة الملثمين، الأمر الذي رآه بلمختار إهانة له، خاصة وأنه كان قد رفض عام 2007 تعيين دروكدال أميرا للتنظيم، مرجحا أنه لا يثق في عبدالمالك ويفضل عليه قياديين آخرين، كما لم يوافق على تعيين عبدالحميد أبو زيد “أميرا للصحراء” والذي كان على خلاف دائم معه ويصفه بأنه “لص مهرب تحول إلى مجاهد”.

وأمام تصدّع العلاقات واستفحال الصراعات بين قياديي تنظيم القاعدة، يحاول تنظيم أنصار الشريعة فرض سيطرته وذلك بالاصطفاف إلى جانب داعش لتوحيد صفوف الجهاديين وتقوية نفوذه حتى يكون التنظيم الجهادي الأكثر اقتدارا في المغرب العربي.

 

وأفادت تقارير إخبارية أن أبا عياض التونسي يلعب دورا محوريا في التواصل مع قياديي داعش لتشكيل قيادة موحدة للجماعة الإسلامية.

يشار إلى أن تنظيم أنصار الشريعة في تونس نشر في شهر يونيو الماضي، رسالة منسوبة لأبي عياض زعيم التنظيم أشاد فيها بما قال: “بطولات المجاهدين بالعراق”، داعيا إلى حوار توافقي بين “الفصائل الجهادية”.

وجاء في الرسالة التي عنونت بـ”من وحي فتوحات العراق”: “ندعو كل المتعاطفين ومشايخ وجنود التيار الجهادي إلى حُسن استغلال هذه “الفتوحات” في “تقريب وجهات النظر بين جميع الفصائل الجهادية التي تقاتل إعلاءً لكلمة التوحيد وسعيًا لتمكين الشريعة الإسلامية من أن تسود الأرض”.

وتأكيدًا لولائه لتنظيم القاعدة، دعا أبو عياض، أيمن الظواهري وأبو محمد الجولاني، إلى “أن يُعجّلا بمباركة تلك الفتوحات وما منّ الله به على إخوانهم في الدولة الإسلامية في العراق والشام، والفصائل الجهادية والعشائر السنية، وأن يثمر ذلك أمرا من قيادات التنظيمات المتقاتلة بوقف الاحتراب والصراع فيما بينها”.

وفي نفس السياق، حذر توماس ساندرسون، الخبير الأمني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، من أن نفوذ داعش يهدد دول شمال إفريقيا في إشارة إلى تشكيل التنظيم الجديد على غرار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي غير تسميته ليصبح الدولة الإسلامية.

وأضاف الخبير أن هذا التنظيم الإرهابي يحاول تجنيد مقاتلين في أكثر من بلد في جميع أنحاء العالم، موضحا أن التهديد يمس بالدرجة الأولى الجزائر وتونس وليبيا ودول الساحل الصحراوي.