بدأت الحرب الدائرة رحاها في ليبيا تتدحرج ككرة الثلج في اتجاهات متعددة تم اختيارها بدقة متناهية في سياق خطة وُصفت بـ”الجهنمية” رسمتها جماعة الإخوان بالتنسيق مع قطر وتركيا بهدف جر ليبيا إلى بركان قد تطال شظايا حممه دول الجوار من مصر إلى الجزائر مرورا بتونس.

وتخشى أوساط سياسية وأمنية ليبية وكذلك تونسية من نيران هذا البركان الذي يبدو أن انفجاره بات قريبا، بالنظر إلى تزايد التحركات “المريبة” لعدد من القيادات السياسية والعسكرية الليبية والتي تكثفت بشكل لافت خلال الأسبوع الجاري في تونس.

وعلمت “العرب” أن قيادات عسكرية ليبية موالية لجماعة الإخوان، وأخرى تابعة لتشكيلات ثوار الزنتان، وخاصة منها لواء القعقاع وكتيبة الصواعق، توجد حاليا في ضاحية قمرت بشمال تونس العاصمة التي وصلها في وقت سابق عدد من النواب المنتخبين في مجلس النواب الليبي الجديد، وشخصيات معروفة بقربها من إخوان ليبيا، بالإضافة إلى بعض المستقلين والوجوه المحسوبة على التيار الليبرالي في ليبيا.

واختارت القيادات العسكرية والشخصيات السياسية الموالية لجماعة الإخوان الإقامة في فندق ريجنسي، بينما اختارت الوجوه الأخرى الإقامة في فندق موفنبيك، فيما توزع بعض النواب المنتخبين من المستقلين على الفندقين.

وقال مصدر أمني تونسي لـ”العرب”، إن التواجد الليبي في الفندقين المذكورين “أصبح لافتا ومثيرا للاستغراب منذ الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات التشريعية الليبية”، حيث ارتفع عدد الليبيين هناك دون بقية الفنادق الأخرى في ضاحية قمرت.

وامتنع المصدر الأمني الذي طلب عدم ذكر اسمه، عن تقديم قراءاته لهذه المسألة، ولكنه كشف أن “عناصر قطرية وتركية، وقيادات معروفة في حركة النهضة الإسلامية التونسية سُجل ترددها على الفندقين، وإجراؤها لقاءات ليلية مع البعض من الليبيين”.

وأضاف بلغة اتسمت بالكثير من الحذر والتحفظ، قائلا “الأمر ليس عاديا ولا طبيعيا، هناك طبخة ما يتم تحضيرها، والله يستر تونس من الآتي من ليبيا خلال الفترة القادمة، القريبة جدا”، على حد تعبيره.

سامي عاشور: الإخوان يشنون معركة سياسية بقوة السلاح

وبحسب أوساط ليبية وتونسية، فإن هذه التحركات تنم عن تطور بالغ يتم التحضير له قد تتضح معالمه بعد عيد الفطر، ارتباطا بالمعركة الدائرة منذ أسابيع في ليبيا، وبنتائج الانتخابات التشريعية التي كشفت عن فشل الإخوان في البقاء في دائرة التأثير.

وفي سياق هذه التوقعات، لم يستبعد المحلل السياسي الليبي سامي عاشور، أن تكون جماعة الإخوان قد حسمت أمرها لجهة الحفاظ على دورها مهما كان الثمن، ولو أدى الأمر إلى حرق الأخضر واليابس في البلاد.

وقال في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن “الحرب التي تدور رحاها في طرابلس هي معركة سياسية بقوة السلاح والعتاد، وهي عبارة عن رسالة من التيار الإسلامي مفادها أن البقاء للأقوى، وأنه ليس في وارد التسليم بهزيمته في الانتخابات”.

واعتبر أن التيار الإسلامي الذي سيطر على المؤتمر الوطني السابق من خلال عملية شراء الذمم، قد يُعاود نفس السيناريو بالنسبة إلى مجلس النواب الجديد، ولكن إذا فشل في ذلك فإنه لن يتورع عن دفع البلاد نحو فوهة بركان واسعة”.

ويتقاطع هذا التوقع مع معلومات سابقة أوردتها تقارير ليبية وعربية مفادها أن جماعة الإخوان تحاول شراء ذمم عدد من المستقلين من النواب الذين فازوا بالانتخابات الماضية، حتى يتسنى لها الحفاظ على هيمنتها على مجلس النواب الجديد.

وأشارت إلى أن قطر أبدت استعدادها لتمويل عملية شراء الذمم، حيث رصدت أموالا طائلة لهذه الخطة من الصندوق السري الذي لديه جملة من الحسابات السرية في عدد من البنوك الأوروبية لتمويل جماعة الإخوان والشبكات “الجهادية”.

وكانت مصادر مطلعة كشفت في وقت سابق أن هذا الصندوق الذي تديره شخصية قطرية بارزة، وأن مهمته تحويل الأموال عبر شخصيات أوروبية وجمعيات خيرية، وواجهات تابعة للتنظيم الدولي للإخوان.

وقد استخدمت أموال هذا الصندوق في شراء ذمم عدد من النواب المستقلين خلال الانتخابات الماضية، وذلك عبر صفقة باتت تُعرف بـ”صفقة كرطاغو”، نسبة إلى فندق كرطاغو بضاحية قمرت التونسية الذي أبرمت فيه هذه الصفقة.

ويرى سامي عاشور أن تكرار سيناريو الانتخابات الماضية، أمر وارد، ولكن الأخطر أن التيار الإسلامي وضع خطة بديلة في صورة فشل هذا السيناريو، منها المعركة الدائرة حاليا للسيطرة على المطار، وهي “معركة مرهونة بحل المجلس الجديد أو شراء الأصوات التي تدعي استقلاليتها حتى يسيطر التيار الإسلامي من جديد ».

 

عن « العرب » اللندنية