تحاول السلطات الجزائرية إنقاذ ما تبقى من قطاعها السياحي الذي يعيش أسوأ فترة في تاريخه على الإطلاق، وحتى في أثناء فترة الأزمة الأمنية في عقد التسعينيات حيث لم ينخفض عدد السياح في مناطق مثل تاسيلي أزجر والأهقار أقصى جنوب الجزائر إلى هذا المستوى.

وحسب مصادر أمنية وعاملين في قطاع السياحة فإن السلطات الجزائرية قررت تكليف قوات مشتركة من الدرك الوطني الجزائري (تابعة لوزارة الدفاع) والجيش والشرطة لحماية الأفواج السياحية في أقصى الجنوب الجزائري أثناء عطلة أعياد رأس السنة.

وجاء هذا لطمأنة السياح الأجانب بعد حادثة تعرض السائح الفرنسي هيرفي غوردال للخطف على يد جماعة مسلحة مرتبطة بتنظيم "داعش" يوم 24 سبتمبر/ أيلول الماضي بمحافظة تيزي وزو، (شرق).

ويتنقل سنويا عدد كبير من السياح الأوروبيين إلى منطقة الأهقار أقصى جنوب الجزائر من أجل الاستمتاع بأحد أكثر مناظر غروب الشمس إثارة من أعلى قمة جبال "الإسكرم" في محافظة تمنراست الجنوبية، ورغم المخاطر الأمنية في المنطقة إلا أن عددا من السياح حافظوا على عادة التنقل للمنطقة.

ويختلف الوضع هذه السنة كثيرا عن السنوات الماضية حيث يقول أصحاب الشركات السياحية إن عدد السياح الأجانب الذي قرر زيارة الجزائر انخفض إلى بضعة مئات.

وقال علالي عمر، مدير شركة سياحية في تمنراست، إن "السلطات يمكنها أن توفر الحماية للسياح الأجانب بإتباع إجراءات بسيطة، ولكن قبل هذا لابد من عودة الثقة إلى السائح الأجنبي الذي يتخوف من زيارة الجزائر بناء على تقارير تلفزيونية مغرضة".

وأشار في حديث لوكالة الأناضول إلى أن "السياحة في الجزائر أمامها فرصة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال موسم أعياد رأس السنة السياحي القادم حيث لابد أن يشعر السائح بالأمان الكامل حتى تعود شركات السياحة الأوربية للتعاقد مع نظيراتها في الجزائر".

وتوقع عمر تراجع نسبة إقبال السياح على جنوب الجزائر هذا العام بقرابة 50 بالمائة عن العام الماضي، وهو ما يعادل 3 آلاف سائح بالنظر لأرقام وزارة السياحة الجزائرية التي أكدت توافد 6 آلاف سائح أجنبي على الجنوب العام الماضي.

من جانبه، قال سليمان طحرا، عضو غرفة الصناعة التقليدية والسياحة في محافظة تمنراست: "اتفقنا مع السلطات الأمنية والإدارية هنا على توفير قوات أمن كافية لتأمين المواقع السياحية في المنطقة".

وأوضح أنه "تقرر أن تتعاون 3 أجهزة أمنية لحماية السياح الأجانب في الجنوب الجزائري وهي قوات الجيش الجزائري التي ترابط في موقع بعيدة في محيط المناطق السياحية في الجنوب وتعمل على مراقبة المنطقة من بعيد وقوات الدرك الوطني الجزائري التي توفر المواكبة الأمنية للسياح أثناء تنقلاتهم وقوات الشرطة الجزائرية التي توفر حماية دائمة للفنادق ومراكز إقامة السياح الأجانب".

وأضاف طحرا أن "هذه الإجراءات ستجعل شركات السياحة الأجنبية تقتنع بمدى جدية السلطات الجزائرية في موضوع حماية السياح".

وقال مصدر أمني جزائري طلب عدم الكشف عن هويته إن "الأمن الجزائري والدرك جندا 4 آلاف عنصر أمن لحماية المناطق السياحية من أية أعمال إرهابية".

وقدمت المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي مشروعا لإنشاء شرطة تتخصص بحماية السياح الأجانب في المناطق السياحية بالجزائر، وتدرس وزارة الداخلية مشروعا لإنشاء فرع أمني جديد تابع للأمن الوطني يسمى شرطة السياحة، حسب المصدر الأمني.

وأشار إلى أن "عودة السياح الأجانب إلى الجزائر يحتاج لتوفير ضمانات أمنية أكبر خاصة وأن المناطق السياحية في الجزائر وأغلبها موجود في أقصى الجنوب قرب دول مضطربة مثل جمهورية مالي وليبيا تتعرض للتهديدات الإرهابية".

ويبدأ الموسم السياحي، جنوب الجزائر، في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من كل سنة حيث تستقبل بعض المناطق آلافا من السياح الأوروبيين الذين يرغبون في زيارة مناطق تاسيلي ناجر والأهقار في أقصى الجنوب الجزائري رغم التهديدات الأمنية التي تتعرض لها هذه المناطق.

ويوظف قطاع السياحة في الصحراء الجزائرية ما بين 10 و15 ألف عامل في المنشآت السياحية والنشاطات المتعلقة بها في فصلي الشتاء والربيع حيث يقصدها سياح أجانب نظرا لمناخها المناسب في هذه المرحلة.