أكد الناشط بالمجتمع المدني أحمد قليوان، وهو أحد سكان الجنوب، أن منظمات المجتمع المدني تأثرت بالأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بالبلاد، لافتا إلى أن تلك المنظمات بحاجة إلى تشريع قانون ينظم عملها ويسمح لها بتنفيذ برامجها وفق التشريعات الليبية حيث أنها تعمل بقانون قديم لا يوضح آلية عمل منظمات المجتمع المدني في ليبيا.

وللمزيد من التفاصيل حول دور منظمات المجتمع المدني في دعم الفئات الضعيفة والهشة في ليبيا مثل المرأة والطفل وكبار السن، كان لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الناشط بالمجتمع المدني أحمد قليوان... وإلى النص: 


-بداية.. كيف تقيم الأوضاع الاجتماعية الليبية في ظل ما تشهده البلاد من أوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة؟ 

حالة الانقسام السياسي المستمرة في البلاد على مدى السنوات الماضية، واستمرار الصراعات المسلحة وازدياد حدتها مؤخرا، جلها أشياء تسببت في إصابة الاقتصاد والخدمات العامة بالإنهاك، كما انعكس تأثيرها على معظم القطاعات الخدمية المهمة مثل قطاع الصحة وقطاع التعليم، ونتج عنها أضرار لا حصر لها مثل انعدام انفاذ القانون والقضاء، والنزوح الداخلي للعائلات وهجرة الأسر الليبية إلى خارج البلاد وغيرها. 


-إذا بدأنا بالطفل.. كيف تأثر الطفل الليبي بشكل عام بتلك الظروف والأوضاع المعيشية الصعبة؟ 

أن حجم الضرر الذي خلفته الأزمة الليبية على الأطفال كبير جدا، وتظهر نتائجه على الأجيال الحالية كما ستتفاقم أكثر على الأجيال القادمة وذلك إن لم يتم وضع استراتيجية وطنية للتخفيف من هذه الأضرار ومعالجة المتضررين منه، ومعظم التقارير المنظمات الإنسانية التي تطرقت لهذا الجانب تشير إلى عدم توفر بيانات وإحصائيات دقيقة لأعداد الأطفال والحالات المتأثرة من النزاعات في ليبيا، لكن بشكل عام فأن استمرار الصراعات المسلحة لها انعكاساتها وآثارها على الأطفال من حيث الصحة النفسية للأطفال وضعف الرعاية الطبية ومخاطر الآثار النفسية والمتمثلة في الاضطرابات السلوكية مثل التنمر والتبول اللاإرادي والخوف وعدم الشعور بالأمان، وشريحة كبيرة من الأطفال يعيشون ظروفا صعبة والأكثر تضررا منهم هم الأطفال المهجرين والنازحين داخليا وخارجيا. 


-ماذا عن فئتي المرأة وكبار السن؟ 

المرأة وكبار السن يصنفون من الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، حيث يحتاج كبار السن إلى الرعاية الطبية المتخصصة، وتحتاج السيدات على سبيل المثال إلى رعاية في فترات الحمل وما بعدها، ونتيجة للأوضاع الصعبة في ليبيا لا تتحصل هذه الفئات على الرعاية الطبية اللازمة لهذه الفئات، ومن الجانب الاجتماعي تم رصد ازدياد معدلات حالات الطلاق بنسبة كبيرة وازدياد حالات الاضطرابات النفسية في ليبيا خلال الآونة الأخيرة.

ويجب أن نشير إلى أمر ضروري وهو أم الروابط الاجتماعية في المجتمع الليبي قوية جدا، لذا فأن أي ضرر لا يطال فقط أولئك المتواجدون في مواقع الاشتباكات والنزاعات فقط، بل يطال الجميع القريب والبعيد حيث أن الصراع السياسي والحرب النفسية التي تزرعها القنوات الإعلامية في نفوس الليبيين تشمل الجميع ويصل أثرها حتى على من هم مقيمين في خارج ليبيا. 


-حدثنا عن الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الجنوب.

حالة الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الجنوب الليبي من سيء إلى أسوء، حيث لم يحظى الجنوب قديما كما لم يحظى حديثا بأي نوع من أنواع الاهتمام من قبل الحكومات التي توالت على الساحة الليبية، وتعتبر الأوضاع الأمنية والاقتصادية  في الجنوب الليبي خلال السنوات الأخيرة هي الأسوء، حيث لا يتوفر الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للمواطن، مع تفاقم أزمة غلاء الأسعار في جميع السلع مقارنة بالمناطق الأخرى، وأزمة الوقود ووصول سعر لتر البنزين إلى 3 دينار واسطوانة غاز الطهي إلى 50 دينار، بالإضافة إلى غياب المؤسسات الأمنية مما أعطى الفرصة للمجرمين القيام بعمليات السطو المسلح والخطف والقتل، كذلك ومع غياب الأمن أصبح الجنوب الليبي ملاذ للعصابات المسلحة الخارجة عن القانون والقادمة من دول الجوار والمجموعات الإرهابية التي فرت من مدينة سرت. 


-ماهي أبرز الأزمات المعيشية التي يعاني منها أهالي مدن الجنوب الليبي؟ 

الأزمات المعيشية في الجنوب كثيرة ولكن أبرزها هي حالة البنية التحتية المتهالكة، والتي يمكن ملاحظتها في مدينة سبها حيث تعاني المدينة منذ 3 سنوات من طفح مياه المجاري ولم يتم معالجة هذه المشكلة إلى الآن، بالإضافة إلى غلاء الأسعار وضعف الخدمات المصرفية، وضعف خدمات الرعاية الصحية. 


-ماهو دور مؤسسات المجتمع المدني لدعم المواطنين في تلك الظروف الاستثنائية لليبيا؟ 

مؤسسات المجتمع المدني تقع عليها مسؤولية كبيرة خلال هذه المرحلة التي تمر بها ليبيا، وذلك عبر القيام بدورها وخدمة الأهداف التي وجدت من أجلها، والتي هي في الأغلب تنحصر في علاج مشكلة أو المساعدة في حلها، وكذلك إيصال صوت المواطن والضغط على المؤسسات التشريعية والتنفيذية في مناصرة القضايا التي تخدم المواطن والمجتمع بشكل عام.

وتعمل منظمات المجتمع المدني الفاعلة في ليبيا، وهي قليلة مقارنة بالعدد الإجمالي الذي يصل إلى آلاف المنظمات، تقوم المنظمات الفاعلة التي منها من يعمل على الجانب الإنساني مثل (فريق الدعم النفسي الاجتماعي والهلال الأحمر الليبي) بالقيام بعملها وفق الإمكانيات المتاحة وتقوم منظمات أخرى مثل أندية المناظرات والحوار على اعداد الدورات والمسابقات، كما تقوم مؤسسات أخرى خيرية بعملها في رعاية الأيتام والأسر المحتاجة والمتضررة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وتقوم المنظمات الدولية بدعم برامج ومشاريع تنفذها المنظمات المحلية.


-هل مؤسسات المجتمع المدني قادرة على القيام بدورها.. أم تأثرت وتعاني هي الأخرى بسبب تلك الأوضاع؟ 

بالطبع تواجه المنظمات صعوبة في تنفيذ برامجها بسبب الفراغ الأمني، ومنظمات المجتمع المدني تعمل جاهدة على تمكين نفسها من القيام بدورها وأن تقوم بدورها تجاه المواطن والمجتمع.


-ما الاحتياجات التي يجب توفيرها لمؤسسات المجتمع المدني حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه؟ 

ما تحتاجه منظمات المجتمع المدني اليوم هو بناء القدرات، وخاصة للمنظمات التي تم إنشاؤها حديثا وأيضا زيادة خبرة المنظمات الأخرى في مجال إدارة المنظمة وكتابة المشاريع ورسم الخطط، وكذلك تنتظر منظمات المجتمع المدني في ليبيا تشريع قانون ينظم عملها ويسمح لها بتنفيذ برامجها وفق التشريعات الليبية حيث تعمل بقانون قديم لا يوضح آلية عمل منظمات المجتمع المدني في ليبيا.


هل هناك رسالة أخيرة ... وإلى أي طرف توجه له تلك الرسالة؟

أوجه رسالة إلى جميع الأطراف المعنية بالأزمة الليبية وأناشدهم بضرورة تغليب مصلحة الوطن، وحقن الدماء، فمازال هناك متسع من الوقت لضبط الأولويات وإيجاد استراتيجية للخروج من الأزمة المحدقة بالبلاد والوصول إلى مرحلة الأمن والاستقرار.