أصدر المدعي العام في لبنان أمر اعتقال بحق هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي سنة 2015. وقال قاضي لبناني إن هانيبال متهم بالتكتم على معلومات بشأن اختفاء رجل الدين الشيعي البارز اللبناني موسى الصدر قبل 37 عاما. وكان الصدر قد اختفى أثناء زيارته إلى ليبيا عام 1978 بصحبة شخصين آخرين.

ونفى العقيد القذافي اتهامه بالوقوف وراء اختفاء الصدر، لكن ثمة اعتقاد كبير بأنه أصدر أوامر بإعدام الصدر. وقد تسلم الأمن اللبناني هانيبال قبل أيام بعد اختطافه في منطقة بعلبك شرقي لبنان، من قبل مجهولين. واستمع القضاء إلى هانيبال في بداية الأمر بصفته شاهد في القضية، إلا أنه تم توجيه الاتهام بالتكتم على معلومات القضية، بعد اعتباره لم يتعاون فيها.

إدانات لبنانية

قال وئام وهاب، المستشار السياسي السابق للأمير اللبناني طلال أرسلان، ووزير البيئة في حكومة عمر كرامي، والرئيس الحالي لحزب التوحيد العربي لصحيفة المتوسط الليبية، إن استمرار حبس الابن الرابع للقذافي، هانيبال، ظالم ومجحف قانونيًا. جاء تصريح وئام وهاب، من خلال تغريدة على صفحته الرسمية، على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تساءل  فيها عن عدم إصدار القضاء اللبناني أمر إطلاق سراح الكابتن هانيبال بعد. الجدير بالذكر أنه في 21 مارس الماضي، حُكم على هانيبال من قبل محكمة بيروت برئاسة  القاضية رولا الحسيني والمستشارتين كارلا شواح وغريس طايع، بالسجن لمدة سنة وثلاثة أشهر، بالإضافة إلى غرامة مليوني ليرة لبنانية.

كرونولوجيا المحاكمة

جاء الحكم في أعقاب الحكم الصادر عن محكمة العقوبات اللبنانية التي أسست الإفراج عن هانيبال، الذي أدين هذه المرة بتهمة «ازدراء القضاء»، وفقاً للمادتين 383 و 386 من قانون العقوبات المحلي. وكان هانيبال القذافي وزوجته، قد تحصلا على اللجوء السياسي في سوريا بعد سقوط نظام القذافي. وفي 11 ديسمبر 2015، نصبت عناصر مسلحة تابعة للنائب اللبناني السابق حسن يعقوب كمين لهانيبال القذافي، حيث خُطف ونُقل إلى لبنان، وتعرض للتعذيب.

وكانت قوات الأمن اللبنانية قد أفرجت عنه أولاً من الخاطفين، ثم ألقت القبض عليه،  وقدمته إلى القاضي الذي كان يُحقق في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، الذي اختفى في ليبيا عام 1978 مع اثنين من رفاقه، الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين.

وفي ما يخص عملية اختطاف الإمام موسى الصدر، اتهمت المحكمة اللبنانية الزعيم الراحل معمر القذافي في 21 أغسطس 2008.  في البداية، احتجزت السلطات هانيبال القذافي  لأنها اعتبرته شخصًا مطلعاً على الوقائع، رغم أنه في وقت خطف الإمام موسى الصدر ورفيقيه، كان عمره سنتين فقط.

وفي 11 يناير 2016 ، بعد شهر واحد من الكمين ، بثت محطة تلفزيون الجديد اللبنانية فيديو يظهر هانيبال القذافي مع آثار الضرب والتعذيب، بما في ذلك كدمات على الوجه وكدمات على العينين والجسد. وقال محاموه إن هانيبال القذافي تعرض لأسوأ أنواع العنف، بما يتعارض مع جميع الأنظمة الدولية وجميع الأنظمة المتعلقة بالحقوق الأساسية للإنسان والمواطن.

في مقابلة حصرية مع صحيفة «نوتيتزي جيوبوليتيكي» .«الأخبار الجيوسياسية» الإيطالية، قالت زوجته ألين سكاف: "أطلب فقط أن أتمكن من زيارة بلدي، وأمي. يعاني أطفالي، ويرغبون في رؤية والدهم، ويريدون أن يشعروا مثل جميع أصدقائهم ويعيشوا حياة طبيعية. ندعو المنظمات الإنسانية لزيارة هانيبال، واتخاذ تدابير فورية وضرورية لإطلاق سراحه بلا قيد أو شرط".

خلل إجراءات الإعتقال

قال الدكتور خالد الزايدي، محامي عائلة القذافي، أن اعتقال هانيبال القذافي في لبنان جاء نتيجة فكر طائفي، واصفا حالة اعتقال هانيبال القذافي، بأنها تصور خيالي يوقع بسمعة واستقلال القضاء في لبنان. وأضاف الزيدي، في تصريح لـسبوتنيك اليوم الاثنين 23 يوليو/ تموز: عندما تم اتهام هانيبال القذافي بالاشتراك في حادث اختطاف موسى الصدر، ورفيقه وكتم المعلومات في هذه الواقعة وهو وقتها كان يبلغ من العمر عامان، ثم اتهامه بالاشتراك في واقعة اختطاق الدكتورحسن الحبيش، التي تمت أثناء فترة اعتقاله لدى السلطات اللبنانية ومحروما من الزيارات ووسائل الاتصال وموضوع تحت المراقبة بوضع الكاميرات في مقر محبسه وكأنه رجل السوبر مان.

وحول طريقة إلقاء القبض على هنيبال القذافي، قال الدكتور خالد الزايدي، إن هنيبال القذافي موقوفا، منذ أن قامت عصابة مسلحة تابعة لحسن يعقوب، عضو مجلس النواب اللبناني، باختطافه من الأراضي السورية، التي كان يقيم فيها كلاجئ سياسي، لافتا إلى تعرض هانيبال للتعذيب وإدخاله بصورة غير شرعية إلى الأراضي اللبنانية حتى تسليمه إلى فرع المعلومات بتاريخ 10 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

وتابع الزايدي قائلا: بتاريخ 14 ديسمبر في ذات العام، بدأ  المحقق العدلي بالاستماع إلى السيد هنيبال القذافي، كشاهد في ظل وجوده غير الشرعي وبغير إرادته على الأراضي اللبنانية، ثم استمع إليه كمدعى عليه في قضية اختفاء موسى الصدر ورفيقيه دون أن يكون مطلوبا بالاستماع إليه من قبل المحقق العدلي، وقبل خطفه للأسف أصدر مذكرة توقيف بحقه بجرم كتم المعلومات عن واقعة اختفاء موسى الصدر. استناداً لنص المادة 408 في حين أن المادة 410 من قانون العقوبات اللبناني لا يعاقب وتمنع صراحة ملاحقة الفرع عن كتم معلومات تتعلق بجريمة متهم بها أصله معمر القذافي، كما أن هانيبال القذافي كان يبلغ من العمر عامين وقت حدوث الواقعة حيث إنه من مواليد عام 1976 وأن واقعة اختفاء موسى الصدر 1978 يعني التصور الخيالي بوصفه الطفل المعجزة يرتكب ويشاهد ويميز هذه الوقائع وهو عمر سنتين.

وأوضح الزايدي أنه بغياب أي ادعاء أو اتهام من النائب العام التميزي لم تحرك الدعوى الجنائية ضد هانيبال نتيجة استجوابه كشاهد ثم كمدعى عليه، ولم يصدر أية مذكرة توقيف ضده بل على العكس من ذلك عندما عرضت عليه الأوراق كتب على الملف عبارة لا نطلب شيئا فى الوقت الحاضر، مضيفا: ومع إصرار المحقق العدلي الشيعي زاهر حمادة في استمرار استجواب هانيبال واستمرار اعتقاله بدا الأمر لنا من البداية أن المحقق العدلي قاضيا غير موضوعي، فضلا عدم صلاحية قاضي التحقيق زاهر حمادة في تحريك الدعوى الجنائية من تلقاء نفسه دون وجود ادعاء من النائب العام التميزي.

والسبب الثاني أنه تم تعيين محقق عدلي للتحقيق في الوقائع المحالة إليه بموجب المرسوم والإحالة، رغم أنه في عام 2008 أنهى المحقق العدلي تحقيقاته عن الواقعة وأصدر قرار الاتهام وأحال المتهمين فيها إلى المحكمة الاستئنائية أو ما يعرف بالمجلس العدلي الذي يباشر في محاكمة المتهمين فارتفعت يد المحقق العدلي بفعل صدور قرار الاتهام عن كافة الافعال المحال إليه.

أما السبب الثالث فهو أن هانيبال القذافي لم يكن من الأشخاص الذين تناولهم قرار الاتهام ولم يكن مطلوباً فيها لا شاهداً ولا مدعى عليه، بل لم يتناوله التحقيق أصلا.

واعتبر الزايدي أن  القضاء اللبناني وجد نفسه محرجا لعدم وجود أساس قانوني لاحتجاز السيد هانيبال، مشيرا إلى  قيام صدر الدين الصدر، بشكوى بتاريخ 24/8/2016 مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي إلى المدعي العام التميزي ضد هانيبال لارتكابه جرم خطف موسى الصدر ورفيقه،  إلا أن النائب العام التميزي الذي يعتبر السلطة الوحيدة بتوجيه الادعاء، لم يحرك الدعوى الجنائية ضد هانيبال واكتفى مجدداً.

وحول موعد إطلاق سراح هنيبال، أوضح الزايدي أنهم لا يستطيعون معرفة وقت إنهاء هذا الوضع أو معرفة خروجة أو إطلاق سراحة في ظل تعطل القضائي خصوصا، فبعدما كان هانيبال مجني عليه أصبح هو الجاني،   فأطلق سراح المتهمين الذين قاموا بخطفه وتعذيبه واستمر حبسه ومن وقت خطفه حتى الآن، وفق تعبيره.