أكد المحلل السياسي المغربي إدريس قصوري أن العلاقة بين الجزائر والمغرب علاقة جوار تاريخية حضارية وهذه الأبعاد تفرض على البلدين أن يكونا في علاقة إيجابية جدا وأن يتعاونا لمصلحة شعوبهما وأضاف في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية ربما تكون هناك مشاكل  عابرة بين الدول بسبب المصالح لكن يجب البحث عن تقريب المسافات وإيجاد حلول لها وتقديم التنازلات.  

إلى نص الحوار: 

ملك المغرب، محمد السادس، دعا بعض الدول الحليفة لبلاده إلى توضيح موقفها بشأن قضية الصحراء المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو في أي سياق قرأت هذا التصريح؟

الملك يؤكد أن هذا المعيار هو الخيار الوحيد لأي دولة تريد أن تدخل في علاقات شراكة اقتصادية مع المغرب، خاصة وأن المغرب لديه رؤية واضحة في هذا الشأن لأنه صاحب حق وتاريخ وحضارة. 

المغرب كان من الدول العربية الأولى التي أرهقت الاستعمار وتمكنت من تحقيق الاستقلال  عام 1956 ، في السابق كان المقياس هو المقاومة أما اليوم فقد خرج المغرب إلى الآفاق الأكبر وأصبح المعيار هو تطوير وتحديث الدولة وتنميتها.

المغرب اليوم لديه موقع استراتيجي حاسم بالنسبة لإفريقيا وأوروبا وقد استطاع العمل بجدية في كل القضايا التي تؤرق العالم سواء ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والهجرة والمناخ وحقوق الإنسان ومحاربة التطرف وخلق شراكات اقتصادية متنوعة وكذلك التضامن مع الدول العربية والإفريقية 

برأيك.. ما الدول التي كان يقصدها ملك المغرب؟

لابد لفرنسا أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية وتعلن دعمها لموقف المغرب من قضية الصحراء  مثل الولايات المتحدة وأسبانيا وألمانيا التي تسير على هذا الطريق فلا يعقل أن تساوم فرنسا في الأمم المتحدة بين المغرب والبوليساريو الغير معترف بها من الأمم المتحدة  كما يقصد بريطانيا لأنها معنية بالمنطقة ولديها خرائط وأرشيف ويجب أن تعترف بحقوق المغرب وكذلك مختلف الدول الأخرى. 

ولابد من الإشارة إلى أن المغرب تحرر من قيود فرنسا وانفتح في تعاملاته الاقتصادية مع مختلف الدول، خاصة وأن فرنسا تاريخيا هي التي مزقت كيان المغرب لتحقيق مصالحها.

العاهل المغربي أعلن عن نيته إقامة علاقات طيبة مع الجزائر بعد سنوات من التوترات.. برأيك ما أهمية هذه الدعوة؟

هذه المسألة ليس فيها جانب سياسي يمكن أن يكون قابلا للتأويل فالعلاقة بين الجزائر والمغرب علاقة جوار تاريخية حضارية فهذه الأبعاد تفرض على البلدين أن يكونا في علاقة إيجابية جدا وأن يتعاونا لمصلحة شعوبهما 

روح التضامن والتعاون التاريخي التي كانت بين البلدين كانت هي التي ترسم ملامح العلاقة بين البلدين اللذين يفترض بهما أن يقودا قاطرة اتحاد المغرب العربي والمنطقة المغاربية وأن يكونا بوابة متينة للتكامل في إفريقيا وأوروبا. 

يفترض أن يتعاون المغرب والجزائر عوض أن يتعاون المغرب ودول أخرى في أوروبا فمن المعيب أن يكون البلدين الجارين على خلاف، خاصة وأن إفريقيا وأوروبا في حاجة للمغرب والجزائر إذا أحسنتا التعاون لفرض صوتهما معا على أوروبا حيث يمكنهما انتزاع شراكات كثيرة ويتخلصان من تبعات الاستعمار فإذا اتحدت كلمة المغرب والجزائر سيعملان بقوة على التفاوض مع إسبانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وستقوى كلمتهما في الأمم المتحدة والقارة الإفريقية 

في السياسة ربما تكون هناك سحب عابرة بين الدول بسبب المصالح لكن هذه المشاكل عابرة ويجب البحث عن تقريب المسافات وإيجاد حلول لها وتقديم التنازلات.  

هذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها ملك المغرب هذه الدعوة فقد وجهها في 2018.. فهل  ترى الأوضاع اختلفت؟

ربما يكون المتغيير الآن أن المغرب يدفع الكرة باتجاه الجزائر التي ستستضيف القمة العربية والتي كانت تخطط لإقصاء المغرب لكن عددا من الدول العربية أكدوا أن حضور المغرب ضروري لإنجاح القمة، وقد كانت هناك دعوات للوساطة بين المغرب والجزائر من أجل تقريب المسافات بين الطرفين كي تمر القمة في أجواء إيجابية وفي هذا السياق عبرت المغرب عن أنها ليس لديها مشكلة مع الجزائر وتقبل أي وساطة ومستعدة للشراكة الاقتصادية مع الجزائر دون شروط وكذلك التعاون في مختلف القضايا الطارئة كما أن هناك زيارة قريبة للرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى الجزائر وهناك أنباء عن أنه سيقترح لقاء إسباني مغربي جزائري لحل المشكلات القائمة وقد أرادت المغرب أن تؤكد أنها ليس لديها أي اعتراض على هذا الأمر

إلى أي مدى يمكن القول إن هناك آفاق تعاون ممكنة بين المغرب والجزائر في هذه المرحلة؟

يصعب الحدث عن التعاون في هذه المرحلة فيجب أولا وضع النقاط على الحروف وحل الأزمة لمصلحة الطرفين ومصلحة إفريقيا والمنطقة، فإذا تم حل الأزمة بشكل دائم ونهائي وبشكل موثق فسيكون هناك تعاون إيجابي بين الطرفين يحتذى به فهناك مؤهلات علمية وتقنية وخبرة وبنى تحتية وحوافز استثمارية لدى المغرب يمكن أن تستفيد منه الجزائر كما توجد أرض خصبة لدى الجزائر يمكن أن تستفيد منها المغرب كما يمكن تبادل السياحة بين البلدين، وفي المجمل يمكن القول إن آفاق التعاون واعدة لكن لا مجال للحديث عنها الآن.