لم تكن الجوائز، التي حصدها الفيلم المصري "فتاة المصنع"، بمهرجانات سينمائية، مؤخرا، وحدها ما يزهو به صناع الفيلم.لكن الزهو الأكبر كان بكسر حاجز "سينما نجم الشباك" في مصر بنجاحه في جذب الجمهور إلى دور العرض، رغم أن بطلة الفيلم ياسمين رئيس تخوض تجربة البطولة السينمائية لأول مرة.

وطرح فيلم "فتاة المصنع" بدور العرض، قبل نحو أسبوعين، لينجح في تخطي حاجز المليون جنيه (نحو150 ألف دولار)، وفق الشركة الموزعة، وهو رقم ليس بالقليل، إذا وضعنا في الاعتبار، أنه  طرح فقط في 19 دار عرض، وهو ما شجع الشركة المنتجة على الخروج به من القاهرة وعرضه في عدة مدن أخرى.

كما جرى ترجمة نسخ من الفيلم إلى اللغة الإنجليزية لعرضه بعدة عربية، تشتهر بإقامة العديد من الأجانب بها، وبينها الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والكويت، كما سيعرض قريبا في لبنان وسلطنة عمان والأردن، وفق صناع الفيلم.والفيلم للمخرج محمد خان؛ وقصة وسام سليمان، وبطولة ياسمين رئيس، وسلوى خطاب ، وسلوى محمد علي .

وتدور الأحداث بشكل متسارع، على إيقاع أغنيات الفنانة الراحلة سعاد حسني، حول "هيام" (ياسمين رئيس) التي تعمل بمصنع مع فتيات في مثل عمرها وجميعهن يحلمن بفارس الأحلام، وسط مجتمع ذكوري محيط بهن يكبل تلك الأحلام.لكن "هيام" تكسر تلك القيود ولا تنتظر الحبيب، بل تسير نحوه بخطى بريئة وجريئة، غير أنه لا يكترث لهذا الحب، فتواصل السير في هذا الطريق بشكل يجعلها محورا للحديث من زميلاتها بالمصنع واللاتي يتهمنها بـ"سوء السمعة".

ووصلت تلك الشائعات إلى جدتها لتستعين بصديقات لها لطرح "هيام" أرضا وثبتت إحدى قدميها، وسط صرخاتها المتصاعدة، وملامح وجهها تنطق بالشعور بـ"الذل والإهانة"، بينما كانت النسوة يقصن شعرها باعتبارها "جلبت العار" لأسرتها .ولا تجد البطلة أمامها سوى إلقاء نفسها من شرفة المنزل المتهالك، وتنقل إلى المستشفى لتكتشف الأسرة أنها لا تزال بكرا وليس كما تردد عن "سوء سمعتها".

وتصل الأحداث ذروتها قبل النهاية عندما تتجاوز "هيام" أزمتها وترتدي أجمل فساتينها وتذهب لحضور حفل زفاف حبيبها "صلاح" على فتاة أخرى، راقصة على أنغام أغنية لأم كلثوم، فتتعلق كل العيون بها وكأنها العروس .. قبل أن ينزل تتر النهاية معلنا عن نهاية قصة حب هيام المؤلمة، لكن جرأتها وتمردها على الواقع لم ينته.

يميز الفيلم عدم اعتماد على "نجم الشباك" لتحقيق الإيرادات، كما هو حال السينما منذ سنوات، لكنه اعتمد على توظيف خليط من الوجوه الجديدة، واصفة ذلك بـ"المغامرة"، التي حققت النجاح.كما ترى خير الله أن الفيلم خاطب جمهور السينما الحقيقي الذي يعشق الفن السابع ولا يذهب لدور العرض لمشاهدة "الراقصات وتجار المخدرات"، في إشارة إلى انتشار نوعية من الأفلام التي تتناول تلك الموضوعات مؤخرا.

ومن بين مزايا الفيلم، وفقا لخير الله، تصويره في أماكن مفتوحة تتحرك فيها البطلة بشكل تلقائي وطبيعي عكس الكثير من الأفلام التي تكتفي بالتصوير بالاستديوهات بدعوى الظروف الأمنية احلالية.ويشيد الناقد الفني إياد صالح باهتمام الفيلم بالتفاصيل الصغيرة في كل عناصره الفنية، ما نتج عنه حالة فنية مميزة منحت الفيلم روحاً وحياة .

كما أشار إلى أن البطلة ياسمين رئيس نجحت اختبارها الأول سينمائيا بإتقان فني يحسب لها، معتبرا أن اختيار الممثلين الثانويين كان "موفقا للغاية خصوصا فتيات المصنع، وهو ما افتقدناه خلال الفترة الماضية بالسينما.وأقيم العرض الأول للفيلم في الدورة العاشرة بمهرجان دبي السينمائي الدولي، التي أقيمت في ديسمبر/كانون الأول الماضي،  وحصلت بطلته ياسمين رئيس، على جائزة أفضل ممثلة ضمن مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان.

كما حصل الفيلم على جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسكي) للأفلام العربية الروائية الطويلة، ثم تلقى الفيلم استقبالاً دافئا من الجمهور المصري بعرضه في مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية في يناير/كانون الثاني الماضي.وشارك في انتاج الفيلم 7 جهات أبرزها وزارة الثقافة المصرية وصندوق "إنجاز" التابع لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وصندوق سند التابع لمهرجان أبوظبي السينمائي، فضلا عن مؤسسات أخرى.