انتقالية بلا نهاية وسط انعدام الأمن وشلل المؤسسات. وبين تفشي الجريمة وتصفية الحسابات السياسية والايديولوجية والمواجهات القبلية، اصبحت السلطات الانتقالية عاجزة عن مواجهة الوضع.ومنذ بضعة أشهر، يسود البلاد الفوضى والغموض وسط ازمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة تشل السلطة التنفيذية وتقسم التشريعية.

وعجزت النخب السياسية التي تتنازع من اجل السلطة في طرابلس، عن التوصل الى توافق حول مصير حكومة علي زيدان او خارطة طريق جديدة للمرحلة الانتقالية التي كان يفترض ان تنتهي في السابع من فبراير بعد المصادقة على دستور.ونظرا لعدم احراز عملية صياغة الدستور تقدما، اعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) مطلع فبراير تمديد ولايته حتى ديسمبر 2014 في قرار اثار انقسام الطبقة السياسية والسكان والمليشيات المسلحة.

وخرج آلاف الليبيين إلى الشوارع الأسبوع الفائت وهذا الأسبوع منددين بهذا القرار ومعتبرين ان ولاية المؤتمر قد انتهت ودعوا الى انتخابات عامة مبكرة. وتثير هذه التظاهرات مخاوف من تصعيد العنف لا سيما أن أبرز الأطراف المتنازعة مدعومة بمجموعات مسلحة لا تترد في استعمال أسلحتها لفرض قرار سياسي أو إقصاء خصوم.ويشكل "الثوار" السابقون هذه الميليشيات المختلفة الاتجاهات والانتماءات، بعد أن حاربوا قوات معمر القذافي حتى مصرعه في العشرين من اكتوبر 2011. واندلعت الثورة في منتصف فبراير 2011 من بنغازي، شرق البلاد، إثر تظاهرات غير مسبوقة ضد نظام القذافي.

ومنذ سقوط القذافي، تعتبر المليشيات مسؤولة على انعدام الأمن وتعطيل عملية إعادة بناء الدولة. ويزداد الوضع تعقيدا لأن السلطة التنفيذية تقريبا مشلولة في ليبيا حيث يخوض النواب الإسلاميون عملية شد حبال مع رئيس الوزراء علي زيدان ويطالبون باستقالته.وفعلا سحب الإسلاميون وزراءهم من الحكومة واصبحوا يعطلون من حينها مصادقة المؤتمر على تعديل وزاري اقتراحه رئيس الوزراء لتعويض الوزراء المستقيلين.ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر ودعت أطراف الأزمة إلى بذل كل الجهود من اجل "عدم تاجيج النزاعات التي قد تؤدي إلى سقوط البلاد في الفوضى". وزادت الأزمة السياسية السياسية الحالية في هشاشة الاوضاع الأمنية خصوصا في شرق البلاد حيث يغتال عناصر من اجهزة الأمن والقضاة تقريبا يوميا.

ومنذ سقوط نظام القذافي يشهد شرق البلاد وهو معقل إسلاميين متطرفين عشرات الهجمات على المصالح الغربية. وكان اعنف هجوم استهدف القنصلية الامريكية في بنغازي في سبتمبر 2012 وقتل خلالها السفير وثلاثة من مواطنيه.ولم تنج العاصمة الليبية التي تشهد تنامي الجريمة من أعمال العنف التي تستهدف بشكل خاص دبلوماسيين ومصالح اجنبية وصحفيين.ويثير انعدام الأمن مخاوف حول انتخاب المجلس التأسيسي المقرر اجراؤه في العشرين من فبراير.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يواجه هذا البلد الغني بالنفط احتمال اندلاع اخطر ازمة مالية بعد فشل السلطات في رفع تعطيل المواني النفطية في شرق البلاد المستمر منذ عدة اشهر والذي يحرم البلاد من مواردها الوحيدة.واعرب احمد محمود الاستاذ في العلوم السياسية عن التشاؤم الذي يشعر به قسم كبير من الليبيين في فترة ما بعد الثورة مؤكدا ان الشعب "لم يستفد من تحسن في مستوى المعيشة او ارادة صادقة في وضع حد للفوضى التي تسود البلاد".وقال إن "السنوات الثلاث الأخيرة تضاف الى 42 سنة من دكتاتورية معمر القذافي" معتبرا أن "ليبيا الجديدة بمثابة حاضنة انتجت عددا من اشباه القذافي" في إشارة إلى زعماء الحرب الذين يفرضون قوانينهم على البلاد.