يسعى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من خلال مبادرة أطلقها مؤخرا إلى كسر الجمود السياسي، وظهرت المبادرة بشكل غير مباشر في بداية مايو، ثاني أيام عيد الفطر، من خلال تعليق نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تتحدث عن تبون باعتباره "رئيسا جامعا للشمل" مشيرة الى أن الجزائر "بحاجة إلى جميع أبنائها للاحتفال سويا بالذكرى الستين للاستقلال" في الخامس من يوليو.

وتحدّث تبون عن مبادرة "لمّ الشمل" بشكل رسمي للمرة الأولى من تركيا التي زارها بداية الأسبوع الماضي. واعتبر أن، هذه المبادرة ضرورية من أجل "تكوين جبهة داخلية متماسكة"... وللوقوف على مستجدات الساحة الجزائرية ومبادرة لم الشمل، أجرت  بوابة إفريقيا الإخبارية هذا الحوار مع المحلل السياسي الجزائري إسماعيل خلف الله، وإلى نص الحوار: 


- قضية لم الشمل تدخل في إطار الصلح الذي هو أقصر طريق لحل أي مشكلة.

- الجزائر تعتمد في مقاربتها دائما على الحوار والمفاوضات والإلتقاء.

- لا يمكن مواجهة أي تحديات خارجية أن لم تكن هناك لحمة داخلية قوية.

إلى الآن لم تفصح عن المبادرة أي جهة رسمية عن المباردة.

- إذا تمثلت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة فستنجح مباردة الرئيس الجزائري.


بداية.. ما هي تفاصيل مبادرة "لم الشمل" التي تحدث عنها الرئيس الجزائري؟

قضية لم الشمل تدخل في إطار الصلح الذي هو أقصر طريق لحل أي مشكلة كانت، وانطلاقا من قاعدة "الصلح خير" فاعتقد أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ينطلق من هذا الأمر، ثم إذا نظرنا إلى السياسة الخارجية للجزائر وللدبلوماسية الجزائرية اليوم نراها تعتمد اعتمادا كليا في مداخلاتها ومقارباتها على الكثير من الأزمات المتعددة سواء إقليميا أو دوليا فدائما الجزائر مقاربتها تعتمد على قضية الحوار والمفاوضات والإلتقاء.

وكما هو معلوم فأن الجزائر تمر بتحديات كبيرة خاصة فيما يتعلق بالرهان الذي يقدمه الرئيس عبدالمجيد تبون من خلال مشروعه المتعلق بالجزائر الجديدة من خلال النقاط 54 التي وضعها، وأعطى وعودا للشعب الجزائري بأنه سوف ينفذها، ومن بين أهم هذه النقاط اعتقد أنها قضية لم الشمل والمصالحة والحوار مع الجميع، وهي تنطلق من كونها أسهل وأسرع طريق إلى تقوية اللحمة الداخلية وتوحيد الصف الداخلي، لأنه لا يمكن مواجهة أي تحديات خارجية أن لم تكن هناك لحمة داخلية قوية وهناك تكاتف داخلي، فمن هذا اعتقد أن الرئيس ينطلق من هذا لأن الجزائر اليوم لديها مهام ومهمات كبيرة قد ألقيت على عاتقها من خلال ما تلعبه على المستوى الإقليمي وعلى المستوى العربي وعلى المستوى الدولي، وبالتالي فلا يمكن لها أن تقوم بهذه المهام إن لم يكن الداخل الجزائري له من الوحدة ومن التفاهم والتوافق حتى يسهل هذه المهام الصعبة الملقاة على الدبلوماسية الجزائرية.


هل هي دعوة لحوار وطني شامل؟

إلى الآن لم تفصح عن المبادرة أي جهة رسمية، ووجدنا أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد أشار إليها ولمح إليها في العديد من القاءات، ولكن ليست هناك أي وثيقة رسمية تعلن عن بداية هذا المشروع، لكن في الحقيقة بدأت ملامح هذا المشروع تظهر عندما لاحظنا اللقاءات التي جمعت بين رئيس الجمهورية الجزائري السيد عبدالمجيد تبون وبعض رؤساء الأحزاب وبعض الشخصيات العامة، بالتالي فهي بدأت صورتها تتضح أكثر، ولكن كل ما يتعلق بهذه العملية لم يتم حسمه إلى حد الآن ولكنها في اعتقادي تبقى إشارات من الجهات الرسمية تهدف من خلالها إلى جعل الفكرة تطبخ وتنضج حتى يكون لها القبول والتوافق لدى الرأي العام الجزائري، وبالتالي فهي عملية تهيئة لهذا المشروع، الذي نعتبره مشروعا إيجابيا سيساهم بشكل كبير في حل العديد من الأزمات. 

أما فيما يتعلق بقضية أنها هل تتطور إلى حوار وطني شامل، فنعم اعتقد أنها سوف تتطور إذا وجدت إجماع من طرف الرأي العام والطبقة السياسية وكل النخب الأكاديمية أيضا، فبالتالي اعتقد أنها سوف تنضج الفكرة وتتطور لتصبح حوارا وطنيا جامعا وتكون في الأخير مصالحة وطنية شاملة وجامعة.

  

من هم الأطراف؟ 

أطرافها بكل وضوح ستكون الأحزاب السياسية والمجتمع المدني من هيئات ونقابات مهنية وجمعيات وشخصيات لكي تكون شاملة لجميع شرائح المجتمع السياسي منه والمدني والمهني وتكون قضية لم شمل حقيقي.


هل هي بادرة لكسر الجمود السياسي؟ 

بطبيعة الحال إذا نجحت واستطاعت هذه العملية أن تسير فهي قد تكسر عملية الجمود السياسي وتذيب الجليد الحاصل وخاصة أن هناك تيارات ترى في نفسها أنها مقصية، بالتالي اعتقد أنها سوف تختزل العديد من المسافات وتزيل العقبات وتفتح باب الحوار والاجتماع واللقاءات من جديد، وستكون كاسرة لكل جمود سياسي واجتماعي.


لماذا تأخرت طيلة السنوات الماضية؟ 

نعتقد أن التأخر جاء على خلفية جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على كل الأنشطة والعديد من البرامج التي كانت مطروحة والتي كان الرئيس عبدالمجيد تبون يريد أن ينفذها، ولاحظنا أنه في بداية كورونا كان الرئيس قد أصيب وكان مريضا بكورونا، فنستطيع أن نقول إن خلال عامي 2020 و2021 قد حصل فيها جمود سياسي واقتصادي على مستوى العالم ككل، لكن لماذا تحدث اليوم؟ وهذا لأسباب عديدة كما ذكرت بأن الجزائر تمر بتحديات كبيرة وهذه التحديات لا يمكن مواجهتها إذا لم تكون هناك قاعدة داخلية صلبة موحدة ومتوافقة على الكثير والعديد من النقاط والبرامج والمبادئ، فتحصين اللحمة سيساهم بقدر كبير في عملية مواجهة التحديات الخارجية، وهي تحديات اقتصادية وأمنية ودبلوماسية. 


ما هي شروط نجاح هذه المبادرة؟

النية الصادقة، إذا تمثلت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة فسينجح هذا المشروع، ونحن نرى أن الرئيس عبد المجيد تبون لديه نية حقيقية في الذهاب إلى تحقيق هذا الهدف وهو صادق لكن اعتقد أن المحيط أو محيطه إذا كان حقيقة صادقا فأن العملية السياسية سوف تكون ناجحة وسوف تعود بالخير على الجزائر وعلى الشعب الجزائري، اما إذا كانت مراوغة أو ربما تفشلها بعض التيارات ممن لم يعجبها هذا المشروع ولا يعجبها أن تتحرك الجزائر إلى الأمام، فبطبيعة الحال سوف تكون عبارة عن محطة من محطات وربما سوف يسجلها التاريخ وتمر، لكن ما اعتقده أن هناك نية جماعية للكثير من الأطراف السياسية والمدنية والمهنية بالداخل وبالخارج من داخل السلطة أو من خارجها ترى بضرورة هذا المشروع الذي قلت إنه إن تم سيعود بالخير على الجزائر وعلى الشعب الجزائري.