اللواء بحار الإيطالي، فابيو أوغستيني، آمر عملية أيريني في لقاء صحفي:

                                            "أيريني" تعمل بفعالية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح الي ليبيا


تعتبر عملية "أيريني " البحرية أهم أداة أوربية وأكبر مشاركة من دول الاتحاد الأوربي في عملية دعم السلام في ليبيا كون "أيريني" حتى الآن هي العملية العسكرية الوحيدة التي تهدف الي منع تدفق الأسلحة والمقاتلين الأجانب إلي ليبيا ومنع عمليات التهريب المختلفة، بما فيها البشر والوقود، إلى خارج ليبيا وذلك تنفيذا لقراري مجلس الأمن رقمي 1970 و 1973 اللذان فرضا حظرا على توريد السلاح إلى ليبيا مايزال ساري المفعول منذ 2011. وكان مؤتمر برلين في يناير عام 2020 قد أوصى بتشديد الحظر وتبني مجلس الأمن توصية المؤتمر في قراره رقم 2510, الا أن الأنتهاكات أستمرت خاصة من قبل تركيا المساندة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس وروسيا المؤيدة لقائد الجيش في بنغازي.

وتكتسب "أيريني" الآن أهمية خاصة بعد الجولة الأخيرة لملتقى الحوار الوطني في جنيف التي أنتجت أتفاق ليبي ــ ليبي على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة موحدة للبلاد بعد سنوات من الانقسام السياسي بين حكومتين أحداهما في الشرق والأخرى في غرب البلاد.

ولهذا كان هذا الحوار مع قائد العملية للتعرف على مدى قدرتها على تأدية المهمة وأمكانية توسيعها لتشمل دور الرقابة على وقف أطلاق النار الساري المفعول منذ يونيو الماضي. خاصة بعد أن دعى الأمين العام للأمم المتحدة، انتونيو غوتيرش، الي نشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف أطلاق النار.

هنا تفاصيل اللقاء:

س: ما هي عيوب عملية أيريني وكيف يمكن معالجتها خاصة أنها الآن على أبواب تجديدها في مارس المقبل؟ ما الذي يمكن للأتحاد الأوربي أن يقوم به بشكل أفضل على صعيد سياسة أوربية عامة في الدفاع والخارجية وخاصة في منطقة المتوسط؟

ج: بعد مضي عشرة أشهر على بدء عملية أيريني أثبتت العملية فعاليتها وحيادها في تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الخاصة بحظر الأسلحة في كامل منظقة العمليات بغض النظر عن اي أطراف أخرى.  وقد تم تحقيق نتائج أيجابية فيما يخص التفتيش البحري وجمع المعلومات وتحقيق نوع من الردع فيما يتعلق بتهريب السلاح والتهريب بشكل عام. لقد ساهمت عملية أيريني في تعبيد طريق الحوار الليبي لمصلحة الشعب الليبي الذي يستحق السلام والإستقرار. وربما لم تكن صدفة أن وقف أطلاق النار تم الإتفاق عليه أثناء عملية أيريني. أننا نؤدي مهامنا بحياد شديد تجاه كل الأطراف وكذلك في توازن كبير في تأدية مهمتنا فيما يتعلق بالرقابة وأعداد التقارير العملياتية وعليه فالحياد كان ومازال مبدأنا الراسخ الذي يحكم عملنا في تنفيذ مهمتنا. 

أن منطقة العمليات كبيرة جدا (بحجم مساحة المملكة المتحدة). طبعا يمكننا أن نكون أكثر فعالية واتزانا وحيادا فيما لو وفرت لنا الدول الأعضاء الموارد التي يمكننا الاعتماد عليها بالتعاون من قبل بعض أصحاب المصلحة [في ليبيا] من قبيل النيتو والولايات المتحدة الأمريكية. فيما يخص الاتحاد الأوربي فهو يتحدث بصوت موحد منذ بداية العملية. أن أنسجام مواقف دول الأتحاد في مؤتمر برلين كان خطوة مهمة الي الأمام على صعيد تقريب الاتحاد من اتخاد قرار أطلاق العمليات الخارجية التي تجمع بين العسكري والمدني [أيريني أحداها] وذلك بهدف تطبيق حظر السلاح المفروض من قبل الأمم المتحدة. ومن أسباب النقص في الموارد أيضا ان اطلاق "أيريني" تزامن مع مواجهة الإتحاد الأوربي لأسوء وباء يتعرض له الا وهو وباء الكوفيد 19 الذي مازالت موجته الثانية تضرب الإتحاد.

وقد طلبنا من الدول الأعضاء أن تستمر بنفس الإرادة السياسية التي أبدتها عند أطلاق عملية "أيريني" وأن يتمثل ذلك في مساهمات ملموسة.

وفي نفس الوقت توفر دعم اوربي جماعي من قبل الإتحاد الأوربي يشمل، من ضمن أشياء أخرى، الدعم السياسي والإقتصادي ودعم بناء القدرات وجزء خاص بتوفير المعدات وعلى تلك الدول أن تضيف ما من شأنه أضافة القيمة للعملية في مجال العمل العسكري ــ المدني.

س: هل تمتلك العملية في وضعها الحالي الموارد التي تمكنها من تنفذ قرار مجلس الأمن 1970؟ وبمقارنة عملية "أيريني" مع سواها من عمليات الحظر كيف تقيم أداءها؟

لا يمكن مقارنة "أيريني" بسواها اذ أنه لكل منها قواعدها الخاصة وإمكانياتها ومهامها. حاليا "أيريني" هي العملية الوحيدة التي تنفذ حظر الأسلحة على ليبيا. أنني أعي جيدا ما نقوم به وهو تطبيق الحظر على مدار 24 ساعة في اليوم. أن عملية "أيريني" أستطاعت أن تحقق في حمولة 1700 سفينة تجارية و 150 رحلة جوية مشبوهة وأن تراقب أيضا 25 مطار و16 ميناء  كما نفذنا 66 زيارة متفق عليها، وفق ما نسميه الزيارات الودية، ونفذنا عمليات تفتيش لعدد 6 سفن تجارية وأدت أحداها الي تحويل أول أحالة في تاريخ الأتحاد الأوربي العسكري. وكانت تلك السفينة تُسمى "الألماس الذهبي 7" التي كانت تحمل شحنة وقود طيران الي بنغازي وتم ذلك بالتعاون مع قوات حماية الحدود الأوربية والشرطة الأوربية من خلال "خلية جرائم المعلومات", كما أصدرنا 7 توصيات من اجل التفتيش لبعض السفن المشتبه بها الي موانئ بعض الدول الأعضاء. ان منسق الأمن والعلاقات الخارجية للإتحاد الأوربي جوزيب بوريل قد أعترف بجهدنا كما فعلت أيضا السيدة ستفني ويليمز القائم بأعمال مبعوث الأمم المتحدة الي ليبيا.

والي جانب تلك النتائج هناك نتائج أخرى لا تظهر للعامة ولكنها ليست أقل أهمية.

فأولا يُنظر الي عملية "أيريني" على أنها مهمة في وسط البحر المتوسط وفي هذا الصدد تم التوصل الي عدد من التفاهمات مع بعض الشركاء المهمين لعملية السلام في ليبيا وامن البحر المتوسط. والأكثر من هذا فأن أيريني، وهي تواصل تنفيذ مهامها، عززت التعاون وتبادل المعلومات مع صناعة الشحن الدولية وفي هذا الإطار تعتبر أيريني اداة لتوفير الأمن  في وسط البحر المتوسط. 

س: ما هي الأجراءات التي تتخدونها ضد من يخترقون الحظر؟

ج: كما سبق القول فقد نفذنا 6 عمليات تفتيش خارج السواحل الليبية وفي أحداها صادرنا  شحنة وقود طيران كانت متجهة الي منطقة برقة كما طلبنا من بعض الدول الأعضاء اجراء عدد 7 عمليات تفتيش بسبب شكوك في بعض السفن وقد تم   تنفيذ ثلاثة من تلك الطلبات لسفن في موانئ أوربية.

أن عملية "أيريني" ليست عملية حصار بحري وأنما تعمل بتوافق تام مع قرارت مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والقانون الدولي (خاصة ميثاق الأمم المتحدة للبحار) ووفق قواعد العمل التي وضعتها الدول الأعضاء وهذا يعني أن "أيريني" تنفذ مهامها ضمن حدود تلك القواعد حيث تتوفر أرضيات مناسبة لتنفيذ مهام التحري والتفتيش حيث لا يمكن للدول التي يٌرفع علمها أن تنكر او تدعي الحماية السيادية.

وعلى أي حال فالي جانب عمليات التفتيش التي سبق ذكرها فأنه وكلما كان لدينا شكوك أو أدلة على وقوع خروقات عبر البحر فأننا نصدر تقريرا الي لجنة الخبراء حول ليبيا التابعة الي الأمم المتحدة  ومنذ بداية العملية أصدرنا 18 تقريرا.

س: لقد تناقلت الأبناء ان بعض الدول تشتكي من أجراءات عملية "أيريني" فما هو ردك وفق محددات مهمتكم؟

ج: أنني غير مخول للرد على أي انتقاد مهما كان مصدره  فالعملية ليست ضد أحد ولا ضد أي دولة بعينها لأننا نلاحق كل عمليات الخرق لحظر السلاح على ليبيا وذلك في حدود منطقة العمليات كلها بغض النظر عمن يرتكب الخرق.

وأريد أن أوكد أن قرارات الأمم المتحدة حول حظر السلاح هي قرارات ملزمة لكل أعضائها أضف الي ذلك فأن قرارات مجلس الأمن الدولي تنص على ضرورة تعاون كل الدول التي تُرفع أعلامها على السفن في المنطقة وهذا لا يستثني احدا.

أنني أدرك وجود عدد من الصعوبات السياسية خاصة تلك المتعلقة بتعدد اللاعبين الدوليين   وتعدد أجنداتهم ولكن وبغض النظر عن أهداف كلا منهم فأن ليبيا المستقر يجب أن تكون هدفهم جميعا لأن ذلك يعني زيادة الأمن في المنطقة ومن شأنه أن يُحسن الوضع الاقتصادي للشعب الليبي وراحته كما يؤدي الي تنظيم والتقليل من الهجرة.  

س: هل يمكن توسيع مهمة عملية "أيريني" لتشمل مراقبة وقف أطلاق النار الحالي في ليبيا اذا ما أستمر العمل به؟

ج: أثناء تنفيذ مهمتنا أكتسبنا خبرة في مراقبة التطورات، الي حد كبير، ليس فقط في البحر بل في البر والجو أيضا, والأكثر من هذا فان حيادنا هو ضمانة للإلتزام القانوني وعليه، وأن دعت الضرورة، وأن طلبت منا الأمم المتحدة والسلطات الليبية واذا ما قرر أعضاء الإتحاد الأوربي فأنه بإمكان عملية "أيريني" أن تقدم المساعدة في تسهيل تنفيذ أي أتفاقية لوقف إطلاق النار وذلك بتوفير مراقبة معززة لها.  

س: لقد قام الأتحاد الأوربي بتعيين مدير جديد لبعثة مراقبة الحدود "يوبام ليبيا" فهل تتصور أي تعاون مستقبلي   بين "أيريني" و "يوبام ليبيا" وكيف؟

ج: لقد قدمت التهنئة الي السيدة نتالينا سيا [مديرة يوبام ليبيا الجديدة] اذ أتيحت لي فرصة اللقاء معها ولنا أتفاقية تعاون أداري من "يوبام ليبيا" قائمة مسبقا. كما أنني والآنسة سيا متفقين على محاولة توسيع التعاون في كل ما هو ممكن خاصة في مجال تبادل المعلومات والدعم المتبادل وخاصة في جانب تدريب المؤسسات الليبية المعنية وذلك بما لا يخل بمهامنا المنفصلة.

س: في الحديث عن التدريب كيف يمكن تجاوز عدم وجود أتفاقية مع السلطات الليبية لإستئناف التدريب الذي بداء مع عملية "صوفيا" وما أهمية التدريب هنا؟

ج: في نوفمبر الماضي زرت ليبيا برفقة ورئيس بعثة الإتحاد الأوربي السفير خوسيه سابادل وفي العموم يمكننا القول أن زيارتي لطرابلس كانت أيجابية, اد كانت أول لقاء مباشر مع قيادة حكومة الوفاق الوطني واللجنة الليبية الخاصة وقد جرت اللقاءات في جو منفتح وشفاف وصريح ولهذا، وحتى دون الحاجة الي دكر هذا، فأن الموضوع لم يتم حله بعد ولكن تم إتخاد بعض الخطوات المتقدمة كحد أدنى.

أن خفر السواحل الليبي وكذلك القوات البحرية مازالتا شريكان موثوقين لنا في تنفيذ كل مهام البحرية في منطقة المسئولية لكل منهما وأهمها تفكيك شبكات تهريب البشر الذي يكمن في التدريب.

في السنوات السابقة قام الليبيون بإنقاذ نصف عدد المهاجرين تقريبا الذي غادروا ليبيا وذلك بفضل التدريب الذي وفرته لهم عملية صوفيا وهم الآن في مقدورهم العمل حتى مسافة 120 ميل بحري من الساحل الليبي.

ولسوء الحظ، وكما تعلم، فأن شق المهمة الثاني المتعلق بتدريب خفر السواحل والقوات البحري مجمد الآن بانتظار موافقة حكومة الوفاق. وخلال زيارتي المشار اليها كان واضحا أنه ومن أجل استئناف ذلك الشق من المهمة هنالك حاجة الي تعزيز القدرات وتوفير لاحتياجات لعمليات البحث والإنقاذ وهذا يجب أن يتم تدبره بشكل مشترك.