تشهد مدينة عقارب التابعة لولاية صفاقس التونسية احتقانا غير مسبوق بسبب أزمة مصب النفايات المقام في المنطقة منذ 2007 والذي تدور حول نشاطه واستئنافه تساؤولات عدة وسط كارثة بيئية تواجه المدينة والولاية على حد السواء لتصبح ولاية صفاقس على شفا هاويتين كلاهما أشد حدّة وخطورة من الآخر، النفايات المكدسة بالولاية والكارثة البيئية والصحية التي تهدّد سكان مدينة عقارب بسبب المصب. لفهم هذا الوضع الحرج وتداعياتها حاورت بوابة إفريقيا اللإخبارية، الكاتب والمحلل السياسي بلحسن اليحاوي. وفيما يلي نص الحوار: 

لو تشرح لنا أستاذ تفاصيل أزمة مصبّ عقارب؟

مشكلة مصبّ عقراب ليست بالجديدة وهي ليست الوحيدة أيضا فهي ضمن 9 مصبات وقع إحداثها في 2007 بهبة ألمانية، لتهيئة 10 مصبات بمناطق مختلفة من تونس، عمرها الإفتراضي لا يتجاوز 10 سنوات لكن تم تجديد الفترة  لـ5 سنوات إضافية.  في أواخر 2018 وبداية 2019 رفع أعضاء جمعية "عقارب موش مصب" قضية وحصلوا فيها على حكم بات بإغلاق المصب في غضون شهر وبذلك تعتبر المسألة منهاة تماما، إلا أن المصب لم يغلق بل تواصل العمل فيه عاديا حتى بدأت أزمة النفايات بصفاقس أين عادت قضية عقارب"وقع تحيينها" الأزمة القائمة فعليا.

 وأستغرب جدا أن عقارب التي هي محمية طبيعية،مصب للنفايات. ويبقى السؤال قائما كيف تم تجديد العقد لـ 5سنوات إضافية في 2018؟حينها كانت حقيبة مستشار لدى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، مكلف بالبيئة من نصيب حركة النهضة في شخص بسمة الجبالي التي أصبحت فيما بعد رئيس الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، لقد كان من المفروض ان تنتهي المسألة هناك. من جهة أخرى حتى سؤال لماذا الآن هو سؤال غير مبرر لأن الشعب التونسي من حقه حين يجد الفرصة المناسبة أن يدافع عن نفسه وعن بيئته وعن مستقبل أولاده.

هل يمكن اعتبارها"مؤامرة" أو وجه آخر" للفساد المستشري في تونس؟

لقد أصبحت  نظرية المؤامرة الخبز اليومي للتونسيين وحقيقة شيوعها بينهم بهذه الكم الهائل، حيث يصدق الكثيرون هذا النظرية، هدفها في الأساس هو إخفاء حقيقة الأمر وحقيقة المؤامرة وسط كل الأخبار الجانبية. لتفسير نظرية المؤامرة فإن حركة النهضة فشلت دوليا في حشد الرأي العام لإحراج ودفع الرئيس التونسي قيس للتراجع ما دفعها للعمل في الداخل عبر توتير الأجواء في تونس، هذه للأسف حقيقة، ولكن هذا لا يمنع أن المسؤول الوحيد عن كل هذا هومن جمع السلط بيده وأكد استعداده لتحمل المسؤولية.

أعتقد أن  أفضل ما في 25 يوليو/جويلية وحتى في 22 سبتمبر أنه أصبح لدينا شخص بعينه نستطيع محاسبته فقبلا كل كان يتنصل من مسؤوليته فالنهضة كانت تتعلل بكونها ليست في الحكم وبعض الأحزاب تتعلل بعدم تفردها بالحكم"فيتفرق الدم بين القبائل"فلا نجد من نحاسبه ونواجهه بحقيقة الوضع.

حمّلت بعض الأحزاب رئيس الجمهورية مسؤولية تأزم الأوضاع بعقارب، ماهو تعليقكم على ذلك؟

اليوم نحن أمام جهة واحدة تتحمل مسؤولية ما يحدث في تونس سواءا بإرادته أو بغير إرادته، تحت إشرافه أو لا وهو أمر لا يعني التونسيين كثيرا لأنهم أمام أمر واحد أن السلط كلها بيد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد.

المطلوب من الرئيس التونسي اليوم إيجاد حل لهذه المشكل ولكل المشاكل التي يعاني منها التونسيين، فإن لم تتوفر اليوم لمؤسسة الرئاسة اليوم كفاءات قادرة على إيجاد الحل فتلك مسؤولية الرئيس قيس سعيد وبالتالي لا نستطيع إلقاء اللوم سوى لعاتقه وبالنسبة للتشويش الموجود حولة فذلك أمر طبيعي لمن يريد معالجة الرأي العام وهو نفس الشيء الذي ينطبق على حركة النهضة والترويكا وغيرهم ويتحملون مسؤولية ما حصل في عهذتهم من اغتيالات، اغتيال الشهيد شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وغيرها من المشاكل. 

الآن الرئيس قيس سعيد يدعو للحوار مع كل أفراد الشعب التونسي من المنتمين ومن غير المنتمين (الإنتماءات السايسية والحزبية وغيرها) فهو حوار مفتوح وغير مخصوص لمن يحملون لافتات سياسية أو كما يصور البعض بأنهم قيادات سياسية أو حزبية يعللون رغبتهم في التحاور بأنهم يمثلون الشعب التونسي وبكونهم شريكا أساسيا في المشهد لأنهم يملكون حزبا.

ماهي تصوراتكم للتطورات المحتملة لهذا الإحتقان في ظل الوضع السياسي الصعب الذي تمر به البلاد التونسية؟

ما يحدث في عقارب اليوم هو حسب تصوري، الفرصة الأولى لحوار مباشر بين من يملك سلطة القرار وأبناء الشعب الذين يعانون من مشاكل سياسية لأن المشاكل البيئية والإجتماعية والإقتصادية والتعليمية هي في النهاية مشاكل سياسية، مشاكل الشأن العام. فاليوم كيف يمكن للرئيس قيس سعيد أن يدير هذا الحوار بين صفاقس التي تعاني من تكدّس النفايات وبين عقارب التي ترفض أن تكون مصبّا للنفايات، كيف يمكن إدارة هذا الحوار وإيجاد حلول الوسط، ذلك هو التحدي الأكبر اليوم، حسب رأيي.

محاولة تحقين وتأجيج الوضع لا أعتقد أنه سيمرّ بسهولة، وأعتقد أن مركزية الدولة قادرة على إخماد هذه النيران فتمركزها في جهة واحدة يعزز قدرتها بكل الوسائل والطرق على احتواء الوضع. فهو امتحان أول لكل ماسبق، ما بعد 25 يوليو/ جويلية، الذي لم يكن حسب رأيي بهذه الأهمية فهي فرصة لكي يثبت الرئيس التونسي قيس سعيد مقدرته على إدارة الأزمات المحلية. وحيث يحمل الرئيس مشروع الحكم المحلي القائم على لا مركزية القرار السياسي لأن هذا القرار السياسي يصنع في مخابر محلية وعقارب بدورها نقطة محلية، فأعتبر بذلك أنها الإختبار الحقيقي والصعب لمشروع رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد.