بالتزامن مع دخول فصل الصيف وزيادة الطلب على الطاقة الكهربائية، تبدأ معاناة المواطن الليبي تتضاعف وتزداد تعقيدا بشكل مضطرد ومرتبط طرديا مع ساعات طرح الأحمال وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تتجاوز ساعات اليوم في بعض الأحيان، وتتزايد أيضا مساحات انحسار الكهرباء لتعيش مناطق ومدن كاملة حالة الإظلام التام، لتتحقق بذلك مفارقة لا تتوفر شروطها الاستثنائية إلا في ليبيا، البلد الذي يعوم على بحيرة من النفط والغاز ولاينقصه إلا إدارة وطنية، تسير القطاع، وتملك إرادة صادقة لتقديم الخدمة المناسبة للمواطن الذي يعيش قرابة عقد من الزمن حالة من الفوضى وتردي الخدمات وسوء غير مسبوق في الحالة المعيشية. 

ولتحديد ملامح أزمة الكهرباء كان لبوابة افريقيا الإخبارية هذا الحوار مع أمين الكهرباء السابق المهندس عمران أبوكراع، والذي نطرحه في هذا السياق:

البوابة: ما هي الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء في ليبيا؟ 

أبوكراع: ما تعانيه ليبيا اليوم من مشاكل في إمدادات الكهرباء، لها أسبابها الفنية، والإدارية، ولتوضيح أسباب هذه الأزمة، بشئ من التفصيل، لابد أن نوضح.

1-محطات توليد الكهرباء بالشبكة الليبية، (محطات غازية، ومحطات دورة مزدوجة) تم إنشاءها خلال الفترة (من 1995 إلى 2012) وهي لازالت في حالة جيدة ينقصها الإلتزام ببرامج الصيانة والعمرات، والمحطات البخارية التي أنشئت في بداية عقد الثمانينيات في (الخمس، ومصراتة، وطبرق، ودرنة) وهي في حالة مقبولة شريطة الإلتزام ببرامج صيانتها وعمراتها.  

2-يُغطى الطلب على الطاقة في المنطقه الشرقية والغربية والجنوبية عن طريق ثلاث شبكات مترابطة على جهد (400/220kv) وتبلغ الطاقة المركبة بالشبكة الوطنية (10.230MW) تبلغ الأحمال الكهربائية على الشبكة الوطنية وفق المعلومات المتاحة (8600MW) إلا أن الطاقة المتاحة فعليا من هذه المحطات أقل من ذلك بكثير ما تسبب في عجز واضح في تلبية الطلب على الطاقة خصوصا في المنطقتين الغربية والجنوبية، ومن خلال البيانات سالفة الذكر، فأن الشبكة العامة حالياً تعاني عجزا في تغطية الأحمال قد يصل ( 2000 MW.)، طبقا للمعلومات المتاحة لنا بالخصوص وهذا معدل عجز مرتفع نجم عنه تأزيم لحياة الناس الاجتماعية والاقتصادية المأزومة أصلا نتيجة الحرب والفوضى وغياب سلطة الدولة

3-السبب الجوهري في هذه الأزمة هو تعثر برامج الصيانة والعمرات لمحطات التوليد ما أدى إلى انخفاض الطاقة المتاحة منها.

4-تأخر تنفيذ محطة غرب طرابلس البخارية، وكذلك عدم استكمال محطة سرت البخاريه بطاقة إجمالية للمحطتين( 2800MW )  كما تأخر أيضا استكمال بقية وحدات محطة أوباري الغازية، نتيجة الظروف الأمنية في الجنوب.

 5-تأخر التعاقد على تنفيذ المشروعات المدرجة في برنامج تطوير قدرات التوليد وفقا لمخطط التطوير 2007-2030، وهذا المخطط الذي حدد حجم الطلب طبقاً لنمو الأحمال وحدد حجم محطات التوليد ومواصفاتها ومواقعها وتواريخ التعاقد عليها، وبعد سنة 2011 وضع من تولوا المسؤولية في القطاع ذلك جانباً !! وقاموا بجملة من الإجراءات وإبرام بعض التعاقدات لتأجير محطات وتوريد تربينات صغيرة  ومولدات ديزل بالمخالفة للأسس المحددة في برنامج المخطط، وقد كلفت هذه الإجراءات أموال طائلة طيلة السنوات الماضية وبقت المشكلة تراوح مكانها، ولايفوتني أن أذكر أنه خلال السنتين الماضيتين قد أتخذت بعض الاجراءات لتنفيذ مشروعات مستعجلة لتوليد الطاقة، من بينها  محطة غرب طرابلس الغازية بطاقة 600 MW ، وتوسع محطة مصراتة الغازية 660 MW ، ومحطة طبرق الغازية بطاقة 744 MW ، وكل هذه المحطات قيد الإنشاء ولم تستكمل بعد.

6-الفساد المتفشي في البلاد انعكس بشكل سلبي على هذا القطاع حيث أصبح مطمعا لكثير من رجال الأعمال والسياسيين وبعض منتسبي الأحزاب نظراً لضخامة الاستثمارات الموظفة في القطاع، وعلى سبيل المثال لا الحصر المشروعات العامة وخاصة مشروعات الكهرباء أصبحت مطمع النافذين في الدولة في غرب البلاد وشرقها، والشواهد على ذلك كثيرة مثل قضية محطة لملودة  وهي معروفة في المنطقة الشرقية، وقضية تهريب المواد التي تمت الإشارة إليها، وغيرها من القضايا الأخرى.

7-تسرب الكفاءات التي كانت تدير نشاط الانتاج والنقل والتحكم والمشروعات التنموية في هذه الأنشطة، انعكس على كفاءة تسيير النظام الكهربائي، وتم هذا التسرب نتيجة لأسباب مختلفة.

8-تعثر استكمال شبكة النقل جهد 400KV  وتضرر بعض أجزاء الشبكة نتيجة العمليات القتالية، والتعديات والسرقات، ما أثر على مرونة تشغيل الشبكة والاستفادة من فائض الطاقة في منطقة ونقلها إلى منطقة أخرى.

9-تأثر تزويدات الغاز الطبيعي نتيجة الإخفاق الواضح في إنجاز توسعات شبكة نقل الغاز، وتذبذب تزويدات الديزيل لبعض المحطات، ما أثر على الطاقة المنتجة من هذه المحطات خاصة في المنطقة الشرقية،  ناهيك عن رفع تكاليف وحدة الكيلو وات ساعة ، وتكاليف الصيانة والعمرات نتيجة لاضطرار الشركة لتشغيل المحطات بوقود الديزل.

                                                                                 وضع حجر الأساس لتوسعات محطة الرويس


البوابة:هناك من يحملكم مسؤولية مشاكل القطاع اليوم، ويتهمكم بوجود مشاكل قديمة، منها ترتيب ديون على القطاع لصالح المصارف والصناديق السيادية، إضافة إلى وجود فساد في القطاع قبل 2011، كيف تردون على هذه الاتهامات وغيرها؟

أبوكراع: قبل الدخول في الإجابة يتبين من سياق الأسئلة أن هناك حملة منظمة تقف وراءها  جهات بعينها، وتستهدف هذه الحملة في تقديري تشتيت الانتباه عن الأزمة الخانقة والفشل الذريع لسلطات فبراير فيما يخص ملف الكهرباء، وهذه الاتهامات محاولة لإلصاق الفشل والتقصير لمسؤول انتهت علاقته بالقطاع منذ مايزيد عن أثنتي عشرة سنة، أما ما يتعلق بالاتهامات أن الشركة تُدعم من الدولة أو من المصارف والصناديق السيادية أمر عاري عن الصحة وهذه الإجراءات حدثت فعلا بعد عام 2011، ولكن واقع الحال قبل 2011 كانت الشركة تركز على الجباية وتمكنت من تحقيق إيرادات بنسب عالية من حجم مديونية المواطنين ومن الجهات العامة المستقلة عن الخزانة، وهذه الإيرادات كانت تكفي لتمويل مرتبات موظفي الشركة ومصروفاتها الإدارية والتشغيلية، وكل ذلك يحدث رغم انخفاض تعريفة بيع وحدة الكيلو وات ساعة من الطاقة الكهربائية، والمتر المكعب من المياه المحلاة لأقل من التكلفة الفعلية بنسبة عالية خصوصا في السنوات الأخيرة، أما مايتعلق بسداد الدولة لفرق التسعيرة بين التكلفة وسعر البيع لوحدة الطاقة والمتر المكعب للمياه فهذه المشكلة بقت دون معالجة بشكل تام   طيلة السنوات الماضية بأستثناء المقاصة التي تجريها الخزانة بين مصروفات الشركة من تكاليف الوقود والضرائب مقابل ديون الجهات العامة، كما أن الدولة ملزمة قانونا بسداد الفروق في التكلفة كيلو وات ساعة بين التعريفة المعتمدة والتكلفة الفعلية، واستمرت الخزانة العامة لسنوات طويلة لم تسوي هذه الديون، أما واقع الحال بعد سنة 2011 تقوم الخزانة بسداد كل هذه الالتزامات خصماً من ديون الجهات العامة وفروق التسعيرة،   أما ما يخص الجباية من المواطنين والجهات العامة المستقلة عن الخزانة، فأن معدلات الجباية متدنية للغاية وتعتمد الشركة في تمويل مصروفاتها من ما يحال إليها من أموال من الخزانة العامة، ونتمنى على هواة الظهور في القنوات الفضائية أن يتحروا الدقة وأن يتفهموا هذه الموضوعات قبل الخوض فيها !! أما قضية إتهامنا بالفساد التي تم ترويجها في أكثر من مناسبة وفي أكثر من قناة في إطار الحملة، وهي تهمة قديمة جديدة، لا أريد الدخول في هذا السجال، ولكنني أتمني على مروجي هذه الإتهامات أن يأتوا بأدلتهم وبراهينهم أن كانوا صادقين عن حالات الفساد المزعوم، لكي تُطرحأمام النائب العام والقضاء الوطني الذي نثق بنزاهته رغم الظروف الصعبة المحيطة به  ليقول كلمته في هذه الاتهامات، وأن لم يفعلوا سأجد نفسي مضطرا للجوء للقضاء المحلي والدولي لمقاضاتهم على ما اقترفوه في حقي من قذف وتشهير أمام الرأي العام عبر قنواتهم الفضائية.




 

                                                                                   جولة تفقدية لأحد مشروعات الكهرباء


البوابة: اليوم هناك من يتحدث عن مقترحات لمعالجة أزمة الكهرباء، تتمثل في استئجار محطات توليد عائمة ووحدات غازية مجرورة، ما مدى نجاعة هذه الخطوة؟


أبوكراع:  نعم بناءاً على المعلومات التي أطلعت عليها أن الموضوع ينقسم إلى جزئين، الجزء الاول يتمثل في تأجير محطة عائمة ، والجزء الثاني عبارة عن توريد تربينات غازية مجرورة.

أولا: المحطة العائمة، فهذا تكنيك تشتهر به شركات القطاع الخاص في تركيا منذ سنوات ماضية، وباستعراض المعلومات الشحيحة عن هذا الموضوع تبين أنه مقترح مطروح من إحدى الشركات التركية يتمثل في توريد سفينة تحمل تربينات بإمكانها إنتاج 1000 MW تتم ترسيتها في أحد الموانئ لتربط بالشبكة العامة، وبمراجعة هذا المقترح وفقا للمعلومات المتوفرة تبين أن كلفة إيجار هذه السفينة باهضة جداً حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للإيجار السنوي للسفينة والوقود والمناولة، مليار دولار لتوفير طاقة MW 1000 بنظام "Take Or Pay" لمدة 12 شهر، وبتقييم هذا المقترح تبين أن الكلفة باهضة جداً نظير حل جزء من المشكلة لمدة 12 شهر، فمبلغ مليار دولار لو تم توظيفه في تمويل توريد وتركيب تربينات جديدة بسعات مناسبة لحجم الشبكة الليبية 330 MW عند شروط ايزو للوحدة الواحدة فأنه بالإمكان توريد وتركيب عدد 8 تربينات في مواقع مناسبة بالشبكة الوطنية في طاقة أجمالية 2500 MW في شكل محطات بأحجام مختلفة تتوزع في هذه المواقع وستلبي هذه المحطات الطلب على الطاقة طيلة عمرها الافتراضي الذي يتجاوز الثلاثين عاماً من تاريخ تشغيلها، إذاً هذا المقترح لايستحق حتى مجرد التفكير فيه ومن يسوق لهذا المشروع أما أنه يجهل حقيقة هذا المقترح أو تحركه أهداف أخرى لا نعرفها مع تأكيدنا أن هذا التمويل يجب أن يوظف لإنشاء محطات جديدة.

ثانيا: يتلخص المقترح في توريد 20 تربينة مجرورة سعة التربينية الواحدة 30 MW وبطاقة إجمالية 600 MW كما يبلغ سعر شراء KW ألف دولار أمريكي، وبالتالي تبلغ الكلفة الإجمالية لهذه التربينات ستمائة مليون دولار، وهذا المبلغ إذا ما وظف لتنفيذ محطات بسعات مناسبة للشبكة العامة فأنه كفيل بتوريد تربينات للشبكة العامة بسعة 1500 MW وبالتالي يكون أجمالي الطاقة المركبة عند توظيف مبلغ 1،6 مليار دولار MW 4000 ، أما ما يتعلق بمقترح التربينات الغازية المجرورة لابد للمواطن العادي ولغير المتخصص من معرفة بعض الحقائق، فالنظام الكهربائي الليبي في سبعينيات القرن الماضي عندما كان الطلب على الطاقة محدود كانت تستخدم تربينات بهذا الحجم وبهذه المواصفات، ذات الطاقة المحدودة في ظل طلب محدود حينها، ولكن نتيجة تطور الطلب على الطاقة وتوسع شبكة النقل 220 KV على كامل مساحة ليبيا الضخمة، لم يعد هذا الحجم من التربينات يفي بمتطلبات الطلب وشروط استقرار الشبكة "STABLTY" لذلك منذ بداية عقد الثمانينيات تم العمل على رفع سعات الوحدات إلى ما فوق 100 MW ولهذا نفذت عدد من المحطات البخارية بسعات 500 MW وبوحدات تزيد عن 120 MW مثل (الخمس وغرب طرابلس) وغيرها، لتلبية الطلب واستقرار شبكة 220 KV، علما بأننا في تلك الفترة نشغتل بشبكات منعزلة واحدة في المنطقة الغربية وأخرى في المنطقة الشرقية، ونظرا لأن الشبكة الشرقية أقل حجما أستخدمت توربينات أقل سعة، و في بداية تسعينيات القرن الماضي، وعندما تم توحيد النظام الكهربائي على المناطق الثلاث تم التعاقد عام 1992 على تربينات كبيرة سعة 160 MW في المنطقتين الغربية والشرقية، لتعزيز الربط بين المنطقتين وتوفير الطلب، وتم إيقاف المحطات الصغيرة، وفي عام 2007 وبعد زيادة الطلب والدخول في المشروع التنموي، تم التعاقد على وحدات بسعات من 285 - 350 MW وتنفيذ شبكة الجهد الفائق 400KV ، فكيف لنا بعد 30 سنة أن نعود إلى المربع رقم 1 ؟!، وهذا الحل يبقى مجدي لحل مشكلة قرية أو مصنع، أو ماشابه، ولكن لشبكة عامة لها اشتراطاتها فأن مجرد التفكير في هذه الحلول من الناحية والفنية والاقتصادية يعد نوع من العبث، وبالتالي ينبغي أن ترصد هذه المبالغ الضخمة لتوريد 4000 MW  من خلال 12 تربينة توزع على عدة مواقع بالشبكة العامة في مختلف مناطق البلاد في الشرق والغرب والجنوب

ولهذا أنصح القائمين على قطاع الكهرباء في غرب البلاد وشرقها، بإعادة حساباتهم في مثل هذه الخيارات والاعتماد على منهجية التخطيط المعتمدة والتي أنفق عليها القطاع مبالغ طائلة، وكان تنفيذ المشاريع قبل 2011 يعتمد على مخطط مركزي موحد، بعيدا عن التخطيط المناطقي، وحتى يتم معالجة مشاكل القطاع اليوم لابد من إبعاد القطاع عن العبث والفساد.



 

                                                                                              وضع حجر الأساس لمحطة سرت البخارية


البوابة: لو طلب منكم وضع خارطة طريق لحل أزمة الكهرباء في ليبيا، كيف تضعونها في عدة نقاط؟ 

أبوكراع: 

أولا: العمل على إعداد خطة لتنفيذ العمرات والصيانات اللازمة للمحطات الغازية والمحطات المزدوجة، والمحطات البخارية، وفقا للاتفاقيات مع المصنعين، وتوفير التمويلات اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج على أن يتم ذلك في بحر سنة من تاريخه، وسيؤدي هذا البرنامج إذا ما تم ضبطه ومتابعته بشكل دقيق وتوفير التمويلات اللازمة له على تحسين القدرة المتاحة وتخفيف العجز تدريجياً ، والعمل على استكمال صيانة محطة الخمس الجديدة سعة 500 MW .

ثانيا: الطاقة المركبة بالمنطقة الشرقية تتجاوز الـ 3000 MW وأكثر من ثلثي الطاقة المركبة تربينات جديدة، لذلك ينبغي إعطاء الأولوية لتنفيذ العمرات والصيانات واستكمال خطوط النقل 400KV  التي تربط بين الشرق والغرب وصيانة المتضرر منها.

ثالثا: معالجة تزويدات الوقود بهذه المنطقة وذلك باستكمال توصيلات الغاز للمحطات القائمة، وتوفير الكميات اللازمة من الغاز والوقود الخفيف حتى يتم تشغيل المحطات بكامل طاقتها، ويمكن تصدير الفائض للمناطق الغربية والجنوب.

رابعا: استكمال محطة غرب طرابلس الغازية "المشروع العاجل" بسعة 600 MW، واستكمال توسع محطة مصراتة الغازية بسعة 660MW .

خامسا: العمل على استكمال محطة سرت البخارية ومحطة غرب طرابلس البخارية بطاقة 2800 MW

سادسا: الاستعجال بانجاز محطة طبرق الغازية بسعة 740 MW.

سابعا: في إطار المشروعات المستعجلة ولتأمين الإمدادات إلى حين دخول المحطات البخارية بكامل طاقتها، الحاجة تدعو إلى تنفيذ عدد من المحطات الغازية في عدة مواقع من الشبكة العامة بسعة 2000MW في ثلاثة مواقع يتوفر فيها الوقود وسهولة الربط بالشبكة العامة.

ثامنا: لتأمين تغذية الجنوب بالطاقة الكهربائية هناك حاجة ملحة لإنشاء محطة غازية بمنطقة سبها بالموقع المخصص للقطاع بسعة 1200 MW واستكمال محطة محولات 400/220 KV مع تنفيذ خط نقل الغاز (الوفاء / سبها) لتوفير إمدادات الغاز الطبيعي لمحطات إنتاج الكهرباء ولإغراض التدفئة والطهي بكامل الجنوب مستقبلا.

تاسعا: العمل على صيانة خطوط نقل الطاقه 400/220KV  المنفذة واستكمال مالم ينفذ منها حتى تتمكن الشركة من نقل الفائض من الطاقة من منطقة لأخرى، وتأمين استقرار الشبكة العامة.

عاشرا: لقد بذلت جهود مضنية في العقود الماضية لتطوير الربط الكهربائي مع دول الجوار وقد أنجز الربط على جهد 220 KV مع شبكة جمهورية مصر العربية، خط طبرق مطروح ومع الجمهورية التونسية خطوط 220 KV مع الشبكة التونسية،  كما تم مد شبكة 400 KV إلى غدامس القريبة من الحدود الجزائرية بهدف الربط مع الشبكة الوطنية الجزائرية، وغني عن البيان الفوائد الجمة التي يؤمنها الربط الكهربائي مع شبكات الدول المجاورة خصوصاً على جهد 400 KV ( كتحسين الاستقرارية (Stablty) للشبكة العامة وتأمين الإغاثة عند الضرورة ونقل الطاقة الكهربائية لسد العجز بين الطرفين وفق اتفاقيات وعقود تبرم لهذا الغرض.

مماتقدم فأن الحاجة تدعو وبشكل عاجل للاتفاق مع الجانب الجزائري لربط الشبكة الوطنية الجزائرية جهد 400 KV مع الشبكة الليبية عند محطة محولات مدينة غدامس 220 /400 KV مع الشبكة الجزائرية وإنجاز ربط شبكة 400 KV الليبية بالشبكة المصرية عن طريق محطة محولات طبرق عن جهد 400/500KV ومد خط جهد 500 KV من محطة محولات طبرق إلى أول محطة محولات مصرية جهد 500/220 KV والمشروعين هامين في تأمين النظام الكهربائي الليبي وتجنب مشاكل العجز في إنتاج الطاقة وتأمين إمداداتها للمستهلكين.

الحادي عشر: معالجة شح إمدادات الغاز الطبيعي والوقود الخفيف والثقيل، نظراً لهيمنة المؤسسة الوطنية للنفط على إنتاج ونقل وتوزيع كل أنواع الوقود وبالنظر لأن قطاع الكهرباء من أكبر مستهلكي الوقود محلياً لذلك وتجنباً للصعوبات الجمة التي يواجهها قطاع الكهرباء في تأمين احتياجاته من الوقود وخاصة الغاز الطبيعي، الذي يعد الوقود المثالي والاقتصادي في تشغيل المحطات ولفك الاشتباك وحل هذه المشكلة المزمنة فأن الحاجة تدعو للعودة إلى التصور النافذ عام 2007 حيث كُلف قطاع الكهرباء بالإشراف على نقل وتوزيع الغاز والاستثمار في الشبكة الوطنية للغاز من خلال شركة أسست لهذا الغرض وهي لإزالت قائمة، وحتى نتخلص من الصعوبات الجمة وخاصة تشغيل محطاته بوقود الديزل غالي الثمن والذي ساهم في زيادة مصروفات الصيانة وتكلفة إنتاج وحدة كيلو وات ساعة من الطاقة الكهربائية حيث تتولى هذه الشركة بالإضافة لتلبية احتياجات قطاع الكهرباء، تلبية احتياجات السوق المحلي من الغاز الطبيعي كالغاز المدن لأغراض الطهي والتدفئة.

وبعد هذا السرد الفني والتفصيلي، والتشخيص من متخصص لأزمة الكهرباء في ليبيا والتي يقع المواطن ضحيتها، يتضح جليا أن المشكلة وإن كانت ملامحها فنية صرفة وتظهر على هيئة عجز في توفير الطاقة، إلا أنها تكشف عجزا في التسيير والإدارة والإشراف على تولي هذا القطاع الذي وقع كغيره من القطاعات الحساسة ضحية ما آلت إليه البلاد من إنهيار وفشل.