مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية التونسية، بدأ الخطاب السياسي بين الفرقاء السياسيين أكثر حدة وشرع البعض منهم في استخدام تكتيك "الفزاعات" لحشد مزيد من الانضار، من قبيل التلويح بـ"المتاجرين بالدين'' للتخويف من التيار الإسلامي أو بـ"رموز النظام السابق الباحثين عن عودة الديكتاتورية" للتنفير من مرشحين منتسبين للنظام السابق. وفي هذا السياق، أعلن زعيم حركة نداء تونس، الباجي قائد السبسي، خلال اجتماع شعبي بمدينة حمام الأنف التابعة لمحافظة بن عروس (جنوب العاصمة تونس) الثلاثاء الماضي  أن "من لن يصوت لنداء تونس فإنه وكأنما أعطى صوته لحركة النهضة (إسلامي) وللترويكا (الحاكمة سابقا) التي أعادت تونس إلى الوراء خلال السنوات الماضية"، فيما صدرت تصريحات عن شخصيات تنتمي إلى التيار المناهض للنهضة من احزاب يمينية ووسطية تصف قيادات هذه الحركة بـ"الماتجرين بالدين".

 وفي ما بدا أنه رد على التخويف من التصويت للنهضة، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في اجتماع جماهيري بجزيرة جربة من محافظة مدنين (جنوب شرق) أن حزبه "لم يعد يتأثر بفزّاعة تخويف الناس منه" كونه الحزب الإسلامي الذي يرفض العنف ويتبنى الديمقراطية حيث  قال "أنا مطمئن ومتأكد أن التونسيين في محافظة مدنين، ومناطق أخرى، سيصوتون حتما لحركة النهضة، والتونسيون اليوم، باتوا يتنافسون في محبة النهضة وإعلان الولاء لها".

واختصر رئيس الحملة الانتخابية للرئيس التونسي المنصف المرزوقي ، عدنان منصر، في تصريحات إعلامية المشهد السياسي بالصراع  بين "جبهة 18 أكتوبر" ( جبهة سياسية تشكلت في أكتوبر / تشرين الأول 2005  لمناهضة نظام بن علي وكانت تضم إسلاميين ويساريين وعلمانيين) وجبهة 7 نوفمبر في إشارة للنظام القديم. بدوره، الرئيس المرزوقي شن هجوما حادا على المترشحين من منتسبي نظام زين العابدين بن علي، وحذر من عودة الديكتاتورية لتونس في حال تولوا الحكم. 

واعتبر خلال اجتماع بالتنسيقيات الجهوية لحملته للانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي إعتبر أن  "الانتخابات هي المعركة الأخيرة بين الثورة والثورة المضادة وهي معركة تقرير المصير، معركة الانتهاء من القديم بكل موبقاته  ومعركة الانتهاء من دولة الفساد والظلم والديكتاتورية ، والمعركة بيننا وبينهم ليست معركة برامج،  لا تخطئوا، هي معركة قيم ، نحن نمثل القيم وهو يمثلون اللاقيم والفساد والديكتاتورية". وهاجم بشدة المترشحين للانتخابات التشريعية والرئاسية ممن شغلوا مناصب زمن نظام بن علي  وقال إنهم "يشترون ضمائر الناس بالمال، هم سكتوا على الظلم طيلة 25 عاما واليوم يريدون إنقاذ البلاد، تصوروا ماذا سيحدث لو حكم هؤلاء تونس؟''.وشهدت الحملات الدعائية  لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011  استقطابا وُصف بالحاد بين شقين بارزين هم الإسلاميون الذين يعتبرهم خصومهم رموز "الرجعية " وبين الشق العلماني الذي نعته بعض الإسلاميين ب" الكافر'' .

 صلاح الدين الجورشي ، الكاتب والمحلل السياسي يقرأ الظاهرة من جانب أن " تبادل الاتهامات وظهور الفزاعات كان متوقعا ومنتظرا نحن نتحدث عن منافسة حادة بين أطراف تريد الوصول للسلطة عن طريق الصراع السياسي لكسب الأنصار ''.ويتابع:  "عودة ظهور رموز المرحلة السابقة أثار ارتباكا لدى بعض الأحزاب وتولدت مخاوف حقيقية -  وليس مجرد فزاعات - من إمكانية عودة آليات النظام القديم ولكن في اعتقادي أنه لا يمكن الحديث عن عودة الآليات القديمة لأن النظام القديم مسألة تجاوزها الزمن''.

 ويرى الجورشي أن مرد تبادل الاتهامات والتلويح بالفزاعات أن "الأحزاب فشلت  في أن تنقل الصراع السياسي إلى صراع برامج انتخابية اقتصادية وسياسية مستقبلية  وهو ما تتطلبه المرحلة".ويخلص إلى أن " فزاعة التخويف.. تكتيك قد تستعمله بعض الأحزاب في خطابهم قصد استمالة أنصارهم أكثر بغية تحذيرهم مثلا من خصومهم كالتحذير من عودة النظام البائد، والتنبيه علىهم ألا يكونوا سببا في عودته من خلال التصويت لأتباعه".