قالت بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بإقليم دارفور المضطرب، غربي السودان، إنها "لم تجد دليلا" يثبت المزاعم التي نقلتها تقارير صحفية عن إغتصاب قوات حكومية 200 إمرأة وفتاة بإحدى قرى الإقليم.

وذكرت البعثة ،في بيان صحفي اليوم الاثنين، وصل وكالة الأناضول نسخة منه، إنها أرسلت بالأمس "فريق تحقيق يضم عناصر عناصر مدنية وشرطية وعسكرية بالبعثة إلى قرية (تابت) أمضى ساعات عديدة يجوب أرجاء القرية ويجري مقابلات بمجموعات متباينة من السكان شملت زعماء المجتمع واستجلتهم جميعا عن حقيقة ما ورد بتلك التقارير الصحفية من مزاعم الإغتصاب".

وأضاف البيان أن الفريق "لم يجد أي دليل ولم يتلقى أية معلومات متصلة بالمزاعم الاعلامية ولم يؤكد أي من الذين تم استجوابهم وقوع أية حادثة اغتصاب بتابت في اليوم الذي وردت فيه التقارير الإعلامية".

وأوضح البيان "في ذات الوقت أكد زعماء المجتمع بالقرية للفريق أنهم يعيشون في سلام ووئام مع السلطات العسكرية المحلية بالمنطقة. كما قابل الفريق أيضا قائد القوات المسلحة السودانية بالمنطقة".

وقالت البعثة، طبقا للبيان، إنها "تنوي القيام بإجراءات متابعة إضافية في هذا الصدد وذلك من قبيل إمكانية إجراء المزيد من التحقيقات وتسيير دوريات وذلك بالتنسيق التام مع السلطات المختصة للدولة المضيفة وتماشيا مع بنود إتفاقية وضع القوات المبرمة بين حكومة السودان وبعثة اليوناميد".

وكان المتحدث باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد قال أمس أنه تم السماح لبعثة يوناميد بدخول قرية تابت للتحقيق في الحادثة وذلك بعد ايام من إعلان البعثة منع قوات حكومية لقوة تابعة لها من دخول القرية.

ووصف الصوارمي، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي ما نقلته التقارير الإعلامية، بأنه "شائعات كاذبة هدفت لتوريط الجيش" وأرجع منع يوناميد وقتها من دخول القرية "لعدم حصولها على إذن وفقا للقانون المعمول به"

واتهمت بعثة حفظ السلام التي تعرف اختصارا بإسم (يوناميد) الأربعاء الماضي قوات حكومية بمنعها من دخول قرية تابت الواقعة على بعد 45 كيلومترا جنوب غرب الفاشر (أكبر مدن الأقليم) للتحقيق في مزاعم نقلتها تقارير صحفية بإغتصاب 200 إمرأة وفتاة بالقرية.

وقبلها بيوم نقلت إذاعة (دبنقا) المهتمة بشؤون دارفور وتبث من هولندا ومعروف عنها موالاتها للحركات المسلحة في الأقليم عن زعيم قبلي قوله أن قوات حكومية إعتدت على قرية تابت واغتصبت أكثر من 200 إمرأة وفتاة.

وأمس الأول قالت وزارة العدل السودانية أنها لم تجد بعد إجرائها تحقيق ميداني أي دليل يثبت هذه المزاعم.

وجاءت مزاعم الإغتصاب بعد أيام من إعلان مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نتائج تحقيق حول اتهامات أطلقتها مسؤولة سابقة بالبعثة بشأن "تستر" قادتها على جرائم ترتكبها قوات حكومية وأخرى متمردة بحق المدنيين في الأقليم.

وشكلت لجنة التحقيق في يوليو/تموز الماضي للنظر في الاتهامات التي أطلقتها المتحدثة بإسم البعثة عائشة البصري والتي إستقالة من منصبها العام الماضي إحتجاجا على عدم الإستجابة لمطلبها بفتح تحقيق رسمي بناء على شكوى تقدمت بها للأمم المتحدة.

وأعلنت نتائج التحقيق الأسبوع الماضي وجاء فيها أن اللجنة "لم تجد أي دليل يشير إلي صحة تلك المزاعم" رغم إقرارها بأن " خمس حالات معينة لم تقم بعثة يوناميد بتقديم تقارير كاملة عن ملابسات هذه الحوادث الي المسؤولين في مقر المنظمة الدولية بنيويورك".

وخلصت لجنة التحقيق أيضا إلى أن البعثة "اتخذت نهجا محافظا دون مبرر في التعامل مع وسائل الإعلام والتزمت الصمت عندما كان من الأفضل إقامة خط اتصال مع الصحافة حتي في ظل غياب كل الحقائق".

ويشهد أقليم دارفور نزاعا بين الجيش وثلاث حركات متمردة منذ 2003 خلف 300 الف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص بحسب إحصائيات أممية.

وتنتشر بعثة يوناميد في الأقليم منذ مطلع العام 2008 وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام في العالم ويتجاوز عدد أفرادها 20 ألفا من الجنود العسكريين وجنود الشرطة والموظفين من مختلف الجنسيات بميزانية بلغت 1.4 مليار دولار للعام 2013.

ومنذ انتشارها فقدت البعثة 61 من جنودها في هجمات نسب أغلبها لمجهوليين حيث تنشط كثير من العصابات التي تستغل إنعدام الأمن في عمليات نهب وقتل واختطاف للأجانب العاملين في الإقليم وإطلاق سراحهم مقابل فدية.

وتسبب النزاع في إصدار المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قبل أن تضيف لهم تهمة الإبادة الجماعية في العام 2010.

ويرفض الرئيس السوداني عمر البشير الاعتراف بالمحكمة ويقول إنها "أداة استعمارية" موجهة ضد بلاده والأفارقة.