يمثل الملف الأمني أحد التحديات الكبرى في العاصمة الليبية،فالفوضى هي صاحبة الكلمة العليا،حيث يشتد الصراع بين الميليشيات،التي ترسخ وجودها منذ سنوات في ظل غياب مؤسسات الدولة،من أجل الفوز بأكبر قدر ممكن من النفوذ والسلطة.

وشهدت العاصمة الليبية طرابلس،منذ العام 2011،إشتباكات متكررة،كان آخرها في أغسطس/آب الماضي،والتي أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.ولاحقا وقعت الأطراف المتصارعة بمدينة الزاوية غربي ليبيا، اتفاقا لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، لكن هذا الاتفاق لم ينجح في وقف مسلسل العنف في العاصمة الليبية.

إغتيالات

ومؤخرا،تصاعدت وتيرة الاغتيالات في العاصمة الليبية، فبعد ظاهرة الاغتيال المتبادل بين ميليشيات خلال الأيام الماضية، طال رصاص المجهولين ضابط مكافحة المخدرات علي بوشهيوة في طرابلس.

ونعت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية عبر صفحتها على "فيسبوك" المقدم بوشهيوة، مشيرة إلى أنه قُتل بواسطة عناصر من ميليشيات مسلحة تتخذ من إحدى الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس مقرًا لها.

وبحسب بيان الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فإن مدير فرع جنوب طرابلس لمكافحة المخدرات المقدم علي بوشهيوة وقع إغتياله على يد مجهولين في منطقة قصر بن غشير الواقعة جنوب العاصمة طرابلس.

ويأتى ذلك فى ظل موجة اغتيالات خطيرة فى الفترة الأخيرة العاصمة الليبية طرابلس طالت مسئولين أمنيين،حيث اغتيل عنصران من ميليشيا كارة أو ما تعرف بقوة الردع الخاصة رميا بالرصاص على ايدى مجهولين، وبعد أقل من أسبوع، تم اغتيال أحد قادة الميليشيات المسلحة المنتسب لوزارة الداخلية ويدعى خيرى حنكورة، إثر تعرضه لوابل من الرصاص أمام أحد الفنادق وسط المدينة على أيدى عناصر مجهولة.

وفي السياق ذاته، قتل محمد البكباك، أحد قياديي كتيبة "ثوّار طرابلس"، الثلاثاء الماضي، متأثرا بجراحه بعد إصابته على يد مسلحين، وذلك بعد أيام على اغتيال الضابط بالجيش الليبي، شمس الدين مبروك الصويعي، رميا بالرصاص، عندما كان في زيارة لأسرته ضواحي العاصمة طرابلس.

وتشابهت عمليات الاغتيال المتكررة التى شهدتها العاصمة طرابلس فى طريقة تنفيذها حيث تمت كلها رميا بالرصاص،كما نسبت جميعها لمجهولين ولم تعلن الجهات الرسمية في طرابلس عن هذه الاغتيالات، أو اسبابها، وكذلك الجهات التي تقف خلفها.

ترتيبات أمنية

وتزامنت موجة الاغتيالات مع بدء حكومة الوفاق الوطنى والبعثة الأممية تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية.حيث اعتمد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق،الثلاثاء 23 أكتوبر 2018، الخطة الأمنية لتأمين طرابلس الكبرى المعدة من لجنة الترتيبات الأمنية المشكلة بموجب قرار المجلس الرئاسي رقم 1303

وبحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي،فإن الترتيبات الأمنية تستهدف ضمان تأمين المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة وإرساء النظام العام الذي يستند على قوات أمن وشرطة نظامية تعمل وفق معايير مهنية، مع اتخاذ كافة التدابير الأمنية والعسكرية والمدنية اللازمة لذلك، كما تحدد الخطة أيضا آليات التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وفي السياق ذاته، أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص بليبيا، غسان سلامة، الثلاثاء، وجود مساعٍ لإحلال قوة مشتركة محل التشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس.وجاء ذلك خلال لقائه أعضاءً من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وأعضاء بالمجلس البلدي لمدينة مصراتة (200 كم شرق طرابلس) وقادة عسكريين، حسب تغريدات للبعثة الأممية.

وقال سلامة:"نسعى لإحلال قوة مشتركة محل التشكيلات المسلحة في طرابلس. العاصمة لكل الليبيين، ويجب أن يكون كل ليبي قادرًا على دخولها وهو آمن".وتابع: "أنا هنا للاستماع لآرائكم حول أفضل السبل لإحداث انفراجة في حالة الجمود السياسي التي خلفتها المؤسسات الوطنية الليبية.

من جانبهم،أعرب أعضاء مجلس بلدي مصراتة وأعضاء مجلسي النواب والدولة عن دعمهم للإصلاحات الاقتصادية التي طال ترقبها، وفق البعثة الأممية.كما أعربوا عن دعمهم للدفع بالترتيبات الأمنية الجديدة لتصحيح الوضع في طرابلس، وشددوا على الحاجة إلى موقف دولي واضح وموحد تجاه ليبيا.

من جهة أخرى،أعلنت مديرية أمن طرابلس،الإربعاء 24 أكتوبر 2018،عن رفع درجة الاستعداد و التأهب إلى نسبة 100% بين منتسبي المديرية إبتداء من غد الخميس إلى اشعار آخر.و طالبت المديرية من رؤساء المراكز والوحدات والأقسام والمكاتب ،ورئيس غرفة العمليات بإتخاذ الإجراءات والتدابير الأمنية الكفيلة بحفظ الأمن داخل العاصمة طرابلس.

وأثارت موجة الاغتيالات مجهولة الأسباب، مخاوف من أن تتطور إلى مواجهات مسلحة انتقامية، بين مختلف الميليشيات المسلحة التي تتحكمّ في العاصمة طرابلس، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الهدنة المتفق عليها، ويعيد القتال إلى الواجهة.فقبل نحو شهر، قتل 115 شخصًا وأصيب 383 آخرون في اشتباكات بين جماعات مسلحة متنافسة في طرابلس، حسب وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

تعاون فرنسي

وفي غضون ذلك،أبدت فرنسا استعدادها لمساعدة ليبيا في تحقيق الأمن،وقالت بياتريس دوهيلين، السفيرة الفرنسية لدى طرابلس، خلال لقاء عقده معها وزير الداخلية الليبي فتحي باش آغا في العاصمة الليبية طرابلس،إن بلادها مستعدة لمساعدة ليبيا في تدريب الشرطة ومراقبة الحدود.

وأوضح بيان لوزارة الداخلية الليبية،الثلاثاء، أن وزير الداخلية فتحي باش آغا، استقبل بالعاصمة طرابلس سفيرة فرنسا لدى ليبيا بياتريس دوهيلين، التي جددت رغبة بلادها لدعم وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات وخاصة الأمنية منها.

وأكدت السفيرة الفرنسية استعداد باريس لتقديم الدعم اللوجستي لليبيا من خلال مساعدتها في مراقبة الحدود ووضع الخطط الأمنية وتدريب كافة منتسبي وزارة الداخلية في الداخل والخارج.

من جهته أعطي باشاغا نبذة مختصرة عن الوضع الأمني داخل العاصمة طرابلس وضواحيها, مشدداً على ضرورة استتباب الأمن داخل كافة ربوع الوطن باعتبار وزارة الداخلية هي عصب الدولة وعمودها الفقري.

وأعرب وزير الداخلية عن سعادته بهذا اللقاء الذي قال إنه يعتبر بداية تعاون أمني حقيقي بين البلدين في مجالات التدريب ورفع كفاءة الشرطة والأمن في ليبيا، من أجل إعادة الثقة بقوات الأمن باعتبارها المسؤولة الأولى عن سلامة وتأمين الممتلكات العامة والخاصة.

كما أشار الوزير إلى تفعيل كافة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين ليبيا وفرنسا في كافة المجالات الأمنية، لمساعدة ليبيا في الحد من تدفق المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا مروراً بليبيا ولمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت ناقوس خطر يهدد أمن وسلامة كافة دول العالم عامة وليبيا خاصة، بحسب وصفه.