بات الوضع في ليبيا مفتوحاً على كل الاحتمالات بما في ذلك بروز برلمانين وحكومتين، بعد نجاح قوات «فجر ليبيا»، في طرد الكتائب المنتمية للزنتان المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من مطار طرابلس الدولي بعد معارك طاحنة دامت أكثر من شهر تعرضت فيها مرافق حيوية وممتلكات عامة وخاصة للدمار وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وإضافة الى المطار، نجح مسلحو «فجر ليبيا» المحسوبون على التيار الإسلامي في طرد كتائب «القعقاع» و«الصواعق» و«المدني» من مواقع عدة، اهمها «جمعية الدعوة الإسلامية» حيث المقر العالم لـ «تحالف القوى الوطنية» (الليبيرالي) بزعامة محمود جبريل و«معسكر 7 ابريل» ووزارة الداخلية.

ترافق ذلك مع تطورات سياسية بالغة الأهمية، تجسدت في اعلان البرلمان المنعقد في طبرق ان «الجماعات التابعة لعملية فجر ليبيا وتنظيم أنصار الشريعة، جماعات إرهابية خارجة على القانون ومحاربة للشرعية».

والأهم من ذلك، وقوف البرلمان الى جانب اللواء حفتر، ما اعتبره خصومه انحيازاً الى طرف في الصراع، اذ اعتبر ناطق باسم البرلمان أن «هذه الجماعات تعدُّ هدفاً مشروعاً لقوات الجيش الوطني» بقيادة حفتر الذي أكد البرلمان دعمه وتأييده له، معتبراً أن «الحرب الدائرة الآن هي بين الدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية ويقودها ضباط وجنود الجيش ضد جماعات إرهابية».

في المقابل، قرر المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) استئناف جلساته بناء على طلب قوات «فجر ليبيا». وبرر الناطق باسم المؤتمر عمر حميدان قرار المجلس المنتهية ولايته، بأن مجلس النواب «لم يلتزم الإعلان الدستوري» لجهة اجراءات التسليم والتسلم، مشيراً إلى أن المؤتمر «آثر ألا يترك البلاد عرضة للانقسام والتشظي».

وكان الناطق باسم «فجر ليبيا»، دعا إلى انعقاد جلسة عاجلة للمؤتمر الوطني باعتباره «الجسم الشرعي الوحيد القائم لضمان الحفاظ على ثوابت ثورة 17 فبراير»، في تكرار لاتهام «الثوار الإسلاميين» خصومهم بالقيام بـ «ثورة مضادة» لإعادة منظومة العقيد معمر القذافي الى السلطة.

ورأى مراقبون في التطورات العسكرية التي بدأت مع اعلان حفتر انقلابه على السلطة وإطلاق حربه على «الإرهاب» في بنغازي في ايار (مايو) الماضي، وصولاً الى احداث الساعات الأخيرة، انها «سلسلة انقلابات لبسط النفوذ وإقصاء الآخر، تخالف كل الأسس والقواعد القانونية والديموقراطية، وهو ما لا يقود الى اعادة بناء دولة انهكها الاستبداد المستقوي بالكتائب المسلحة أو المرتهن لأجندات غير وطنية».

أزمة مع الجوار

وفي مؤشر يعزز مخاوف من تفاقم الأزمة مع دول الجوار، اتهم ناطق باسم قوات «فجر ليبيا» مصر والإمارات، بشن غارات جوية هدفت إلى مساعدة مقاتلي الزنتان في الاحتفاظ بمطار طرابلس الدولي. ووقعت آخر الغارات أول من أمس، قبل ساعات من سقوط المطار.

وكانت «فجر ليبيا» أعلنت قبل سيطرتها على المطار، أن طائرات «مجهولة» شنت غارات على مواقعها، أدت إلى مقتل 13 مقاتلاً إسلامياً وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجروح. كما اتهمت البرلمان الليبي والحكومة الموقتة بـ «التواطؤ» في هذا الأمر. وأتى اتهام مصر والإمارات، على رغم إعلان قوات حفتر مسؤوليتها عن الغارات التي بدأت يوم الاثنين الماضي. وأعلنت الحكومة الليبية في حينه، أنها لا تعرف الجهة التي تقف وراء الغارات، فيما أكدت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أنها نفذت بطائرات لا تملكها ليبيا.

ويأتي ذلك عشية انعقاد الاجتماع الوزاري الرابع لدول جوار ليبيا في القاهرة اليوم.

وأعلنت الخارجية المصرية في بيان أمس، أن وزراء خارجية ليبيا والجزائر وتونس والسودان وتشاد ومصر سيشاركون في الاجتماع، إضافة إلى مسؤول من النيجر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وداليتا محمد داليتا، مبعوث الاتحاد الأفريقي إلي ليبيا وناصر القدوة مبعوث الجامعة العربية إلى هذا البلد.

 

*نقلا عن الحياة