قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، إن تركيا بدأت في إرسال قوات لدعم الحكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة في ليبيا والتي تواجه موقف صعب، مما يشير إلى تصاعد كبير في الحرب بالوكالة التي اجتاحت الدولة الغنية بالنفط في شمالي إفريقيا.

أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، مساء الأحد، أنه تم بالفعل إرسال أفراد من الجيش التركي إلى ليبيا لدعم الحكومة المحاصرة في العاصمة طرابلس التي تتعرض للهجوم من قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي تدعمه قوى أجنبية.

وقال الرئيس أردوغان في مقابلة مع الإذاعة التركية وقناة سي إن إن تورك وقناة دي قانال "سيكون هناك مركز عمليات، وسيكون هناك قائد تركي، وسيديرون الوضع هناك"، مضيفا "هم في طريقهم الآن ".

وقال الرئيس أردوغان إن القوات المسلحة التركية لن يكون لها دور قتالي وأن "وحدات مختلفة" ستقود القتال. ويتوقع المحللون أن تستخدم تركيا الميليشيات السورية التي قادت ثلاث عمليات تركية سابقة في بلدها الأم كقوة عاملة.

إن النشر العلني للقوات المسلحة التركية في ليبيا سوف يبشر بتصعيد في نزاع دموي ومن المرجح أن يؤدي إلى تفاقم التوترات مع خصوم أنقرة الأقوياء في الخليج وكذلك الولايات المتحدة.

وبينما تدعم تركيا حكومة الوفاق بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج المتعثرة، فإن خصمه المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على معظم البلاد ويحاول منذ أبريل الماضي السيطرة على طرابلس ويحظى بدعم مصر وروسيا وفرنسا.

ويقول دبلوماسيون إن الإمارات العربية المتحدة زودت المشير حفتر بطائرات بدون طيار صينية وضباط لتشغيلها بينما زودت تركيا حكومة طرابلس بطائرات بدون طيار وعربات مدرعة. وأرسلت موسكو مئات الأشخاص من مجموعة فاجنر –شركة الأمن الخاصة التيي ترتبط بعلاقات وثيقة بالرئيس فلاديمير بوتين-للقتال إلى جانب قوات حفتر.

ووسط تصاعد العنف وعقب قرار البرلمان التركي بالموافقة على اقتراح بإرسال قوات إلى ليبيا حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي الرئيس أردوغان من أن "التدخل الأجنبي يعقد الوضع" في ليبيا.

ويوم الأحد أدانت السفارة الأمريكية في ليبيا التصعيد الأخير بما في ذلك الهجوم المميت على أكاديمية عسكرية ليلة السبت ووصفت دور القوى الأجنبية في البلاد بأنه "سام".

وتجادل تركيا بأنها تتصرف للدفاع عن حكومة شرعية معترف بها دولياً تتعرض لهجوم من "قائد عسكري".

وتأمل أنقرة في أن تؤكد نفسها بقوة أكبر في ليبيا وأن تساعد على استعادة توازن القوى، وتقوية يد حكومة طرابلس المتعثرة في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل تفاوضي للنزاع.

كما تعتمد تركيا على دعم ليبيا -حليف نادر في المنطقة -في نزاع متوتر مع اليونان وقبرص ومصر حول الهيدروكربونات واحتياطات الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

لكن العديد من الدبلوماسيين يشعرون بالقلق من أن التدخل التركي الأعمق في الصراع سيؤدي ببساطة إلى المزيد من سفك الدماء.

وبعد توقيع اتفاق التعاون العسكري بين تركيا وطرابلس في أواخر نوفمبر، وتعرض الجزء الغربي من ليبيا لتكثيف من الهجمات الجوية والطائرات بدون طيار ضد أهداف تشمل المطارات التي يستخدمها المدنيون.

في ليلة السبت قُتل ما لا يقل عن 30 شخصًا معظمهم من الشباب في غارة جوية على أكاديمية عسكرية في العاصمة الليبية.

وأدانت الأمم المتحدة الهجوم "بأقوى العبارات" وحذرت من أن "القصف العشوائي المستمر" للأهداف المدنية قد يصل إلى مستوى جرائم الحرب. يحاول غسان سلامه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا منذ شهور تنظيم مؤتمر في برلين لحمل المؤيدين الأجانب من الأطراف المتحاربة على الالتزام بحظر الأسلحة والحد من التدخل.

وقال المحلل الليبي عماد الدين بادي إن تصعيد حملة حفتر في الأسابيع الأخيرة كان محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم قبل إرسال أي تعزيزات عسكرية تركية لمساعدة خصومه.

وأضاف "الأتراك لا يمكنهم فعل الكثير إذا كانت قوات حفتر موجودة بالفعل في وسط طرابلس حيث سيتحول الصراع إلى حرب عصابات"، موضحا "يعتقد مؤيدو حفتر أنه إذا استطاع الدخول إلى المدينة فسوف يسقط حكومة الوفاق وسيحدث تغيير في المشهد السياسي".

وقال إنهم يعتقدون أن حفتر يمكن أن يسيطر بعد ذلك على موارد البلاد من خلال تعيين قادة جدد في المؤسسات السيادية مثل البنك المركزي الذي يسيطر على عائدات النفط.