رغم أنه كان متوقعا أن يثير مقعد مصر الخالي في قمة الإتحاد الأفريقية المقامة حاليا في أثوبيا ردود فعل غاضبة من جانب مصر والحكومة الحالية، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، حيث حرصت مصر على ضبط النفس وعدم الإنجراف وراء صراعات سياسية مع الإتحاد، و كان رد الجانب المصري هادئا إلى اقصى درجة وربما يعود ذلك إلى انشغال الحكومة الانتقالية الحالية بالمضي قدما في خارطة الطريق والتحضير لإنتخابات الرئاسة المقرر إجرائها خلال الشهور المقبلة، وأيضا انشغالها بالقضاء على المحاولات الإرهابية من جانب جماعة الإخوان التي تحاول إرباك المشهد السياسي وتعطيل خارطة الطريق.

وتعد تلك هي المرة الأولى التي تغيب فيها مصر عن أعمال قمة الاتحاد الإفريقي منذ انشاء المنظمة منذ 51 عاما مضت، حيث جاء قرار تجميد عضوية مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 والتي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي، حيث زعم الإتحاد أن هذا التطور السياسي في مصر يعد انقلابا على السلطة المنتخبة، وهو ما رأه العديد من السياسين في مصر قرارا متسرعا، وقال  السفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن الأيام السابقة شهدت تحركات مكثفة من قبل وزير الخارجية نبيل فهمي، مع عدد من الحكومات الأفريقية، لحشد التأييد لرفع قرار تجميد عضوية مصر في الاتحاد، كما كانت هناك عدة تحركات ومباحثات بين سفراء مصر في الدول الأفريقية وحكومات تلك الدول، لشرح وجهة نظر الجانب المصري ونقل الحقيقة فيما يحدث في الشارع والتأكيد على أن مصر تشهد حراكا سياسيا غير عاديا وأنها تسعى قدما في تطبيق الديمقراطية بعد ثورتين شعبتين هما 25 يناير و30 يونيو، وأرسل الرئيس المؤقت عدلي منصور عدة رسائل عبر السفراء إلى حكومات الدول الأفريقيىة يؤكد خلالها أن مصر اتخذت عدة خطوات من أجل تنفيذ خارطة الطريق، وكان آخرها الاستفتاء على الدستور.
وترى مساعد وزير الخارجية لشئون إفريقيا السفيرة منى عمر أن الدول الأفريقية والمؤتمر الأفريقي خسر كثيرا بسبب غياب مصر، التي لا ينكر أحدا أهميتها في أفريقيا والدور الكبير الذي تلعبه في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أن الأيام المقبلة ستشهد تحركات دبلوماسية مكثفة في عدة دول أفريقية لشرح حقيقة الموقف في مصر، مؤكدة أن تلك التحركات الدبلوماسية أمرا ضروريا وحتميا.

وأوضحت الخارجية المصرية أنه رغم قرار تجميد العضوية إلا أنه تم إيفاد  نائب وزير الخارجية للشؤون الإفريقية السفير حمدي لوزا إلي أديس أبابا، لتقديم تقريرا حول تطور الأوضاع في مصر، بناء على طلب من مجلس الإتحاد الأفريقي، وأن مصر تبدو حرصها على استمرار التعاون مع الاتحاد حتى لا يدعي أي طرف أن مصر غير متعاونة.
ورجحت الخارجية المصرية أنه من المتوقع أن يتم رفع قرار تجميد العضوية في الفترة المقبلة، خصوصا أن العلاقات الثنائية بين القاهرة وعدد من حكومات الدول الأفريقية تسير بانتظام وعلى أكمل وجه، حيث أجرى وزير الخارجية نبيل فهمي 3 جولات في عدد من الدول ويتم حاليا الترتيب لجولة رابعة محتملة.
فيما اعتبر محمد فائق الأمين العام السابق للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ووزير الإعلام والدولة للشؤون الخارجية الأسبق، أن تجميد عضوية مصر وغيابها عن القمة الإفريقية يؤكد أن الاتحاد تأثر بالحملة الدولية التي شنت علي مصر عقب ثورة 30 يونيو التي قام بها الشعب وساندها الجيش، وتوقع فائق ألا يستمر التجميد طويلا وسيتغير الوضع تمام بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مشيرا إلى أن الاتحاد الإفريقي جانبه الصواب في التفرقة بين الانقلاب والثورة الشعبية.

ويؤكد محللون سياسيون أن رفع قرار تجميد عضوية مصر سيتم رفعه عقب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خصوصا أن التاريخ يشهد نماذج سابقة لدول تم تجميد عضويتها ثم عادت مرة أخرى إلى الاتحاد عقب اجراء الانتخابات ومنها موريتانيا والنيجر ومالي، حسبما يؤكد أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة أيمن شبانة.