مازالت الأوضاع الأمنية تشكل أحد أبرز مواضيع الساعة في الساحة الليبية في ظل التطورات التي تشهدها بشكل متواصل ،وباتت المنطقة الغربية خلال الفترة الأخيرة محط الأنظار في ظل ما تعيشه من احتجاجات شعبية للتنديد بالأوضاع المعيشية الصعبة فيما تتصاعد مؤشرات الفوضى الأمنية وخاصة في العاصمة طرابلس.

ففي تطور خطير، شهدت العاصمة طرابلس تفجيرا انتحاريا هو الأول من نوعه منذ فترة.حيث قام  انتحاري بتفجير نفسه، قرب دورية أمنية بجزيرة الغيران المدخل الشرقي لجنزور.وقالت تقارير اعلامية أن التفجير لم يسفر عن وقوع اصابات مرجعة ذلك الى كون الانتحاري "فجر نفسه قبل الوصول للدورية، كما أن الطريق لم يكن مزدحما بالمارة لأن الوقت التفجير كان مبكرا".

وتحتوي منطقة جنزور على مقر البعثة الأممية وعدد من المنظمات الدولية إضافة إلى أنها محل إقامة وزير الداخليةورئيس المجلس الأعلى للدولة.ولم تعلن السلطات الرسمية في حكومة الوفاق أو وزارة الداخلية عن العملية،لكن الأجهزة الأمنية طوقت المكان وأغلقت الطريق لتسهيل عمل أجهزة البحث الجنائية، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير.

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام احتجاجات واسعة للتنديد برئيس حكومة الوفاق فايز السراج محملة إياه مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية.ووحاولت المليشيات المسلحة وأد الاحتجاجات حيث مارست الاعتقالات والاختطاف والتهديد بالرصاص، إلا أن الحراك الشعبي يصر على الاستمرار في تحركاته السلمية لاسقاط حكومة السراج وحلفائها.

وتعمق هذه الاحتجاجات مأزق حكومة الوفاق التي تعيش على وقع تصاعد حدة الصراع بين رئيس مجلسها الرئاسي فائز السراج ووزير داخليته فتحي باشا آغا،حيث أصدر الأول ،مساء الجمعة الماضية،  قرارا بوقف الأخير عن العمل وإحالته إلى التحقيق على خلفية أسلوب معالجته الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس أخيراً.

هذا القرار قوبل بتحدى من طرف باشاآغا الذي استقبله مسلحو مليشيات مدينة مصراتة،بـ 300 مدرعة، فور وصوله إلى مطار معيتقه قادما من أنقرة.فيما هدد محمد الحصان آمر "الكتيبة 166" التابعة لدفاع حكومة الوفاق، بالانشقاق عن الحكومة.وقال الحصان: "لن أسكت عن الفساد وإذا خرج وزير الداخلية باشاغا من الحكومة فلن تعد تمثلني حكومة الوفاق".

وتنذر هذه التطورات باحتمال عودة الصراع بين مليشيات طرابلس المسلحة ومليشيات مصراتة القوية التي تراجع نفوذها على العاصمة لمصلحة الأولى منذ العام 2018. ورغم اعتماد حكومة السراج عليها بشكل رئيسي في صد هجوم الجيش الوطني الليبي على طرابلس في ابريل/نيسان 2019،فان مليشيات مصراتة بحسب الكثيرين تسعى للسيطرة على العاصمة.

وتعيش مدن غرب ليبيا وخاصة العاصمة على وقع فوضى أمنية في ظل عودة صراعات المليشيات ناهيك عن استمرار التدخلات التركية الساعية لتأجيج الأوضاع.حيث نقلت تقارير اعلامية عن مصادر أمنية هبوط طائرات شحن تركية تحمل معدات عسكرية، في مصراتة، وقاعدة الوطية في العاصمة الليبية طرابلس.

ونقل موقع "ارم نيوزالاخباري عن  الضابط مخلوف بن عمر، من أمن مدينة العجيلات، إن "تركيا سيرت جسرا جويا إلى ليبيا، تكون من طائرات شحن عسكرية، هبطت منها (طراز آ400) في مدينة مصراتة فجر الثلاثاء، فيما هبطت الطائرتان الأخريان وهما من نوع سي 130، في قاعدة الوطية، قبل أن تعود إلى تركيا.

وأضاف بن عمر، أن "مصادر قريبة من القاعدة أكدت لهم أن الطائرتين التي هبطت بقاعدة الوطية، كان على متنهما شحنة عسكرية خاصة بالدفاعات الجوية والاتصالات والطيران المسير".مشيرا إلى أن ذلك يأتي بعد توقف هبوط الطائرات التركية في قاعدة الوطية لعدة أسابيع على خلفية قصف القاعدة من قبل طيران مجهول منذ حوالي شهرين.

وبدوره كشف موقع "إيتاميل رادارالمتخصص في الرصد الجوي،أن طائرتي شحن عسكري تركيتين هبطتا في قاعدة عقبة بن نافع بمنطقة الوطية صباح الثلاثاء ثم مغادرتهما عائدتين بعد تفريغ شحنتيهما.وأكد الموقع استمرار الجسر الجوي التركي إلى قاعدة الوطية، مشيرا إلى هبوط ومغادرة طائرتي شحن تابعتين لسلاح الجو التركي من قاعدة عقبة بن نافع الجوية.

وتسعى تركيا لتحويل بعض القواعد الجوية والبحرية في طرابلس ومصراتة،الى مراكز لوجود دائم لها في ليبيا.وكان وزير الدفاع التركي خلوصي آكار،زار رفقة وزير الدفاع القطري خالد العطية،في وقت سابق، العاصمة طرابلس،حيث اجتمع الوزيران بعدد من المسؤولين الليبيين، وتم الاتفاق على تحويل ميناء مصراتة إلى قاعدة بحرية عسكرية للسفن التركية العاملة شرقي المتوسط، والقاعدة العسكرية التركية في قاعدة الوطية الجوية، جنوب طرابلس.

وفي منتصف آبأغسطس الماضي، كشف موقع عسكري بلجيكي، عن نشر القوات التركية في ليبيا، منظومة "كوركوتفي قاعدة الوطية الجوية في ليبيا، وهي منظومة مضادة للطائرات ذاتية الدفع من عيار 35 ملم.ووفق الموقع البلجيكي، تعتبر منظومة "كوركوت"، من أنظمة الدفاع الذاتي قصيرة المدى، وهي من الصناعات العسكرية التركية. 

وتأتي هذه التحركات التركية بالرغم من اعلان الفرقاء الليبيين عن وقف اطلاق النار في كامل ربوع البلاد.وقوبل هذا الاتفاق الذي صدر عن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج من جهة، وعقيلة صالح، رئيس البرلمان من جهة أخرى،بترحيب دولي واسع كونه يمثل خطوة كبيرة نحو التهدئة للوصول الى تسوية سياسية في ليبيا.

وتتدخل تركيا في ليبيا بشكل سافر،ونقلت أنقرة حتى الآن أكثر من 20 ألف مرتزق سوري إلى الأراضي الليبية إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى حسبما أعلن رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.وتحدثت تقارير إعلامية عن وصول قيادات إرهابية لتنفيذ أجندات النظام التركي في ليبيا والمنطقة.