يخيم التوتر الأمني على العاصمة الليبية طرابلس وسط تحركات المليشيات المسلحة التي تواصل حشد قواتها مع تصاعد مخاوفها من احتمال إقدام الجيش الوطني الليبي، على التحرك لتحرير العاصمة التي تعيش أوضاعا أمنية ومعيشية صعبة في ظل هيمنة الميليشيات المتنازعة على مناطق السلطة والنفوذ في المدينة منذ نحو سنوات.

الى ذلك،أعلنت ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية في العاصمة طرابلس، تشكيل القوة الموجودة في المنطقة الغربية في البلاد، تحت قيادة موحدة بينها. وكشفت "قوة حماية طرابلس" في بيان أصدرته في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، النقاب عن مشاركتها في اجتماعات جرت الأسبوع الماضي لتوحيد القوة الموجودة في المنطقة الغربية، ممثلة في المناطق العسكرية الثلاث، المنطقة العسكرية طرابلس بإمرة اللواء عبد الباسط مروان والغربية بإمرة اللواء أسامة جويلي والوسطى بإمرة اللواء محمد الحداد، بالإضافة إلى وحدات تابعة لوزارة الداخلية.

وقالت القوة إن هذا الاجتماع جاء نتيجة لغياب مؤسسات الدولة وسعيها نحو مصالح شخصية لتقاسم السلطة وثروات هذا البلد والانفراد بها، ولفتت إلى أن مرجعية القيادة الجديدة هي إرساء الأمن والتحاور وتجنيب مناطق المنطقة الغربية أن تكون ساحة حرب بين أبنائها، مجددة موقفها المناوئ لاستمرار تفكك المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج.

وبالرغم من زعمها تبعيتها لحكومة الوفاق،فقد أكدت القوة أنها ستنصاع لهذا المجلس وتنضوي تحت سلطته متى كان مجتمعاً بأعضائه التسعة وفقاً لما نص عليه الاتفاق السياسي الموقع في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.مشيرة في بيانها إلى تحركات بعض الأفراد والمجموعات التي أثارت بعض المشاكل في المنطقة الغربية، ومحاولتها شق الصف بين القوة التي تؤمن هذه المنطقة الممتدة من سرت حتى رأس أجدير.

وكان آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أسامة الجويلي،اجتمع  الأسبوع الماضي،مع عدد من قادة ميليشيات طرابلس والزاوية ومصراتة،لبحث سُبل تجهيز قوة عسكرية قوامها 1500 سيارة مسلحة لمنع قوات الجيش من دخول المدينة.وفي بيان رسمي لقوة حماية طرابلس، التي تضم كلا من قوة الردع الخاصة، النواصي، كتيبة ثوار طرابلس، ردع أبوسليم، غنيوة، وكتيبة باب تاجوراء، أكدت تصديها لأي محاولات من قبل قوات الجيش لدخول العاصمة.

وجاء هذا التحرك،مع تصاعد مخاوف المليشيات طيلة الفترة الماضية والتي شهدت نجاح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في بسط سيطرته على جنوب البلاد، والقضاء على كافة الكيانات المسلحة الخارجة على الدولة، ما زاد من احتمالية دخول الجيش للعاصمة، لاستمرار عملية تطهير ليبيا من الميليشيات.

وبسيطرة الجيش على أغلب المناطق الجنوبية، بما فيها الحقول النفطية والقواعد العسكرية، إضافة إلى المنطقة الشرقية،تصاعد الحديث عن تقدمه باتجاه العاصمة طرابلس،وأفاد مصدر عسكري في القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية شرقي البلاد،الثلاثاء 02 أبريل 2019، بأن وحدات من الجيش الليبي تتقدم باتجاه العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن القيادة أصدرت تعليمات بدعم غرفة عمليات تحرير طرابلس.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية،عن المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن "القيادة العامة أصدرت تعليماتها من أجل دخول قوات الجيش الليبي إلى العاصمة الليبية طرابلس لتحريرها من المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها"، مشيرا إلى أن "القيادة العامة بدأت في دعم غرفة عمليات تحرير العاصمة حيث قامت بإرسال العديد من المقاتلين والكتائب وعلى رأسها اللواء 106 وكتيبة طارق بن زياد وكذلك عمليات الردع فرع الوسطى بالإضافة إلى اللواء 73 واللواء 166 إلى جانب باقي الكتائب الأخرى التابعة للجيش الليبي".

وأضاف أن "الكتائب والمقاتلين قد وصل بعضها إلى منطقة الجفرة، أما باقي القوات بسبب  الطريق الطويلة وبعد المسافات بين الشرق والغرب تتوقف بين الحين والآخر للراحة ولكنها مستمرة في اتجاه لطرابلس".مشيرا الى أنه "توجد العديد من كتائب عسكرية في الغرب الليبي في انتظار وصول باقي قوات الجيش الليبي انتظارا لساعة الصفر".

وتزايدت مؤخرا تحركات الجيش الليبي،ونشرت غرفة الإعلام الحربي للجيش الليبي في الشرق خلال اليومين الماضيين لقطات مصورة لعناصر القوات المسلحة أثناء تجولهم في مدينة غريان في غرب البلاد.وبحسب ما أعلنت الغرفة دخلت قوات الجيش مدينة غريان، الجمعة الماضية، دون قتال، أو أي مواجهات.

وفي وقت سابق،أصدر المشير خليفة حفتر القرار رقم 108 للعام الجاري بشأن تشكيل مجموعة عمليات المنطقة الغربية وكلف المشير في قراره الصادر في السابع عشر من مارس اللواء ركن عبد السلام الحاسي آمراً لمجموعة عمليات المنطقة الغربية، إضافة إلى تكلف اللواء ركن الصادق المزوغي معاوناً لآمر المجموعة.

وتتزامن هذه التحركات مع التصريحات المتتالية من قادة الجيش بإصرارهم على دخول طرابلس.وكان المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري قد قال في كلمته خلال اجتماعات الجيش،الاسبوع الماضي،إن "الجيش سيدخل العاصمة طرابلس ولكن في الوقت المحدد والمدروس".وتابع المسماري، أن "الجيش لن يرضى بحزب مسلح في العاصمة الليبية طرابلس ترعاه الأمم المتحدة"، في إشارة إلى التشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس والتي لاتزال تسيطر على العاصمة وتعمل بعثة الأمم المتحدة على إدخالها في حوار سياسي والمشاركة في السلطة.

وقوبلت الأنباء بتحرك الجيش الليبي لدخول طرابلس،بتاييد شعبي واسع حيث خرجت مظاهرات عدة تجوب العاصمة، لإعلان تأييدها لتحركات الجيش، إلى أن تم تفريقها من قبل عناصر المليشيات المسلحة، حيث قاموا بفض تظاهرة من أمام قاعة الشعب بطرابلس، رفعت لافتات تؤيد تحركات الجيش صوب العاصمة.كما أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي،الفترة الماضية هاشتاق عن دخول العاصمة بعنوان "تأمين العاصمة" دعوا فيه أهالي طرابلس إلى التضامن مع القوات المسلحة وأن من يبقى في بيته فهو آمن.

وتعيش العاصمة الليبية طرابلس على وقع انفلات أمني منذ العام 2011،مع تواصل تغول الميليشيات التي ترسخ وجودها في ظل غياب مؤسسات الدولة.وتبقى المدينة بحسب المراقبين،أسيرة للصراعات والإشتباكات وغياب الأمن،ماجعل أغلب سكانها يعيشيون على وقع الخوف الدائم،وهو ما دفع لخروج عدة احتجاجات شعبية على تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية،والمطالبة بخروج الميليشيات من المدينة.