دفع التراجع الحاد في ظهور حالات جديدة لـ"إيبولا" بغرب إفريقيا في الآونة الأخيرة العلماء إلى التساؤل عما إذا كان بعض الناس قد اكتسبوا مناعة من فيروس المرض القاتل، في الوقت الذي أودى فيه بحياة جيرانهم الآخرين بصورة بشعة.

ومن الموضوعات التي يثور حولها جدل صاخب بين العلماء حالات إيبولا التي يتعرض خلالها شخص ما للفيروس، ثم يقوم جسمه بتخليق الأجسام المضادة فلا يمرض أو تظهر عليه الأعراض. ويقول بعض العلماء إن وجود هذه الظاهرة ليست سوى أضغاث أحلام.

لكن إذا كانت هذه الحالات تحدث بالفعل -مثلما تشير بعض الدراسات- في أوبئة لأمراض فتاكة، فقد يكون ذلك عاملاً رئيسياً في القضاء على الإصابات بصورة أسرع من خلال توفير حماية خفية لأولئك المحظوظين من القادرين على إبعاد العدوى عنهم.

وقال فيليب موجان كبير مديري العمليات لفرع الخدمات الإنسانية في المفوضية الأوروبية "نتساءل عما إذا كانت "المناعة الجماعية" تظهر بصورة خفية- عندما تجد مجموعة من الناس تكتسب مناعة لأنهم يحملون الفيروس، لكن لا تظهر عليهم أعراض المرض لأنهم يتمتعون بالمناعة. ربما يكون الفيروس يتراجع ولم يعد بمقدوره إصابة آخرين".

ومن بين خصائص العديد من الأمراض المعدية ما يعرف باسم المناعة الجماعية التي يمكن لها -في بعض الحالات- أن تقلل التفشي إذا أصبح كثيرون يحملون الفيروس، لكن لا تظهر عليهم الأعراض ويكتسبون أجساما مضادة وقائية. وبعد فترة فإن الفيروس -سواء كان يخص

الإنفلونزا أو الحصبة أو شلل الأطفال- لن يجد أشخاصا لا يتمتعون بالمناعة كي يصيبهم.

لكن بعض المتخصصين من أصحاب الخبرة الواسعة بتفشي الأمراض، يشكون بدرجة كبيرة في أن هذه الظاهرة ترتبط بإيبولا أو ما إذا كانت ستؤثر على الوباء.

وقال ديفيد هيمان الخبير في الأمراض المعدية ورئيس الرعاية الصحية عالميا لدى مركز بحوث (تشاتام هاوس) ومقره بريطانيا "بعض الاقتراحات تشير إلى أن بعض الإصابات أقل حدة، وقد يكون البعض منها ممن لا تظهر له أعراض. لكن وجود مناعة جماعية مصطلح خاطئ. ربما تنشأ مناعة محلية لكن هذا أيضا مجرد فرضية".

ويقول ستيف بيلان من جامعة تكساس بالولايات المتحدة إنه إذا تمكن العلماء من التعرف بصورة مؤكدة على من يحملون الفيروس، ولا تظهر عليهم الأعراض فقد يساعدون في مهمة مكافحة المرض والقيام برعاية المرضى، وإنهاء إجراءات الدفن مع الحد من أعداد الناس غير المحصنين الذين يتعرضون للإصابة، بسبب قيامهم بمهام خطيرة كالدفن أو رعاية المرضى.

ويشير بيلان إلى دراستين على وجه الخصوص أجريت الأولى بعد تفشي إيبولا في الجابون عام 1997، وتوصلت إلى أن 71 في المائة ممن توجد آثار للفيروس في دمائهم لا يعانون من المرض. والدراسة الأخرى نشرت في إبريل/نيسان من عام 2002 ووجدت أن 46 في المائة من الأقارب المقربين لمن لم تظهر عليهم أعراض المرض يحملون الفيروس في الدم.

ويوافق إيان ماكاي أستاذ الفيروسات بجامعة كوينزلاند بأستراليا على أن احتمال اكتساب المناعة غير الإكلينيكية أحد الألغاز المحيرة لفيروس إيبولا.