أثارت العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على مهندس عملية "فجر ليبياوآمر ما يسمى بـ"لواء الصمودفي مدينة مصراتة، صلاح بادي الرأي العام الداخلي في ليبيا و طرحت نقاشات مختلفة تعامل المجتمع الدولي مع هذا التيار.

تشهد جماعات الإسلام السياسي في ليبيا حالة قلق و توجس حيال هذا الإجراء الدولي الطارئ خاصة في ظل ظرف إقليمي متقلب.

تحرك دولي

وسّع مجلس الأمن نظام العقوبات الدولية التي تستهدف ليبيا لتشمل مختلف الفصائل والميليشيات المسلحة الموالية للتنظيمات المتطرفة، وبموجب نص القرار فإن العقوبات التي تشمل حظر السلاح وتجميد الأموال ومنع السفر ستستهدف أيضا الأشخاص أو الكيانات التي ترتكب أو تساعد على ارتكاب  أفعال تهدد السلم أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو التي تعرقل أو تسيء إلى الانتقال السياسي.

كما يشمل القرار الأفراد أو الجهات التي تدعم المجموعات المسلحة أو الجريمة المنظمة من خلال الاستغلال غير المشروع لموارد البلاد النفطية.

ويوضح نص القرار الدولي أن الأمر يعني المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وعن الهجمات على البنى التحتية مثل المطارات والموانئ البحرية أو المقار الدبلوماسية الأجنبية في ليبيا.

إذ أكد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، أن العديد من القيادات المحسوبة على الميليشيات المسلحة وتيار الإسلام السياسي في ليبيا، على رأس قائمة العقوبات الأممية.

وأوضح الدباشي أن قائمة العقوبات موجودة لدى كل من مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية بأسماء من ثبتت عرقلتهم للمسار الانتقالي في البلاد.

وكشف الدباشي في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، عن بعض الأسماء التي من بينها المفتي السابق الصادق الغرياني، وصلاح بادي أبرز قادة فجر ليبيا وعبدالرحمن السويحلي عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.

تفاعل داخلي

طالب شق واسع من الليبيين بمحاكمة صلاح بادي العضو السابق في المؤتمر العام والذي تصفه الأوساط السياسية الليبية بـمهندس فجر ليبيا، وقاد بادي الهجوم على مطار طرابلس في يوليو 2014، وأسفر هذا الهجوم عن خسائر مادية كبيرة، حيث احترقت خزانات الوقود الرئيسية في طريق المطار لعدة أيام وأتلفت العديد من الطائرات المدنية.

فيما اعتبر عضو مجلس النواب أبو بكر بعيرة  السبت أن العقوبات الدولية المعلنة من البعثة الأممية على منتهكي القانون بليبيا هي مسكنات ولا تمثل حلا نهائيا للنزاع.

بعيرة أردف في تصريح لموقع أصوات مغاربية” أن هذه الحروب المتتالية في طرابلس وبنغازي ودرنة والجنوب أنكهت الليبيين وأدخلتهم في معاناة طويلة لم تنته بعد.

وتابع عضو مجلس النواب قائلاً :"الصراع الدولي على ليبيا خاصة بين دولتي فرنسا وإيطاليا تسبب في نتيجة سلبية لأحداث طرابلس واستمرار التجاذبات السياسية بين الليبيين".

وختم بعيره بالتأكيد على أن الحل النهائي يكمن في حسم أحد الأطراف عسكريا والسيطرة على المشهد وفق توافقات لفرض رؤيته على الآخرين.

وأكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أن العقوبات الدولية التي فرضت ضده تهدف إلى إبعاده عن المشهد السياسي في ليبيا، لأن هناك من يعتقد أنه سببا في عدم اعتماد حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن المجلس الرئاسي.

وقال صالح في مقابلة أجرته معه قناة 218  أمس الأحد، "إنه سأل مسؤولين من إيطاليا وفرنسا عن سبب العقوبات الدولية ضده لكنهم لم يقولوا له سببا جوهرياوهو ما يدفعه إلى الاعتقاد أن عدم اعترافه بشرعية المجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج هو السبب الذي يُعاقَب عليه".

وأضاف صالح، أن من أسباب فرض العقوبات ضده، هي رفضه الدائم للتدخل الأجنبي في ليبيا، وسعيهم لفرض أشخاص على الليبيين، وأيضا انحيازه منذ البداية لليبيا والليبيين، على حد قوله.

ردود فعل دولية

تفاعلت القوى الدولية بشكل سريع حول العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن بشأن عدد من الشخصيات الليبية.

حيث رحبت فرنسا، اليوم الاثنين، بعقوبات أقرها مجلس الأمن على صلاح بادي، قائد ما يعرف بـ "لواء الصمودالمتورط في اشتباكات اندلعت في العاصمة الليبية طرابلس أواخر آبأغسطس ودامت أسابيع راح ضحيتها أكثر من مئة قتيل ومئات المصابين.

وقالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية، آنييس فان دور مول في بيان، "فرنسا ترحب بقرار مجلس الأمن الذي أتى ضمن مبادرة فرنسية وبريطانية بفرض عقوبات على المواطن الليبي صلاح بادي، والذي لعب دورا محوريا في المواجهات التي جرت في ليبيا، والتي أدت لمقتل العديد من المدنيين".

وتابعت "من خلال العقوبات الجديدة التي اتخذها مجلس الأمن بحق صلاح بادي، أسوةً بما فعل بحق المواطن الليبي إبراهيم الجضران، في الثاني عشر من شهر أيلولسبتمبر الماضي، يؤكد المجتمع الدولي على عزمه دعم العملية السياسية في ليبيا، ودعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة للتوصل لحل سياسي".

في نفس الإطار قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن لجنة عقوبات ليبيا بمجلس الأمن الدولي فرضت أيضا عقوبات مالية على بادي، وإن إدراجه على قائمة العقوبات يتطلب أن يفرض جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة تجميد أصوله وحظر سفر عليه.

وأضافت الوزارة في بيان أن قوات الفصيل المسلح التابع لبادي استخدمت صواريخ جراد الشديدة التدمير في مناطق مرتفعة الكثافة السكانية خلال الجولة الأخيرة من القتال بالعاصمة طرابلس في سبتمبر أيلول.

وقالت سيجال ماندلكر وكيلة وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية الهجمات التي شنتها ميليشيا صلاح بادي لفترة طويلة في عاصمة ليبيا دمرت المدينة وعرقلت السلام.

وأضافت وزارة الخزانة تستهدف في ليبيا العناصر المارقة التي أسهمت في الفوضى والاضطرابات التي تقوض حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

و يشير مراقبون أن هذا التحرك السريع للمجتمع الدولي في هذا الإتجاه له دلالة قطعية تتمثل في تغيّر رهانات القوى الكبرى في المنطقة خاصة بعد الربيع العربي إذ فشل الإسلاميون خاصة في ليبيا في إدارة البلاد في الحد الأدنى و ساهموا في تحويلها أقرب إلى الدولة الفاشلة.