يرتبط شهر رمضان الكريم كل عام بدورة برامجية استثنائية تقدم فيها القنوات الفضائية نوع معين من البرامج المرئية، كالمنوعات والبرامج الدينية والمسلسلات التاريخية، وفي ليبيا يتجه المشاهد إلى البرامج التراثية، ومن بين البرامج التراثية التي ظهرت هذا العام برنامج القافلة الذي تبثه قناة ليبيا 24، والذي صاحبه الكثير من الأخذ والرد والمقارنة بينه وبين برنامج النجع رائد البرامج التراثية الذي يبث عبر قناة الجماهيرية الفضائية للتشابه بين البرنامجين من حيث الفكرة والشكل، وللوقوف على فكرة وخلفيات تنفيذ وتفاصيل القافلة كان لنا هذا الحوار مع الشاعر عزالدين ريش، صاحب فكرة البرنامج ومؤلفه، والذي قال:

لم تكن الفكرة في الأصل فكرة برنامج متكامل بل كانت عبارة عن مجموعة من الأغاني الوطنية، لا تتجاوز ست أغاني بصوت الفنان خالد الزروق، ويتم تسجيلها للبث التلفزيوني أو حتى على "اليوتيوب"، وأثناء ( التسجيل ) عرضت علينا إحدى القنوات الفضائية أن نسجل برنامج تراثي رمضاني من 30 حلقة ، إلا إننا اعتذرنا بسبب توجه القناة السياسي وهي داعمة لمؤامرة فبراير ، وبعد تولد الفكرة طرحتها على ادارة قناة ليبيا 24 وتم الترحيب بها وبدأنا في تنفيذ العمل بشكل طبيعي بعيدا عن كل ما يتردد في مواقع التواصل بأن البرنامج منافس لغيره من البرامج أو أن ليبيا 24 تضارب على غيرها من القنوات او الأفراد.

 -لماذا القافلة؟

تم اختيار اسم القافلة للبرنامج لأن الفكرة تشمل في المستقبل التنقل بين المدن الليبية بطريقة القوافل، هذا جانب، أما الجانب الآخر لأن القافلة تنطلق من النجع وتعود إليه، إضافة إلى أن القافلة بها كل شئ، وتحمل كل المعاني، وحاولنا الابتعاد عن النجع قدر الإمكان، فكان هذا خيارنا، باعتبار أن النجع ثابت في مكانه والقافلة تخرج وتعود إليه، وهنا لا أنكر أننا أبناء مدرسة النجع التي استمرت أمامنا لأكثر من 30 سنة، ونحن لا نعتبر أنفسنا منافسين للنجع بل مكملين لأننا في نفس النهج ونفس الخط، واعتقد أننا فتحنا الطريق لغيرنا لإنتاج برامج تراثية على منوال النجع.

واليوم ليبيا أصبحت بلد بلا دولة، فنحن أحوج ما نكون لمثل هذه البرامج لمواجهة التغريب والغزو الثقافي ، بالمحافظة على الموروث والتراث، فاليوم الأغنية في ليبيا تعاني حالة انحدار شديدة لا سبيل للتصدي لها إلا بإنتاج مثل هذه البرامج.

-هل ستبقى القافلة رهينة بموسم شهر رمضان فقط؟

لقد تمكنا من تسجيل أكثر من 40 عمل منها ما هو تراثي بحت ومنها ما هو منوع، ومنها ما هو وطني حضري لايحمل الطابع التراثي، وهذه الأعمال ليست مرتبطة بالشهر الكريم بل سيستمر بثها تباعا بعد العيد، ونحن استفدنا من التجربة للتخطيط للمراحل القادمة، ونحن على الرغم من استفادتنا من تجربة النجع، إلا أنه لاتزال تنقصنا الخبرة، وهذا ما سنعتمد عليه لاحقا، وقد حاولنا أن نقوم بجولة بين المدن الليبية وكانت البداية بالعاصمة طرابلس، وتنقلنا على عدة مدن، وستكون حلقة مفاجأة يوم 20 رمضان تتناول حي رقم 2 بمدينة سرت لوحده، وسيتم فيها سرد لقصة الشهيد وستحمل رسالة ووصية، وتم اختيار يوم 20 لتزامنه مع تاريخ سقوط طرابلس.

-هناك انتقادات من قبل المتابعين لتنفيذ القافلة فنيا، ما ردكم على هذه الملاحظات؟

نعم هناك ملاحظات فنية، ونحن نظرنا لمحاولتنا الابتعاد عن القالب الخاص ببرنامج النجع من باب الاحترام وخصوصية النجع، فخرجنا بقالب جديد كالاعتماد على مذيعة تقدم البرنامج لتقليل اللقطات التراثية التي لا يمكن الاختلاف فيها عن النجع، إلا أننا اضطررنا لاستخدام البيت الذي اعتمدنا عليه في التصوير، هذا علاوة على عامل الوقت الذي لم يسعفنا وكنا في التزام مع القناة لبدء العرض مع أول أيام الشهر الكريم، ومحدودية الامكانات أيضا كان لها دورها، وعلى الرغم من كل هذه الظروف تمكن فريق العمل من تحقيق نجاح كبير، ويمكنني أن أقول أن ما حققه برنامج القافلة لم يحققه أي برنامج تراثي آخر باستثناء النجع الذي يعتبر برنامج رائد، وقد وصلتنا ردود فعل مشجعة جدا من خلال الرسائل التي تصل للقناة ولفريق العمل، وهنا يجب ألا يقارن البرنامج بالنجع الذي يملك رصيد كبير تكون خلال 30 عام، إضافة لخبرة الاستاذ علي الكيلاني، الذي أعتبره مدرسة نتعلم منها كلنا، وقد أستفدنا من تجربته الكثير.

 -انجاز 40 عمل في وقت قصير يعد إنجاز كبير بلا شك، كيف تتولد الأفكار لدى عزالدين ريش الشاعر؟

اليوم العامل السياسي طغى على كل مناحي الحياة لدى المواطن الليبي، ولكننا حاولنا أن نبحث عن معاني مختلفة، والتراث غني جدا بعدد لا نهائي من المعاني، وبالفعل سجلنا أعمال تتغني بالأخت والأب والبارق والخيل وغيرها، إضافة لموضوعات عاطفية بحتة تجاوزت الستة أعمال، بمعنى أننا حاولنا صناعة تنوع والتوازن في نفس الوقت، وذلك بتوزيع الحلقات بين الفنانين أثناء العرض.

 -الفكرة المطروحة للبرنامج هي التنقل بين المدن الليبية، كيف ستتعاملون مع الظروف على أرض الواقع؟

أنا اتنقل من وإلى ليبيا بشكل مستمر، واعتقد أن الأمور ليست بالصعوبة التي يتصورها البعض، علاوة على أن بلادنا فيها من الخيرين المنتشرين في كل المناطق ما يكفي، وكلهم على استعداد لتقديم كل الخدمات لإنجاح أي عمل وطني، وبالنسبة لهذا الموسم لم يتم الاعداد للتصوير في الداخل وإلا لكنا تمكنا من التصوير في أكثر من مدينة، وأنا استطيع أن انتقل إلى أي منطقة في ليبيا باستثناء بعض المناطق ولكن بتعاون أهلنا في ليبيا يمكننا العمل بأريحية، ونحن لدينا أحساس بالتقصير مع بعض المناطق في هذا الموسم مثل أهلنا في الجفرة الذين لم نتناول تراثهم في الوقت الذي كان يفترض أن يتم التطرق لهم في أكثر من حلقة من بين الثلاثين حلقة، وخطتنا الموسم القادم سيتم الاستفادة من الزملاء الشعراء الذين سيشاركون في كتابة نصوص العمل.

 -عزالدين ريش يرتبط بعلاقة وثيقة مع علي الكيلاني صاحب برنامج النجع، ماذا تقول عن هذه العلاقة؟

الأستاذ علي الكيلاني بمثابة عمي، وذلك للعلاقة التي تجمعني به وهي متوارثة من أبي وجدي، وهي علاقة خاصة جدا وهو مدرسة تعلمنا منها، ونحن منذ الصغر ونحن نستمع لأعماله في كل مكان، ونحن لولا النجع لما كانت القافلة، والنجع يستمع إليه أكثر من 70-80% من الليبيين وهو علامة مسجلة باسم علي الكيلاني، واعتقد أن لديه أعداد كبيرة من التلاميذ الذين سينتجون برامج أخرى تعتبر امتداد للنجع، ويبقى من باب الفخر أن يكون علي الكيلاني مثال يحتذى به عوضا عن الاحتذاء بفنانيين ومطربين أجانب لا تربطنا بهم علاقة، وهذا يشرفنا، وبالنسبة للضجة التي صاحبت ظهور البرنامج إلى جانب النجع كان سببها أناس حاولوا التدخل فيما لا يعنيهم، وهم يجهلون ما يربطني بعلي الكيلاني، ونحن غدا سنلتقي مع بعض وهم أين سيجدون أنفسهم. وأنا أقول لهؤلاء المتصيدين في الماء العكر ، ما قاله أحد الشعراء سابقا " حنا خوت من نفات لبوهادي مش بينا كلمة ادنى غادي"، ونحن قضيتنا ليست أغنية أو برنامج، بل قضيتنا وطن ضائع نبحث عن استعادته، وأنا أقول أن القافلة خارجة من النجع شعرا ولحنا وأسلوبا وكلمة، وستعود للنجع، وأنا افتخر بأني ابن مدرسة علي الكيلاني وريش البعباع وغيرهما من الشعراء الفطاحلة.

-ما سر التقارب والتشابه الذي وصفه البعض بالاستنساخ بين النجع والقافلة؟

نعم هناك تقارب وهو طبيعي يرجع لطبيعة البرنامجين حيث كلاهما يتغنى بنفس المعاني، ويتناول نفس الموضوعات، ونحن كشعراء أبناء نفس البيئة، واللحن واحد، علاوة على استخدامنا لنفس الآلات الموسيقية، حيث نحن استخدمنا التخت الشرقي نظرا لتقليل لتكاليف وسرعة الانجاز وهي نفس الآلات التي يتم بها تسجيل أعمال النجع، والجرح واحد، وبعض الأعمال لا يمكن أن تنفذ إلا بطريقة واحدة، ونحن تركنا ألحان الأعمال للفنانيين، وبعض المطربين تعودوا على الغناء للنجع وحملوا نفس الألحان التي تعودوا على الأداء بها في النجع.

-ما تقييمكم للتجربة بعد عرضها أمام المشاهد؟

كنا متخوفين من نجاح العمل ولكننا تفاجئنا مما تحقق من ردات فعل ونحن ممتنين جدا مما لاقينا من المشاهدين وشعرنا بأننا كوننا قاعدة بسيطة للانطلاق منها، والملاحظات التي وصلتنا متنوعة منها حول الشعر ومنها حول الألحان وأخرى عن الإخراج، وغيرها، ونحن نؤكد للجميع أننا لم نعتمد التقليد أو الاستنساخ في البرنامج وحتى برنامج النجع حاولنا قدر الإمكان الابتعاد عنه، وكل ما قمنا به هو ما رأينا أنه واجب علينا في ظل موجة من الهبوط تعيشها الساحة الفنية في بلادنا.

-أعمال عزالدين ريش المنتظرة؟

لدينا عدد من الأعمال التي ستعرض بعد العيد وهي اجتماعية ووطنية تدعو لحقن الدم وتحرير الوطن، وتحرير الوطن مخالف لحقن الدم، لان حقن الدم بين الأخوة، أما تحرير الوطن من الغريب، لأن اختلافنا ليس فيما بيننا بل مع الغريب، وكبار العملاء، ونحن الآن بصدد الإعداد لملحمة جديدة وطنية لكل الليبيين نتمنى الانتهاء منها قبل عيد الأضحى، ستتناول وضع الوطن، وستكون عبر قناة ليبيا 24 على الرغم من أني لا أرى مانع من بثها في أي من قنواتنا ذات نفس الخط وهنا أقترح أن يتم تبادل برامجي بين ليبيا 24 والجماهيرية، كأن يتم بث بقية حلقات النجع في ليبيا 24، وبقية حلقات القافلة في الجماهيرية لأننا نعمل في جبهة وطنية واحدة.

-أمنية تتمنى تحقيقها؟

كمواطن اتمنى أن تعود لبلادنا هيبتها واستقرارها وعودة المهجرين، ويجتمع الجميع في ليبيا ونتسامح لأن عدونا الأكبر ليس الليبيين بل من يقف وراءهم في الدوحة وتركيا وباريس وغيرها، ونحن حاربنا 40 دولة أما متسيدي المشهد اليوم هم مجرد بيادق في أيدي القوى الكبرى، واتمنى أن العام القادم يتم تصوير النجع في جارف، والقافلة في بني وليد.

-كلمة أخيرة.

اتقدم بالشكر للأستاذ خالد السعداوي لأنه كان أكبر مساند لإنجاح برنامج القافلة ووقف معنا بكل ما يستطيع، والشكر لإدارة القناة والعاملين بها للاستاذ ونيس زبيدة والمخرج محمد التومي والإعلامية وديان التي اتقدم إليها بالتعازي في وفاة شقيقها عبر هذه المساحة، ولكل فريق العمل دون استثناء، وأشكر أهالي العلمين وسيدي عبدالرحمن ومنطقة الحمام بمصر.

وبالنسبة لمن حاول زرع الفتنة بيننا أقول أن أعمالهم من حمية الجاهلية، ومن أراد أن يعمل عليه أن يبتعد عن الفتنة، ونحن لولا الظروف التي تعيشها بلادنا لما كان هذا خيارنا.