للأطفال في المغرب طريقتهم الخاصة في الاحتفاء بليلة القدر المباركة، وطقوس مميزة لإحياء شعائرها، فمنهم من يجتهد في تقليد الكبار فيكابد لصوم يوم كامل، ومنهم من يصوم نصف يوم، ليكافأهم الآباء بإلباسهم حلة "العرائس" للاحتفاء بهم، واصطحابهم للمساجد لأداء صلاة التراويح. 

ففي ليلة القدر، تغص جنبات شوراع الرباط بعرائس صغيرة تجملن بأبهى الثياب التقليدية، واعتمرن تيجان ذهبية وفضية، وتسمرن بالقرب من عدسات المصور، لالتقاط صورة تؤرخ لذكرى احتفالهن الأول بإحياء ليلة القدر أو صيامهن ليوم وحيد في رمضان تبركاً وإجلالاً لهذه الليلة المباركة.

بعض محلات التصوير لا تفتح أبوابها إلا خلال هذه المناسبة، وتجتهد في إعداد زينة العرائس للصغيرات، وإلباسهن "القفطان" المغربي، وتزينهن بالمجوهرات ومساحيق التجميل، فيما يزف الأهل الصغيرة المحتفى بها في أجواء رمزية تحيل على طقوس العرس المغربي، مرفوقة بالزغاريد والأغاني الشعبية، ومع آذان الإفطار تحظى الصغيرة التي تجاسرت على الصوم ، بوجبة إفطار خاصة تشجيعاً وتكريماً لها.

وللأطفال الذكور أيضاً حظ في هذه الاحتفالية الرمزية، حيث يرتدي الصغار الجلباب المغربي، والطربوش الأحمر، وبعد أن قضوا يوم صيام شاق، يقصدون بدورهم محلات التصوير لالتقاط صورة للذكرى "توثق لهذا اليوم المميز في طفولتهم"، قبل الاستعداد لتناول وجبة الإفطار، ومرافقة الآباء لأداء صلاة التروايح.

ويقول أولياء أمور هؤلاء الصغار الذين استطلعت الأناضول آراءهم، إن حرصهم على إحياء هذا التقليد المغربي "يندرج في المقام الأول في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي والديني لبلدهم، والاعتزاز بعاداتهم".

وأضافوا أنهم "يحرصون من خلال هذه الأجواء الاحتفالية التي يحيون بها هذه الليلة، ترسيخ القيمة الدينية العظمى لهذه المناسبة في أذهان الصغار".

 المغاربة الذين توافدوا على المساجد مع آذان مغرب ليلة القدر (صادفت أمس الخميس)، أفردوا لهذه المناسبة أيضاً طقوساً خاصة، تعبر عن قدسية هذه الليلة في المخيال الجماعي للمجتمع والمكانة الدينية الخاصة التي تحظى به هذه الليلة، حيث ينصرف الناس لأداء  صلاة القيام والدعاء.

فيما تعد النساء "قصع الكسكس المغربي" (أكلة شعبية في المغرب العربي) وترسلها للمساجد حيث يتحلق حولها المساكين، وعابرو السبيل ويجدون فيها  "طبقا فاخراً" لليلتهم المباركة، بينما تُطرق أبواب المنازل من قبل السائلين  طلباً لـ"بركة العواشر" (بركة العشر الأواخر) وهي مبلغ يقدمه أصحاب البيت "صدقة" لمن يقف على بابهم في هذه الليلة سائلا العون والمساعدة.

الحركة التي لا تهدأ في المساجد، ولا تنقطع إلا مع آذان فجر اليوم التالي، تقابلها حركة مماثلة في الأسواق والشوارع والبيوت، تجعل المدينة  تعيش على وقع جو احتفالي صاخب خلال ليلة القدر، فبعد أداء قسط من تروايح ليلة القدر يلتحق المُصلون ببيوتهم ليتحلقوا حول أحد الأطباق التقليدية المغربية كـ"الكسكس" أو "الطاجين"، ليستعدوا بعدها للعودة للمساجد لأداء الصلوات إلى حين اقتراب موعد آذان الفجر.