يعتبر عبدالرحمن الأبنودي الذي اصدر قبل أيام بيانا نفى فيه شائعات عن موته، أهم شعراء العامية الأحياء في مصر، وخلال رحلته الإبداعية الطويلة، ساهم في إثراء المدونة الشعرية والغنائية المصرية بأعمال توزعت بين دواوين شعرية وأغان لقيت رواجا واسعا. ويعد الأبنودي مفصلا هاما في الشعر العامي المصري، تعاون منذ الخمسينات مع أشهر مطربي مصر على غرار عبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة. وهو ما قيض له أن يكون رمزا إبداعيا مشهورا في مصر والعالم العربي.

“العرب” التقت الأبنودي وكان لها معه الحوار التالي.

أكد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي أن مصر تعيش الآن فترة شعارها “الأمل”، وتحكمها فكرة “العدل”، باعتباره أساس الملك، ونحاول جميعا أن نضيء الطريق أمام الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي لمساعدته في تحقيق طموحات المصريين وآمالهم العريضة، وإخراجهم من الأزمات التي تراكمت عليهم خلال الفترة الماضية، ليتمكن من وضع حد لتوحش الأغنياء وينصف الفقراء، ويقف إلى جوار شعبه ضد كل الممارسات السلبية، السياسية والاقتصادية.

 

دور الحكومة

وقال الأبنودي إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمامه طريق طويل وصعب، لكنه قادر على تحقيق الإنجازات، للشعب الذي وضع فيه ثقته الغالية، وطالبه باختيار مستشارين محبين ومخلصين لمصر، وإبعاد المنافقين والمداهنين للحاكم.

وتمنى الأبنودي للحكومة الجديدة التي شكلها المهندس إبراهيم محلب أخيرا، التوفيق في مهامها الصعبة، وأبدى بعض الملاحظات عليها.

وخص محدثنا منصب وزير الثقافة بقدر من الاهتمام، حيث أوضح أن مصر تحتاج إلى وزير ثقافة لديه خبرة كبيرة، وقال: لازلت أذكر الراحل ثروت عكاشة (كان وزيراً متميزا للثقافة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر) وما قدمه للساحة الثقافية. حيث أنشأ العديد من المسارح والفرقة القومية للفنون الشعبية وفرقة رضا، وفرقة الباليه، والثقافة الجماهيرية، إلى جانب عمله في إنقاذ معابد النوبة الغارقة، وبشكل عام كان وزيرا مسيسا ومثقفا من طراز رفيع..

وشدد شاعر العامية المصرية المعروف: على أنه من العيب أن يأتي وزير للثقافة لم يكتب للمسرح أو يؤلف رواية مثلاً، فهو لن يُقدّر المبدعين حق قدرهم، ولن يكون ملمّا بمشاكلهم، مضيفا أن المبدعين لن يصبروا على وزير غير كفء، أو وزير لا يحقق طموحاتهم في تغيير الواقع الثقافي المتردي، ويستطيع أن يقدم رؤية تسد المنافذ التي تسرّب منها الإخوان إلى قلب المجتمع خلال الفترة الماضية.

 

عنف الإخوان

وأبدى الأبنودي استغرابه من تأخر الحكومة المصرية في تطبيق قرار التحفظ على أموال ومؤسسات يملكها الإخوان، ولعبت دورا في تمويل العنف الذي حدث في أنحاء مختلفة من مصر، وأوضح أن تأخر تنفيذ هذا القرار أعطى فرصة للإخوان لتهريب أموالهم للخارج، وشراء أسلحة وقنابل حرقوا بها جامعات مصرية وأقسام شرطة ومديريات أمن، واستطاعوا تمويل عناصر إجرامية لقتل جنود وضباط في جيش مصر الوطني، وعدد كبير من المواطنين الشرفاء، مشيرا إلى أن من يعارض هذا القرار أو يشبهه بقرار تأميم الشركات في الستينات على يد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مخطئ، ولا يريد صالح هذا الوطن.

 

قدوة سياسية

وعن موقفه من الانتخابات الرئاسية الأخيرة والظروف المرضية التي أدلى فيها بصوته، قال الأبنودي: جئت من محافظة الإسماعيلية إلى القاهرة في اليوم الأول، رغم حالتي الصحية المتدهورة، وأدليت بصوتي لصالح المشير عبدالفتاح السيسي، ثم قضيت في فراشي عشرة أيام كاملة.

وتابع: كان لابد من التصويت للسيسي لإعجابي الشديد به، وحتى أكون قدوة لمحبيه من الناس وتشجيعهم على النزول، في ظل جو كان شديد الحرارة.

وأشار الأبنودي إلى أنه طوال حياته كان معارضاً، لكن الظروف السياسية التي تعيشها مصر فرضت عليه أن يلتقي، إما مع من خربوا الأمة بشعارات دينية وباعوها بأبخس الأثمان، أو مع السيسي الذي جاء لإنقاذ الوطن من هؤلاء. وكان من الطبيعي أن يختار السيسي الذي أنقذ مصر من خطر داهم، وقال الآن عدت كائناً معارضاً، ومراقباً لكل سلوك لا يعجبني، وأدفع بالدولة نحو الطريق الصحيح، والمساهمة في حل المشكلات المتراكمة، ولو بالكلمة.

وعن تعقيبه على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للفتاة التى تم التحرش بها ليلة تنصيبه رئيسا لمصر، قال الأبنودي: من الجميل أن يزور الرئيس مثل هذه الفتاة ويخفف عنها المعاناة التي لحقت بها بإنسانيته الفياضة، لكن هذا لا يكفى، فالعدل يقتضى التعجيل بمحاكمة المستشفيات التي رفضت استقبال الفتيات اللاتي جرى التحرش بهن.

وأكد الأبنودى أن دعوة الرئيس السيسي إلى ركوب الدراجات والذهاب بها إلى أعمالهم وظهوره وهو يقود دراجة، عملية جيدة، لكن على الرئيس أيضا أن يذهب ومعه الشباب، ليكونوا ساتراً حوله، إلى أي منطقة عشوائية ويدخل بيتاً من بيوت الفقراء، ويتحدث بطريقته الإنسانية الرائعة معهم ويقف على مشاكلهم، فنحن “نريد سلوكيات واقعية تمس المجتمع المصري وليس تصرفات ظاهرية”.

وأشار الأبنودي إلى أنه لا يوافق على الإجراءات المتخذة ضد الباعة الجوّالين، وإزالة الإشغالات من الطريق، لأنه من الضروري طرح بدائل لهم وتوفير مكان ليبيعوا فيه بضائعهم، خاصة أن بينهم من يعيل أسرة مكونة من 4 و5 أفراد.

 

أنا عبد الناصر

علق الأبنودي المعروف بانتمائه وحبه الشديد لعهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على من يكرهون فترة حكمه قائلاً: عبدالناصر هو من حقق مبدأ العدالة في مصر، وأعطى للفقير من مال الغني، وامتلك الفلاحون الغلابة في عهده الأراضي الزراعية التي كانوا يعملون بها بالأجر، وبنى السد العالي، ورسخ مجانية التعليم، وهذا الزعيم عاش وطنياً شريفاً ومات شهيداً عفيفا.

وقال شاعر العامية إن تحقيق ميزان العدالة الاجتماعية في مصر لن يتحقق إلا بفرض إجراءات اقتصادية على رجال الأعمال الذين نهبوا في الماضي الكثير ليساهموا مع الدولة في إنقاذ الطبقات الفقيرة، وخلق فرص عمل حقيقية للشباب، وقال وهو يشدد على حروف كلماته “من لا يشعر بنا فليس منا”.

 

مبدعو الثورة

أوضح شاعرنا أن ميدان التحرير الذي تمخضت من رحمه ثورتا 25 يناير و30 يونيو أخرج إلينا مجموعة كبيرة من الشعراء والمبدعين من الشباب، وأنه يفخر بهم، ويتمنى استمرارهم.

وأشاد الأبنودي بدور دولة الإمارات العربية في احتضانها لشعراء العامية، وإقامة المسابقات الكبيرة لتشجيع الشباب من كافة أنحاء الوطن العربي، وهي جهود مهمة تساهم في إثراء الحياة الثقافية العربية.

 

أعمال الأبنودي

عن مشروعه الغنائي في مسلسل “دهشة” للفنان يحيي الفخراني، والذي يعرض خلال شهر رمضان، قال الأبنودي: كان من المفترض أن يكون هناك كورال يعلق على الأحداث بالغناء من كلماتي وتلحين الموسيقار عمر خيرت، لكن مخرج العمل رأى أن ذلك سيكون عبئاً على السياق الدرامي للعمل فاكتفى بـ”التترات” فقط.

وقال الأبنودي إن الأغنيات الوطنية التي ظهرت في الفترة الأخيرة وارتبطت بأحداث سياسية وتعلق بها الشارع المصري، ظهرت في لحظة وبانتهاء المناسبة يصبح الاستماع إليها “سخيفاً” رغم أنها كانت مشتعلة ومتألقة، موضحا أنه واحد من الذين يكتبون للوطن من أجل الوطن، لذلك فالأغاني التي تكتب بروح الوطن تبقى وتعيش لأجيال عدة، وخير دليل على ذلك أن الأغنيات التي كتبتها منذ الستينات لا زالت تعيش في وجدان الناس حتى اليوم، منها أغاني “أحلم بسماها وبترابها”، “عدى النهار”، و”ابنك يقولك يا بطل” و”بالأحضان”.

الأبنودي في سطور

◄ ولد في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر.

◄ متزوج من المذيعة نهال كمال وله بنتان هما، آية ونور.

◄ من أشهر أعماله السيرة الهلالية وكتاب “أيامي الحلوة”.

◄ كتب كلمات أغان لعبدالحليم حافظ ومحمد منير ووردة الجزائرية ومحمد رشدي وغيرهم.

◄ يعيش حاليا في قرية ريفية بالإسماعيلية.

 

*نقلا عن العرب الندنية