أعلنت حكومة طرابلس مؤخرا  تسلمّها عبد الله منصور  المدير الأسبق للأمن الداخلي في عهد العقيد الراحل معمر القذافي من حكومة النيجر ، وتؤكد مصادر خاصة أن الحكومة الليبية المؤقتة "إشترت رأس" عبد الله منصور بـ 200 مليون دولار ليكون ثالث شخصية مهمة من النظام السابق تشترى في صفقات غير معلنة بعد البغدادي المحمودي التي تسلمته ليبيا من حكومة تونس في عهد حمادي الجبالي ، وعبد الله السنوسي الذي تسلمته من حكومة نواكشوط .

وتسليم النيجر عبد الله منصور لطرابلس مرّ بمراحل عدة ، منها ما كان ذا طابع ديبلوماسي حيث قدمت الحكومة الليبية المؤقتة ملفا للحكومة الفرنسية عما يدور في مناطق الجنوب وتحديدا في إقليم فزان ، حيث إتهمت المسؤول السابق بأنه يقف وراء الإضطرابات  القبلية التي لا تزال تدور هناك ، وأنه يعمل على تجييرها لمصلحة أنصار القذافي ليسيطروا على الجنوب الليبي تمهيدا للسيطرة على كامل التراب الليبي إنطلاقا من توافقات مع القبائل في الشرق والغرب والوسط .

كما تم الضغط من قبائل أولاد سليمان العربية  في جنوب ليبيا على وزير الخارجية في النيجر ورئيس الحزب الحاكم محمد أبو العزوم المياسي السليماني ( وليس بازوم كما يذكر في المصادر الإعلامية العربية والأجنبية ) وهو ينحدر من قبيلة أولاد سليمان التي تعود إلى قبائل بني سليم المهاجرة من الجزيرة العربية إلى المغرب العربي ضمن الزحف الهلالي أوائل القرن الحادي عشر ميلادي ، وقد انتهى الرحيل بجانب من أولاد سليمان إلى منطقة أنكيمكي شرق دولة النيجر على طريق القوافل التي كانت تربط بين مملكة الكانم الإسلامية الواقعة بين شمال شرق نيجيريا وجنوب غرب تشاد وبين موانيء ليبيا في العصر الوسيط. 

ولا تزال جسور التواصل موجودة بين قبائل أولاد سليمان في ليبيا ودول الصحراء الكبرى ومنها النيجر ، وكان العقيد الراحل معمر القذافي يعمل على دعم التواصل مع تلك القبائل في إطار ما كان يستهدفه من حزام قبلي في رابطة تجمع قبائل الساحل والصحراء وتساعد على حماية ليبيا من الأخطار المحدقة بها ، وتواصل أبو العزوم مع جذور قبيلته داخل التراب الليبي وكانت له علاقات جيدة مع عبد الله منصور المعروف بأنه من فرع القبيلة في منطقة هراوة شرق سرت ، 

وكان منصور يعتقد أنه في حماية إبن عمّه ، غير أن قبيلة أولاد سليمان دعت الوزير الى أن ينحاز للقبيلة وليس لفرد منها ، خصوصا وأن  قيادات أولاد سليمان كانوا من أشد المرحبين بالإطاحة بنظام معمر القذافي نظرا لما يعتبرونه ثأرا تاريخيا مرتبطا بتاريخهم في حكم إقليم فزان من خلال أسرة آل سيف النصر التي حكمت الإقليم إلى أوائل الستينيات ، وبعد الإطاحة بنظام القذافي سعت القذافي الى بسط نفوذها من جديد على المنطقة غير أنها ووجهت بصراع دموي مع قبائل التبو التي يقول قادتها إنها تتعرض للتصفية العرقية بسبب بشرتها السوداء ومتهمة بأنها ليست ليبية الأصل وإنما قادمة من تشاد والسودان. 

كما دخلت قبيلة أولاد سليمان في مواجهات مع قبيلة القذاذفة التي لا تزال تؤيد نظام إبنها الراحل معمر القذافي ، وشعر أولاد سليمان أن إبنهم عبد الله منصور تحالف ضدهم مع التبو والقذاذفة من خلال تحالفه مع الساعدي القذافي الذي لا يزال مقيما في النيجر، فضغطوا على حكومة نيامي لكي تسلمهم عبد الله منصور ، وذهب عبد المجيد سيف النصر أحد شيوخ القبيلة بنفسه إلى النيجر لتسلم المسؤول السابق الذي كان عند نقله الى طرابلس في شبه حالة غيبوبة بسبب مرضه بداء المالاريا الذي كان يعالج منه في مصحة  نيجرية ،الأمر الذي يفسّر عدم بث أي شريط فيديو لعملية نقله من نيامي الى طرابلس .

وتتهم الحكومة الليبية المؤقتة عبد اللله منصور بأنه يقف وراء الأحداث في جنوب ليبيا كما تتهمه قبيلته أولاد سليمان بأنه تحالف ضدها مع من تعتبرهم أزلام القذافي من القبائل المتصارعة معها حول النفوذ على إقليم فزان مثل قبائل التبو والقذاذفة والمقارحة وورفلة سبها .

يبقى أن عبد الله منصور يعتبر من أبرز شعراء ليبيا الشعبيين والغنائييين وقد تغنى بكلماته عدد مهم من الأصوات الليبية والعربية مثل محمد حسن وذكرى ولطيفة ووردة الجزائرية ونوال غشام وقدم ملاحم غنائية كبرى مع الفنان القدير محمد حسن منها "النجع" و"الواحة " و"السيرة الهلالية"