مرت الجماعات الجهادية المتطرفة في ليبيا بمراحل عديدة من حيث الأدوار والتواجد والدعم لكل منها تفاصيل ساهمت في رسم ملامح المشهد في البلاد.. للحديث عن هذه المراحل التقينا الباحث المصري المتخصص في الشؤون الليبية عبد الستار حتيته.


** حدثنا عن تاريخ الجماعات المتطرفة في ليبيا؟

عمل الجماعات المتطرفة في ليبيا بدأ منذ أكثر من 70 عاما حيث أنه في خمسينات القرن الماضي قامت عناصر من تيار الإخوان المسلمين المصريين باللجوء إلى الملك إدريس بعد أن هربوا من مصر حيث كانوا مطلوبين فيها فاستقبلهم الملك وأكرمهم لكنهم قاموا باستقطاب أحد أفراد العائلة المالكة وأوعزوا له بقتل أحد المقربين من الملك الأمر الذي أثار غضب الملك آن ذاك.

وإذا انتقلنا إلى الفترة التي أعقبت ثورة الفاتح نجد أن الجيش الليبي كان يحارب هذه الجماعات في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حيث قامت السلطات بعدة عمليات لقطع أوردة الجماعات المتطرفة خاصة في مدينة درنة.


** حدثنا عن تواجد الجماعات الإرهابية في ليبيا تسعينات القرن الماضي؟

مع سقوط الاتحاد السوفيتي عاد المتطرفين الذين كانوا يعملون باسم المجاهدين العرب إلى بلادهم وكان من بينها ليبيا إلا أن السلطات تصدت لهم وألقت القبض على الكثير منهم وأودعتهم في السجون وأشهرها سجن بوسليم لكنهم طوال حقبة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وحتى قبيل إسقاط الدولة الليبية عام 2011 كانوا يقومون بعدة محاولات لإثارة البلبلة في ليبيا وكان بينها محاولات اغتيال للزعيم الراحل معمر القذافي ولابد من التأكيد أن دولا مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها كانت تقف وراء هذه المحاولات التي فشلت جميعها وتمكنت السلطات من التصدي لها.


** كيف لعبت الدول الأوروبية أدوارا في دعم هذه الجماعات؟

الكثير منهم كان يتدرب على يد مخابرات الدول الأجنبية تدريبات سياسية وعسكرية على درجة عالية من الحرفية والاتقان وأصبحوا يمتلكون إمكانيات جيدة ويجيدون عدة لغات ومنهم من برز بشكل واضح بعد إسقاط الدولة الليبية وإلى الآن لازال البعض منهم يرتبط بهذه الدول الأجنبية ليس لأن الغرب يدعم الإرهاب ولكن لتحقيق مصالحه التي تتفق مع الإرهابيين في بعض الأحيان وهنا لابد من الإشارة إلى أن الجماعات الإرهابية تسلم نفسها لمن يدفع لها الأموال ومنهم مثلا شعبان هدية المتورط في تهريب النفط لإيطاليا وقطر وتركيا وكذلك عبد الحكيم بالحاج المقيم بتركيا وله علاقات جيدة مع السلطات البريطانية التي اعتذرت له العام الماضي عن تسليمه لليبيا رغم التهم الموجهة إليه بتخريب البلاد ويمكن أيضا فهم علاقات الدول الغربية بالجماعات الإرهابية عبر قراءة مذكرات وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هيلاري كلينتون.


** كيف كان واقع الجماعات الجهادية في ليبيا قبل 2011؟

كان عددها قليل لكنها كانت تتعامل مع النظام آنذاك بوجهين فمن ناحية كانت تدعي القيام بمراجعات فكرية ومن جهة أخرى كانتتقوم بمحاولات حثيثة للاستيلاء على السلطة وإحداث بلبلة في البلاد وتجلى ذلك بوضوح عام 2011 عندما تعاونت مع الناتو وقطر لإسقاط الدولة الليبية.


** كيف تعاملت الجماعات الجهادية مع الدولة الليبية بعد 2011؟

 قامت بعمليات تخريبية عديدة في البلاد منها نقل أرشيف الدولة الليبية لقطر وتقسيم المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية الأخرى من مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والسيطرة على المطارات وحرق مطار طرابلس.


** كيف تقيم عمل هذه الجماعات خلال الفترة من 2011 إلى 2014 أي قبل انطلاق عملية الكرامة؟

الجماعات المتطرفة تستغل المقاتلين المغرر بهم مستخدمة شعارات رنانة براقة لخدمة مصالحها مدعومة من قطر وتركيا إلا أن أعداد الداعمين لها بدأت تقل نتيجة تكشف وجههم الحقيقي وهنا برزت أهمية عملية الكرامة التي أطلقها الجيش لوضع حد لتوحش الجماعات الإرهابية وسيطرتها على مفاصل الدولة الليبية.


** وكيف أصبح الوضع بعد انطلاق عملية الكرامة؟

بعد انطلاق عملية الكرامة وتكشف وجههم الإرهابي انفض كثير من الليبيين عنهم فاستعانوا بالمرتزقة الأجانب من السودان وتشاد وسوريا والعراق وغيرها ولابد من الإشارة إلى أنه يوجد في ليبيا مئات التشكيلات المسلحة باختلاف مسمياتها لكن واقعيا هي منبثقة من نفس البوتقة خاصة وأن انتشارها رأسي وليس قاعدي بمعنى أن لها رؤوس كثيرة لكن ليس لها قاعدة شعبية وأعتقد أنها تعيش أوضاعا صعبة في ظل التقدمات التي تحققها قوات الجيش الليبي.