مر عام على الحرب في جنوب السودان، ذلك البلد الوليد الذي خرج لتوه من رحم صراع مسلح طويل أدى إلى انفصاله عن شماله عام 2011، غير أنه يظهر جليا أن السلام أصبح بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.

ويلقي العديد من الخبراء باللائمة على المصالح الشخصية لبعض الأشخاص على جانبي النزاع، سواء من القوات الحكومية أو المتمردين.

في حديث لوكالة الأناضول، قال "لوكا بيونق"، الذي يرأس قسم السلام وتنمية المجتمع في كلية الاقتصاد في جامعة "جوبا": "في أي صراع، هناك أشخاص مستفيدون، وهذه القوات (المتناحرة)، هي التي لا ترى حاجة إلى السلام، وسيبدؤون يقدمون مبررات توفير موقف مختلف".

واعتبر "بيونق"، أن "هذه حرب لا معنى لها، وإذا ما استمرت، كلما تتجه أطراف (النزاع) لتوريط أنفسها أكثر، كلما زاد فقدان الناس للثقة في هذه الأطراف".

وأضاف محذرًا: "على القادة لأن يدركوا أن لجنة التحقيق التابعة للاتحاد الأفريقي، ستتوصل إلى أسماء المتورطين في ارتكاب الجرائم الوحشية، وهؤلاء الأشخاص -عندما يسود السلام- سيمثلون أمام العدالة".

من جهته، أعرب "دنغ أثواي ماوير"، رئيس تحالف المجتمع المدني في جنوب السودان عن اعتقاده، أن الأزمة لا تزال مستمرة بسبب الأطماع الشخصية.

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "انظر إليهم جميعا، إنهم (الأطراف المتحاربة)، يركزون على السلطات، وكيف سيجري تقسيمها بين الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء".

وتطرق الناشط إلى الظروف بالغة السوء للسكان، بالقول: "على مستوى القاعدة الشعبية هنا، الناس يموتون، والأطفال الذين يقاتلون هو الذين يواجهون الموت، في حين يضع هؤلاء الأشخاص أموال جنوب السودان في حساباتهم الشخصية".

وتابع: "على جانب الحكومة، يخشى البعض من أنهم إذا سمحوا لأنفسهم بقبول السلام، فإنهم سيخسرون ويبعدون عن السلطة، ولذلك يرغب الجميع في كسب الوقت بحيث يمكنهم الاستمرار في مناصبهم".

وأوضح أنه قوبل "بالعداء" عندما طلب من الرئيس كير التنحي -حتى لا ينتهي مصيره بأن يسقط مع النظام- في اجتماع عقد مؤخرا مع المسؤولين الحكوميين والأطراف المعنية القريبة من محادثات السلام في جوبا.

وأشار في الوقت نفسه، إلى أن المتمردين يقاومون التسوية السلمية، في حين لا يسيطر مشار على القادة على الأرض.

وطالب الناشط "بمحاسبة المسؤولين من الجانبين، مشار أو الجانب الحكومي، على العمليات العسكرية التي قتلت الناس.. الناس الأبرياء"، داعيا إلى إصلاح الحكومة والحزب الحاكم والجيش.

واعتبر أنهم "المسؤولين حولوا الجيش إلى جيش للحزب (الحكام)، وهذا خاطئ للغاية"، مطالبا بفصل الجيش عن المشكلات (السياسية)".

من جانبه، شكك إبراهيم أوليك، مدير إدارة في مؤسسة "السد" في جنوب السودان، وهي مؤسسة بحثية محلية، في محادثات السلام.

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "كلا الطرفين يريد أن ينتهي الصراع بطريقة محددة تعطيهم السيطرة، وهذا ربما يطيل أمد الصراع".

وأشار إلى أن "الهيئة الإقليمية لتنمية شرق أفريقيا (إيغاد)، ترغب أيضا في رؤية نهاية الصراع بطريقة معينة، في حين يريد المجتمع الدولي، أيضا، إنهاء الصراع بطريقة معينة".

وأعرب عن اعتقاده بأن الصراع يدور أساسا حول قضايا تقاسم السلطة، وأن "المناقشات بأسرها تنحصر في حجم السلطات التي سيتم منحها للحكومة، والمتمردين، وهذا يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق نهائي".

ولفت الباحث إلى أن رغبة كل طرف في أن يكون له نصيب الأسد من السلطة يمكن أن تؤخر التوصل إلى اتفاق سلام.

وفي المقابل، رد المتحدث باسم الرئاسة أتيني ويك أتيني، بأن الحكومة تسعى إلى حل سلمي.

وقال في تصريح لوكالة الأناضول: "أريد أن أطمئن الشعب بأن الحكومة تبذل قصارى جهدها لاستعادة السلام".

وأضاف: "الحكومة بحاجة إلى السلام، لكن المتمردين لا يقبلونه، ويستمرون في انتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن جلب السلام من طرف واحد، عندما لا يرغب الطرف الآخر في ذلك".

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من ممثلي المتمردين بشأن ما جاء في تصريحات المتحدث الرئاسي.

ورصدت منظمات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة خلال عام واحد فرار نصف مليون جنوب سوداني الى دول الجوار وتشريد نحو 1.4 مليون شخص داخل دولة جنوب السودان، وبقاء نحو 97 ألف شخص في حماية رعاية بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يوناميس).