تعد سنة 2014 الأسوأ بالنسبة إلى وضع الحريات الصحفية والإعلامية في ليبيا التي شهدت مقتل 8 صحفيين منذ يناير الماضي، وفق مركز حقوقي ليبي معني بحرية الصحافة والإعلام.
وقال المركز الليبي في تقرير مطول، نشره، أمس السبت إن “مؤشر الحريات الإعلامية تراجع خلال عام 2014 مقارنة بالأعوام الماضية في ظل ارتفاع نسبة الانتهاكات، الأمر الذي ينذر بخطوة وضع الحريات بعدما عاشت البلاد ذروتها إثر سقوط النظام السابق” في 2011.

وأضاف أن “الانتهاكات وتصنيفها ودرجات خطورتها تصدرتها مدينتا بنغازي وطرابلس تباعا”، لافتا إلى أن “الصحفيين في أكبر مدينتين في البلاد يعيشون على وقع الاضطرابات والعنف المسلط ضدهم”.

واعتبر أن “الجماعات المسلحة المتعددة الأيديولوجيات هي المسؤول الأول عن أغلب الانتهاكات، وهي على رأس القائمة السوداء التي تمارس التضييق والعنف ضد الوسائل الإعلامية والصحفية ولا تقبل بالتعددية في هذه المهنة”.

وتشهد ليبيا حالة انفلات أمني غير مسبوقة، في ظل انتشار الميليشيات الإسلامية المسلحة، رغم مجهودات الجيش للتصدي لها والقضاء عليها.

وأوضح المركز الليبي لحرية الصحافة أن “وحدة الرصد والتوثيق رصدت 8 حالات قتل لصحفيين وعاملين بقطاع الإعلام خلال العام”، لافتا إلى أن “خمسا منها سجلت في بنغازي فيما سجلت الحالات الثلاث الأخرى في مناطق جنوب ليبيا”.

العنف المتصاعد ضد وسائل الإعلام دفع بالعديد من الصحف إلى إيقاف صدورها والإذاعات والقنوات التلفزيونية للتوقف عن البث
وأكد أن “كافة حالات القتل العمد التي تعرض لها الضحايا، لم تدفع إطلاقا الأجهزة القضائية إلى التحقيق بجدية وتتبع الجناة، مما زاد من ظاهرة الإفلات من العقاب وبالتالي ازدياد في حالات القتل العمد والعنف”.

وسجل المركز بحسب التقرير 17 حالة شروع في القتل العمد أو التهديد المباشر بذلك، بينها 9 حالات في بنغازي، فيما توزعت البقية على مختلف المدن والمناطق، كما سجل 23 حالة خطف وتعذيب معظمها في بنغازي أيضا.

يذكر أن مدينة بنغازي الواقعة شرقي ليبيا كانت تحت سيطرة جماعات متطرفة وعلى رأسها تنظيم أنصار الشريعة قبل أن يتمكن الجيش الليبي، منذ قرابة الشهرين، من طردها وإعادتها إلى حضن الدولة.

وقال المركز إن “عام 2014 شهد العديد من حالات التعدي بالضرب أو منع مراسلين من أداء أعمالهم من قبل قوات الأمن أو متظاهرين يرفعون مطالب سياسية، لتسجل 28 حالة، 13 منها في بنغازي و11 في طرابلس و4 بمدينة البيضاء”.

وأضاف أنه “سجل 50 انتهاكا طالت مقرات وسائل إعلامية وصحفية ومكاتب لتلفزيونات ووكالات محلية ودولية”، مؤكدا أن “عام 2014 هو الأسوأ على الاطلاق منذ أربع سنوات نظرا لتزايد الانتهاكات بحق الصحفيين”.

وأشار المركز في تقريره أن العنف المتصاعد ضد وسائل الإعلام “دفع بالعديد من الصحف إلى إيقاف صدورها والإذاعات والقنوات التلفزيونية للتوقف عن البث أو الانتقال للبث من الخارج”.

وأوضح أن “مدينة بنغازي شرق ليبيا التي سجلت النسبة الأعلى في عدد الانتهاكات التي طالت الصحفيين، تعد المنطقة الأكثر خطورة على حياة الصحفيين وسلامتهم في البلاد بالنظر لشدة المعارك العسكرية وتعدد الجماعات المسلحة المعادية لحرية الصحافة”، في الوقت الذي “أفرغت فيه مدينة درنة من معظم كوادرها الصحفية”.

وأوصى المركز “النائب العام بضرورة العمل لتشكيل لجنة تقصي حقائق لتتبع الجناة ومحاسبة مرتكبي الجرائم للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب”، داعيا “الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور إلى ضرورة وضع كافة الضمانات الدستورية اللازمة لحرية الصحافة والتعبير وعدم تقييدها، إضافة إلى دسترة هيئة مستقلة تشرف على تنظيم وإدارة الاعلام لضمان استقلاليته”.

وناشد “كافة المجموعات المسلحة والقوى السياسية الكف عن التدخل والتحريض والتضييق على الصحفيين والمؤسسات الاعلامية في محاولة لإستقطابهم والزج بهم في الصراعات الجارية”.

ومن المتوقع أن تكون هذه الإحصائيات مرشحة للزيادة في ظل هشاشة الوضع الأمني والانقسام السياسي وغياب التنظيم والمعايير المهنية للوسائل الاعلامية.