في مشهد يتكرر بين الحين والآخر في مدينة بنغازي، انفجار للغم وضحية هذا الانفجار شاب في مقتبل العمر، والسؤال ذاته يتكرر "شن جيبه للغم؟" والإجابة كان يبحث بين الأنقاض عن قوت يومه " يلقط الحديد والخردة" من أجل الحصول على لقمة عيشه، وهل تظنون أن الناس تكف عن البحث بين الركام بعد كل انفجار؟! بالتأكيد لا، فعلى مقربة من مكان الانفجار الذي راح ضحيته الشاب هارون القطعاني بمنطقة وسط البلاد، وجدتُ سيارة واقفة مليئة بالحديد، وسمعتُ أصوات وهمهمات داخل أحد المباني المنهارة وهم يسحبون " بقايا أرجل الكراسي والطاولات، وأي شيء يلمع من حديد ونحاس ".

بعد أيام من حدوث الانفجار الذي وقع بعمارة بن هلوم وراح ضحيته الشاب هارون كانت الحياة طبيعية والأطفال يلعبون بالقرب من المبنى الذي سيج بشريط أصفر ووضعت ملصقات تخبر الجميع بالخطر القابع في داخلها، وعلى مقربة منه جلس مجموعة من سكان المنطقة يتسامرون حول حياتهم التي تعودت على مثل هذه الاحداث، اقتربت منهم وسألتهم عن آثار الانفجارات التي تحدث بين الحين والآخر على حياتهم:نأخذ حذرنا فقط هذه هي حياتنا، فالألغام مازالت موجودة منها ما نستطيع رؤيته ومنها الموجود تحت الركام.

ويؤكد السكان أن صنف الهندسة العسكرية قام بواجبه بإمكانياته المتاحة، وأزال ما يمكن إزالته من ألغام، ولكن تلك الخفية لم يستطع الوصول إليها فهي تحتاج لمعدات وأجهزة متطورة.

ويشير السكان إلى أن: البلدية لم تقدم لهم شئيا، رغم تخصيص ميزانية من أجل إزالة الركام، وإزالة الألغام،إلا أن الحال لازال كما هو عليه، لذلك نسمع بين الحين والآخر بانفجار لغم في شباب في مقتبل العمر يسعون لكسب رزقهم من جمع الحديد.

ويضيف السكان بأن: الركام والمخلفات في بداية تحرير البلاد تم إزالتها من قبل شخص واحد بمجهوده الفردي يدعى لؤي فوناس وقد انفجر فيه لغم ولكن الله نجاه، والبلدية ترى ولم تقدم شئيا لنا.

وعن مطالباتهم بالاهتمام بحالة البلاد يقولون: كل يوم سبت نقوم باعتصام أمام مصرف ليبيا المركزي الموجود بالمنطقة، ولكن لا أحد يأتي الينا من المسئولين، ويشيرون بأن معظمهمعادوا للسكن في المنطقة، رغم حجم الخطر الكبير فهناك من وقعت بيوتهم لكن قاموا بصيانة غرفة واحدة وسكنوا بها،لأنه لم يستطع تحمل تكلفة الأجار.

ويقول السكان بحسرة عند رؤيتهم لاهتمام البلدية بصيانة بعض المباني وجرز الدوران التي يرونأن لا أهمية لها: يجب على الدولة أن تهتم أولا بالإنسان تعيد له بيته حتى يستطيع العيش بحياة كريمة، ومن ثم يهتمون بتلك الأشياء الجمالية.

ويضيف السكان أن هناك من توفي عندما را بيته مهدم من حسرته عليه، وهناك من أصيب بجلطة، لذلك نحن لدينا أمل في الحكومة الجديدة أن تنظر إلى حال سكان منطقة البلاد فهذه المنطقة ليست خاصة بنا فقط، وإنما هي مركز بنغازي وقلبها النابض.

ويقولون في نهاية الحوار بأنهم مستأجرين بيوت خارج المنطقة لان بيوتهم لايوجد بها أمل للسكن، وهم يأتون كل يوم لهذا المكان لاسترجاع ذكرياتهم، والتعرف على الجديد، فهم لا يستطيعون الاستغناء عن مرتع طفولتهم ومسقط رأسهم، ويؤكدون على تعب الناس من هذه الحياة، ويأملون أن تأتي الحكومة الجديدة بشيء مفيد لهم.