حالة من القلق تسود المدن الليبية خوفاً من تأجيل الانتخابات مرة ثانية، بعد أن كان من المقرر إجرائها في 24 ديسمبر الماضي، مع تصاعد حدة التخوفات من دخول ليبيا في مرحلة انتقالية جديدة. هذه التخوفات عكستها جمعة 25 ديسمبر، حيث خرج المتظاهرون في مدن بنغازي، وسبها، وسرت، والبيضاء، والجفرة، والجبل الأخضر، وطبرق، ودرنة، والعديد من المدن الأخرى، مطالبين بعدم مصادرة حق الشعب الليبي في اختيار سلطتهم التنفيذية والتشريعية عبر صناديق الانتخابات، مؤكدين في الوقت ذاته على التاريخ النهائي الذي اقترحته المفوضية وهو 24 يناير وعدم الإزاحة أو التأجيل مع محاسبة كل المعرقلين للعملية الانتخابية وتحميل المسؤولية للأمم المتحدة في عدم الإيفاء بالتزاماتها أمام الشعب الليبي.

يأتي هذا فيما كانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، اقترحت الأيام الماضية، تأجيل يوم الاقتراع (للجولة الأولى) من الانتخابات الرئاسية إلى 24 يناير 2022، على أن يتولى (مجلس النواب) العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة ما وصفته بحالة (القوة القاهرة) التي تواجه استكمال العملية الانتخابية.

إحباط مجتمعي

من جهته، وصف الكاتب والناشط السياسي عبدالله المقري، المشهد الليبي العام بأنه "مشهد يخيم عليه الإحباط الاجتماعي". 

وقال المقري في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "أعداد من تقدموا للتسجيل في منظومة الانتخابات وتحصلوا على بطاقات ناخب، ومن ترشحوا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تدل ذلك على رغبة شعبية للاحتكام لنتائج الانتخابات كشكل ديمقراطي يقرب من الوصول للسلطة لتأتي مرحلة قادمة تصبح فيه السلطة للشعب وتصبح فيه سيادة الدولة على إقليمها".

وطالب المقري، مجلس النواب إلى إقالة حكومة الوحدة الوطنية وتحويلها إلى النائب العام للتحقيق في مخالفتها لمهامها المكلفة بها"، داعياً في الوقت ذاته الشعب الليبي بالخروج في مسيرات واعتصامات واحتجاجات رفضاً لتعطيل إرادتهم في الانتخابات.

كما شدد المقري، على ضرورة توحيد المواقف الوطنية والشعبية بوضع بدائل وإجراءات وطنية تعيد بناء الدولة الوطنية للانخراط في مشروع وطني عنوانه إنقاذ ليبيا، ورفض التدخل الخارجي في اختيارات الشعب، وطرد القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب، وافتكاك السلاح من التنظيمات والميليشيات الإرهابية، والعمل على وحدة مؤسسات الدولة لما يحقق الاستقرار والأمن والسلام الوطني.

مؤشرات خطيرة

وفي السياق، قال مدير مركز الأمة الليبي الدراسات محمد الأسمر، إن المشهد الليبي الحالي يشوبه مجموعة من المؤشرات الخطيرة التي قد تؤدي إلى انزلاق البلاد في دوامة جديدة من عدم الاستقرار والتشظي. 

وقال الأسمر في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "المجتمع الدولي لم يلتزم بتنفيذ القرارات التي اتخذها بشأن ليبيا وفي مقدمتها القرارات الخاصة بمعاقبة المعرقلين للعملية السياسية واكتفاء المجتمع الدولي والولايات المتحدة بإبداء القلق وعدم الرضا عن ما يجري بينما كان لديهم القدرة والآلية لتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها حيال ذلك"، وأضاف "خارطة الطريق أيضا لم يتم تنفيذها بشكل كامل ومتكامل حتى تصريحات المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليام عن إنجازات عام 2021 مثل تطبيق وقف إطلاق النار، ورعاية اتفاق فتح الحقول والموانئ النفطية، وكذلك اجتماع المصرف المركزي، وهي تعد بالفعل إنجازات ولكن يجب استكمالها بخطوات تنفيذية لاحقة".

وأكد الأسمر، أن في مقدمة العراقيل الواضحة أمام خارطة الطريق الليبية والاستحقاقات الانتخابية هي المجموعات المسلحة والمرتزقة وسيطرة المليشيات ومساعي عرقلة الانتخابات، مشيراً إلى أن عدم الالتزام بالقوانين والضوابط التنفيذية الحاكمة والضابطة للعملية السياسية وفي مقدمتها السياق الانتخابي أدى إلى انفراد بعض المؤسسات بإجراءات لا تتماشى مع الصالح العام.

ورأى مدير مركز الأمة الليبي الدراسات، أنه كان يتوجب على المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عند قيامها بتعليق إعلان القوائم النهائية للمرشحين للرئاسة أن تقوم بإحاطة الشعب الليبي في بيان وبلاغ لتوضيح الأسباب ومعالم الخطوات المقبلة، وعدم ترك الشعب الليبي في حالة القلق إزاء ترقب الإجراءات القادمة من المفوضية.