يبدو أن موسم « صيد الأفاعي » بغرب ليبيا قد شارف على الانطلاق ، وفق الخطة التي تبناها وزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا، والتي تقف وراءها أطراف عدة إقليمية ودولية وخاصة منها الأوروبية والأمريكية وتدعمها الأمم المتحدة، وتشارك فيها تركيا من بوابة تلميع صورة التدخل  وتبرئة الذمة من أية علاقة مع الجماعات المستهدفة،  وخاصة تلك المتورطة في الإرهاب أو التهريب والإتجار بالبشر والتي تمثل تهديدا للأمن القومي الأوروبي وخطرا على أي مشروع للحل السياسي في البلاد ، باعتبارها متهمة من قبل باشاغا على الأقل بعدم الانضباط والالتزام بالقرارات الرسمية والمواقف الحكومية.  

كما أن الدور التركي في العملية سيكون متوافقا مع أهداف حلف شمال الأطلسي الذي بدأ الأسبوع الماضي مهمة جديدة في بليبيا،  حيث شوهدت طائرة دون طيار للحلف من نوع "هاوك RQ-4d" فونيكس وهي تحلق من إيطاليا نحو الجنوب فوق البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية، ويشير المراقبون الى أن التزام النظام التركي بدوره في الناتو يبقى أهم بالنسبة إليه من العلاقة مع أي طرف ليبي آخر بما في ذلك حليفه فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع الأهداف المحتملة، والذي يرفض العملية من الأساس، ويعتبرها المقربون منه  تصفية حسابات يتزعمها باشاغا الذي يسعى الى الظهور  في صورة الرجل القوي بغرب ليبيا. والمؤهل الأبرز لقيادة المرحلة القادمة ، على أنقاض سلطة السراج المتهالكة.

الأسبوع الماضي، أعلن  باشاغا عن قرب إطلاق عملية «صيد الأفاعي» والتي قال أن خطتها قد وضعت من قبل ما تسمى رئاسة الأركان العامة التابعة للمجلس الرئاسي والمنطقة العسكرية الغربيّة التي تضم عددا من الميلشيات بمنطقة غرب طرابلس والجبل الغربي. وأوضح باشاغا أنّ العمليّة تأتي بسبب الخلل الأمني في المنطقة ، مشيرا الى أن تركيا ستشارك فيها ، وأنّهم طلبوا دعما دوليّا للتنفيذ، وهناك عدد من الدول سوف تدعم هذه العملية

لكن وزارة دفاع الوفاق نفت علمها بالعملية ، وقالت أن هدفها الأساس هو حماية الوطن عبر توحيد جهود المؤسسات الأمنية والعسكرية فيه ،وأن هذه الجهود تدخل في إطار مساعيها لمكافحة الإرهاب والتطرف ومحاربة الاتجار بالبشر عبر الحدود والجريمة المنظمة، إذ يخضع عملها لنظام محدد ودقيق مبنيٍ على تخطيط مسبق لأي عملية تقوم بها، وفق بيان لها

وأشارت الوزارة الى عدم وجود تنسيق مسبق أو اطلاع من قبلها ، ومن قبل من وصفتهما بآمري المنطقتين العسكريتين الغربية وطرابلس بخصوص عملية صيد الأفاعي، داعية الجهات ذات الاختصاصات الأمنية بالتنسيق المسبق معها ومع بمؤسساتها العسكرية والأمنية

وقالت في بيان لها: “تؤكد الوزارة أن هدفها الأساسي هو حماية الوطن، من خلال توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب ومحاربة الإتجار بالبشر، عبر حدودها، ومواجهة الجريمة المنظمة، حيث يخضع عملها لنظام محدد مبني على تخطيط مسبق لأي عملية تقوم بها”.

وأضافت: “تؤكد الوزارة أن كلا من وزارة الدفاع وآمر المنطقة العسكرية الغربية إضافة لآمر المنطقة العسكرية طرابلس، بعدم اطلاعها أو التنسيق المُسبق معهم بخصوص ما يطلق على عملية صيد الأفاعي”.

وتابعت: “لذا فإن الوزارة تطلب من كل الجهات ذات الاختصاصات الأمنية التنسيق المسبق مع الوزارة بمؤسساتها العسكرية والأمنية لضمان الحصول على نتائج حقيقية تحقق الأمن والأمان لجميع المواطنين في بلدنا الحبيب”.

والأربعاء ، أكد وزير الدفاع المفوّض صلاح الدين  النمروش، أن عمل وزارة الداخلية لا علاقة له بوزارة الدفاع وقوات “بركان الغضب”، في إشارة الى تحالف المسلحين المدعوم من قبل النظام التركي، وقال أن ما وصفها بالقوات المُساندة سيتم دمجها بالطرق المناسبة ، وأضاف بعد اجتماع عقده أمس مع رئيس الأركان العامة لحكومة الوفاق محمد الحداد، وعدد من قادة وآمري القوات في المنطقة الغربية وطرابلس والوسطى .أنه جرى الاتفاق على وضع ميثاق شرف، يُوقّعه جميع أمراء الحرب، ويقضي بعدم اصطدام الميلشيات والقوات بعضها بالبعض الآخر، مهما كان السبب، وتشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع، يتم من خلالها التواصل مع المجلس الرئاسي؛ لضمان عدم حصول صدام بين قوات الداخلية والدفاع.

وأكد النمروش من جديد أن وزارة الداخلية ليست لها صلاحيات تؤهلها لمقاتلة «قوات بركان الغضب »في إشارة الى التحالف الذي تشكل لمواجهة هجوم الجيش على العاصمة طرابلس، وهو ما يفضح عمق الخلاف بينه وبين وزير الداخلية ،

وجاء موقف وزير الدفاع المفوض المحسوب على رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والموالي للنظام التركي ، ليكشف عن تصدع الجبهة الحكومية في طرابلس ،  وعن إمكانية تصادم بين فريقين ميلشياويين تابعين لحكومة الوفاق ، أحدهما موال للسراج والثاني موال لفتحي باشاغا الذي شدد الثلاثاء الماضي ، على أن الاستعدادات متواصلة لبدء عملية « صيد الأفاعي » والتي ستستهدف إرهابيين ومهربين ومتاجرين بالبشر ، وفق تعبيره ، في حين تشير مصادر مطلعة الى أن قائمة الأهداف تتضمن ميلشيات وأمراء حرب مواليين لرئيس المجلس الرئاسي، سواء بطرابلس أو ببقية المناطق الفاصلة بينها وبين الحدود المشتركة مع تونس سواء من حيث الشريط الساحلي أو جبل نفوسة.

وأكدت مصادر مقربة من مراكز القرار في طرابلس أن باشاغا يحظى بدعم أمريكي وأوروبي وخاصة من بريطانيا وإيطاليا، وهو يتجه الى «صيد الأفاعي» مدعوما بغطاء دولي، وأن الأتراك يدعمون العملية ويشاركون فيها بعد أن أصبحت أمرا واقعا، حيث يجمع أغلب الفاعلين الإقليميين والدوليين على ضرورة تفكيك الميلشيات المتمردة والعناصر الإرهابية وعصابات التهريب والإتجار بالبشر التي تؤرق الجانب الأوروبي ودول الجوار،

وتضيف المصادر أن نجاح باشاغا في تنفيذ العملية سيقدمه رسميا على أنه الرجل القوي في غرب ليبيا ، والمؤهل لتزعم المرحلة القادمة، وستمنح ميلشيات مصراتة الموالية لها شرعية الأمر الواقع بعد الإطاحة بالقوى المناوئة لها في طرابلس.

وتابعت المصادر أن أول الأهداف ستكون مجموعات محسوبة على رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الذي بات على يقين من أن أيامه في السلطة باتت معدودة ، نظرا لوجود توافقات على ضرورة تشكيل سلطات تنفيذية جديدة وخاصة في مستوى رئاستي المجلس الرئاسي والحكومة ، ولوجود ضغوط كذلك بعدم السماح بالتراجع الى الوراء بعد الخطوات التي تحققت في المجالين العسكري والاقتصادي.

وقالت المصادر أن قائمة الأهداف التي وضعتها وزارة داخلية الوفاق بغرب البلاد، تشمل، الميلشيات الخارجة عن القانون وغير المنضوية تحت أجهزة الحكومة ، والمجموعات الإرهابية التي تضم عناصر متورطة في الإرهاب في داخل البلاد وخارجها ، بما فيها الفارة من المنطقة الشرقية والتابعة لتنظيمي داعش والقاعدة ، وشبكات الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين ، وشبكات تهريب الوقود وتجارة المخدرات

وتابعت أن هناك مجموعات من العاصمة طرابلس مدرجة ضمن الأهداف من بينها كتيبة «النواصي» التي تعد إحدى الجماعات العسكرية المسلحة في العاصمة ، وتتألف من أكثر من 700 عنصر، وتعمل في منطقة أبوستة في طرابلس، على بعد أمتار فقط من قاعدة أبوستة البحرية، حيث يوجد مقر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. وهي تدير عدة نقاط تفتيش وتسير دوريات في المنطقة، وهو ما مكّنها من لعب دور مهم في المشهد السياسي والعسكري في العاصمة طرابلس.

وكان  باشاغا اتهم «النواصي» بالفساد ، فيما أصدر الإنتربول في العام 2019 نشرة حمراء بحق القيادي البارز في الميلشيا محمد أبوذراع المكني بــ “الصندوق” والذراع الأيمن لآمرها مصطفى قدور على خلفية شبهات تتعلق بالاستخدام غير المشروع للأموال الليبية ، حيث يعدّ  من أبرز المتحكمين في ملف الاستثمارات، وطالبت  بلجيكا  بمحاكمته لتلاعبه في الأموال الليبية المجمدة بها، إضافة لسيطرته على برج طرابلس وتوظيف مكتب خاص به في البرج لابتزاز المؤسسات والمصارف لفتح اعتمادات وعقود لصالح شركات تابعة له مع آمر الكتيبة مصطفى قدور.

وقبل ذلك ذكر تقرير خبراء الأمم المتحدة الصادر في عام 2018 أن ميلشيا النواصي أجبرت إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار على تعيين أحد منتسبيها وقامت بتهديدها في حال رفضها .

وفي فبراير الماضي ، وجه وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، نصيحة إلى كتيبة النواصي التابعة لـ«قوة حماية طرابلس» ،وقال ، «أنصح الشباب في ميليشيات النواصي ألا يقبضوا على أحد لأن هذا ليس من اختصاصهم، هذا اختصاص الداخلية». وفي أغسطس الماضي ، خاضت الميلشيا حربا معلنة ضد باشاغا ، مبدية ولاءها لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ،

والى جانب « النواصي » توجد ميلشيا أخرى في قائمة استهداف «صيد الأفاعي » وهي قوة الردع والتدخل السريع أبوسليم  بوسط طرابلس بقيادة عبد الغني الككلي وتعرف محليا بكتيبة غنيوة ، المقربة بدورها من رئيس المجلس الرئاسي ، وأعلن منذ أيام عن نية السراج تعيين لطفي الحراري ، أحد أبرز قادتها الميدانيين ، مديرا لجهاز الأمن الداخلي

كما تم تحديد عدد من المجموعات في مدينة الزاوية (50 كلم غرب طرابلس) من بينها قوة الإسناد الأمني الأولى التي يترأسها محمد سالم بحرون الملقّب بـ “الفار”، المسيطر على طرق تهريب الوقود والإتجار بالبشر بالمدينة ، والمطلوب الى مكتب النائب العام بطرابلس بسبب ارتباطه بتنظيم داعش ، فيما منحه السراج في العام 2019 رتبة نقيب بالأمن ، وجعل ميلشياه تابعة لمديرية أمن الزاوية التي رفضت تسليمه للقضاء

وكذلك “سرية النصر” التي يتزعمها محمد كشلاف المعروف بإسم « قصب » والمتهمة بالتورط في تهريب الوقود من مصفاة الزاوية حيث تستخدم “70” زورقا لنقل الوقود المهرب لسفن التهريب، كما أنها سير شاحنات بطريقة غير شرعية إلى زوارة الواقعة إلى الغرب من الزاوية والقريبة من الحدود الليبية التونسية ، رغم زعمها العمل تحت يافطة حراسة المنشئات النفطية

وورد اسم كشلاف في تقرير لجنة الخبراء للأمم المتحدة المكلفة بمتابعة ليبيا في مارس 2018 وذلك في البندين (90) و (92) من التقرير وتلته عقوبات حظر سفر وتجميد أموال ما يفسر لجوئه إلى استثمار أمواله في الداخل نظراً للحظر المفروض عليه في الخارج وما يعني أيضاً في المقابل بأن العقوبات المحلية المفروضة عليه من النائب العام لم تجد طريقها للتنفيذ بما في ذلك استمرار حركته المالية.

وفى أكتوبر 2019 افتتح كشلاف مشفاه الخاص في الزاوية بحضور شخصيات ومسؤولين حكوميين وآخرين بينهم عميد البلدية والتي سميت “مركز النصر الطبي” .

وقبل أسابيع ، اجتمع كشلاف ومساعدوه مع وزير دفاع الوفاق ، في أول ظهور علني له بعد اعتقال شريكه المقرب عبد الرحمن ميلاد الملقب ” البيدجا ” في طرابلس منتصف أكتوبر الماضي، ورأي مراقبون في ذلك الاجتماع دعما من سلطات السراج للجماعات الخارجة عن القانون ليحظى بدعمها في مواجهته لطموحات وزير الداخلية فتحي باشاغا المدعوم من قبل ميلشيات مصراتة

ووفقًا لمجلس الأمن؛ فإن شبكة كشلاف هي واحدة من أكثر الشبكات هيمنة في مجال تهريب المهاجرين واستغلال المهاجرين في ليبيا، وتربط كشلاف صلات واسعة برئيس الوحدة المحلية لخفر السواحل في الزاوية، عبد الرحمن الميلاد، الذي تعترض وحدته القوارب التي تقل المهاجرين، وغالباً ما تكون منافسة لشبكات تهريب المهاجرين، حيث يُجلب المهاجرون إلى مرافق الاحتجاز الخاضعة لسيطرة ميليشيا النصر، ويُحتجزون في ظروف خطرة.

كما تتضمن العملية استهداف الكتيبة “55” في منطقة ورشفانة والتي تلاحق أمرها معمر الضاوي قضايا قتل وتصفية واختطاف وحرابة وتهريب وقود وإتجار بالبشر ، ولكن في العشرين من ديسمبر الماضي ، حظي الضاوي في مقر كتيبته بزيارة وزير دفاع حكومة الوفاق صلاح النمروش ورئيس أركانه محمد الحداد، أثناء جولتهما في مدن وقرى سهل الجفارة ، وقالت الميلشيا أن الزيارة استهدفت “الوقوف على احتياجات المؤسسة العسكرية ومعسكرات كتيبة لــ55 مشــــاة وكتيبة ‪ مشاة لفتح باب القبول والتجنيد”

وتبدو عملية «صيد الأفاعي» واجهة طبيعية للصراع القائم في غرب ليبيا، وخاصة أمام استحقاقات المرحلة القادمة، ففي الوقت الذي يطمح فيه السراج للبقاء في منصبه كرئيس للمجلس الرئاسي مقابل تعيين رئيس وزراء جديد ينتمي الى المنطقة الشرقية ويحظى بقبول القيادة العامة للجيش ، يتقدم باشاغا  نحو رئاسة حكومة وحدة وطنية مقابل الإطاحة نهائيا بالسراج واختيار خليفة له يكون من شرق البلاد ، ويرجح أن يكون عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ، وذلك في إطار مسعى البعثة الأممية لتشكيل سلطات تنفيذية جديدة تشرف على المرحلة الانتقالية التي ستقود نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر القادم.

لكن الصراع يزداد حدة عندما ندرك أن السراج يستقوي في نزعته للبقاء في السلطة بميلشيات طرابلس المحلية وبميلشيات أخرى على امتداد المنطقة الرابطة بين العاصمة والحدود تونس مع تونس سواء الشريط الساحلي أو الجبل الغربي ، ترى في وصول باشاغا للحكم انتصارا لمصراتة على بقية مدن الإقليم الغربي ، وتكريسا لنفوذها العام في البلاد ، وما يزيد من حدة الخلاف أن باشاغا يلقى دعم جماعة الإخوان التي تتعرض لإنتقادات واسعة من قبل ميلشيات قوة حماية طرابلس وحلفائها.

وقبل أيام، دعا نواب البرلمان وعمداء البلديات وقادة المسلحين في مدينة طرابلس والمناطق الغربية ، الى تشكيل حكومة دون السماح لأي حزب أو تيار بتغليب أجندته ، وأكدوا أنهم لن يسمحوا لأي طرف بفرض "سياسة الأمر الواقع"، وأنهم سيكونون "محاربين لكل من أراد ضياع الوطن". وفق نص البيان وأوضح أصحاب البيان أنهم يدعمون المجلس الرئاسي ضد محاولات المساس به وأنهم يرفضون أصاحب المصالح الفردية والحزبية والأجنبية و« سنقف صفا واحدا ضد مكائدهم وضد داعميهم الذي أدخلوا في حروب سفكت فيه الدماء » وفق نص البيان ، وذلك في إشارة واضحة الى وقوفهم الى جانب السراج.

ورد حزب “العدالة والبناء” الذراع السياسي للجماعة بالقول إن ما سماها ب«هذه المجموعات تحاول صناعة اصطفافات جهوية وتستغل أسماء المدن والمناطق لتحقيق منافع ضيقة مبنية على بقاء الوضع الراهن واستمرار المجلس الرئاسي الحالي الذي أعلن رئيسه نفسه استقالته منه، منتظرًا التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد عدم قدرته على إقامة نموذج للدولة يجتمع عليه الليبيون» وفق نص البيان.

وتابع الحزب أن هذه المجموعات خرجت بالعديد من الخطابات المتلفزة لمهاجمة الحزب، وفي الوقت نفسه تدعي أنها تُنادي بالدولة المدنية، وهي تُظهِر دعمها لحكومة الوفاق من باب المناكفة لا أكثر ، وفق تعبيره

وفي رده على اتهامه من قبل ميلشيات طرابلس بالعمل على التغلغل في مفاصل الدولة ضمن سياسة التمكين التي يتبعها ، وتحوله الى فرس الرهان لمسلحي مصراتة في العاصمة طرابلس ، زعم الحزب الإخواني أن “ تلك المجموعات تحاول صناعة اصطفافات جهوية في وقت صعب لا ينقصه المزيد من التوتر، وتستغل أسماء المدن والمناطق وتتاجر بشعارات الثورية والوطنية لتحقيق منافع ضيقة مبنية على بقاء الوضع الراهن – الذي لا يختلف اثنان على سوئه – واستمرار المجلس الرئاسي الحالي الذي أعلن رئيسه نفسه استقالته منه، منتظرا التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد عدم قدرته على إقامة نموذج للدولة يجتمع عليه الليبيون”، وفقًا لنص البيان.

واستطرد البيان؛ أن “هذه الخطابات وإن كانت لا تخلو من التناقضات، فإنها تغمز وتلمز ضد وجود الأحزاب وتطالب في ذات الوقت بمدنية الدولة، وتتعرض أحيانا للحزب بشكل صريح أو بالتلميح وتتهمه زورا بالسيطرة على المشهد والسعي وراء المصالح”،

وحاول الحزب في بيانه استعطاف ميلشيات طرابلس ، بالإشارة الى أنه أول من دعم حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج ، لافتا الى أنه كان أول من وقف معها عندما كانت مرفوضة من تلك المجموعات

ولا تخفي مجموعات طرابلس التي تشكل ما تسمى قوة حماية العاصمة ، عداءها الصريح لمسلحي مصراتة والإخوان وباشاغا ودعمها للسراج ، باعتباره إبن مدينتهم التي يرفضون تهميش دورها السياسي في أي اتفاق منتظر.

وفي الصيف الماضي ، انحازت القوة الى السراج ضد باشاغا، واتهمت جماعة الإخوان التي وصفتها بجماعة الشر والورم الخبيث الذي ضرب البلاد ، بأنها «تسعى للوصول لسدة الحكم بأي طريقة كانت» وأكدت أنها «ستكون بالمرصاد لباشاغا ولأذناب جماعة الإخوان المتلونين والفاسدين» مشيرة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، ومنذ تغلغلها في مفاصل الدولة إلى يومنا هذا، فاق فسادها الوصف من شدة إنهاك الدولة وتخريبها.

وتتهم القوى الداعمة للسراج جماعة الإخوان ومسلحي مصراتة بمحاولة فرض فتحي باشاغا كرئيس للحكومة، وهو ما يفسرون به عملية «صيد الأفاعي» التي أعلن عن قرب انطلاقها بهدف تمهيد الطريق أمام وزير الداخلية المفوض لتحقيق طموحاته السياسية.

ووفق أغلب المتابعين، فإن عملية «صيد الأفاعي» لن تكون عملية عابرة ، وإنما قد تدفع الى صراع حقيقي في الغرب الليبي قد يستمر طويلا ، ولكن حسمه سيكون بالدعم الدولي لمشروع باشاغا القريب من أغلب القوى المؤثرة في الغرب، والذي سعى من خلال زيارتيه في نوفمبر الماضي الى باريس والقاهرة الى توضيح موقفه نحوهما ، والى التأكيد على أن هدفه هو القضاء على الميلشيات الخارجة عن القانون والمتورطة في الإرهاب والتهريب والعاملة على منع الدولة من استعادة سيادتها.

ويضيفون أن الخطأ الفادح للسراج هو محاولته التنصل من وعوده السابقة وسعيه الى البقاء في السلطة والتمرد على الحل المقترح دوليا بالاعتماد على أمراء الحرب ممن عينهم في مواقع حساسة ، والميلشيات التي يعمل على الاستقواء بها في مواجهة وزير داخليته ، مشيرين الى أن الجانب التركي يدرك أن موقف باشاغا يستند الى توافقات دولية بضرورة الانتهاء من حل الميلشيات والقضاء على العناصر الإرهابية وأمراء الحرب المتمردين وخاصة منهم الموضوعين على لائحة العقوبات الدولية قبل الإتجاه الى حل سياسي أو التفكير بجدية في تنظيم إنتخابات ، مردفين أن إنطلاق العملية يعني نهاية دور السراج عمليا وتكريس زعامة باشاغا في الغرب الليبي.