فجر غياب الدعم الرسمي للعبة التايكوندو في الصومال، طاقات الشاب "أحمد محمد" (25 عاما)، بعد أن قضى 7 سنوات في إثيوبيا يتعلم هذه اللعبة، لينشئ مركزا رغم الإمكانيات المتواضعة لتدريب الشباب على فنون اللعبة، أملا في إعادة إحيائها من أجل عودة بلاده وبقوة إلى مضمار بطولات الألعاب القتالية.

وبدت فكرة أحمد جديدة على مجتمع يعيش واقعا مأساويا، وظروفا إنسانية صعبة لا تشجع على ممارسة لعبة غير رائجة، لم يقبل على ممارستها سوى عدد قليل من الشباب.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال المدرب الشاب "أحمد محمد" في المركز الوحيد لتعليم هذه اللعبة في البلاد، إنه يعتزم إعادة إحياء لعبة التايكوندو في الصومال، رغم قلة الإمكانيات، وغياب الدعم الحكومي، والاتحاد الصومالي للتايكوندو.

ولم يشارك الاتحاد الصومالي للتايكوندو في بطولات الأعوام الماضية العالمية بسبب الاضطرابات الأمنية، لكنه اعتمد في السنوات الأخيرة على اللاعبين الذين يعيشون في الخارج بعد انهيار الحكومة المركزية في تسعينيات القرن الماضي، واستأنف المشاركة الدولية عام 2013.

"محمد" أشار إلى أن عدد من يقبلون على ممارسة هذه اللعبة محدود للغاية مع تباين أهدافهم فمنهم من يريد التعلم من أجل الدفاع عن النفس، أو يسعى لرفع معدل لياقة جسده، لكن بعضا منهم لديه طموحات عالية، وعزائم قوية ليصبحوا لاعبين بارزين في هذه اللعبة التي تعتمد على القوة والحركة البدنية بكثرة.

ولا تتوافر أرقام محددة بشأن أعداد اللاعبين في الوقت الراهن، لكن أكثر من 25 شاب وفتاة يتدربون في المركز الذي يشرفه عليه المدرب "أحمد".

وقبيل المشاركة في البطولات الدولية يختار الاتحاد الصومالي للتايكواندو 10 لاعبين منهم 5 شباب و5 فتيات.

وفي إحدى زاويا المركز المتواضع، تتدرب "سعدية" وزميلتها "عائشة".. الفتاتان الوحيدتان اللتان انضمتا إلى التدريب في ذلك اليوم، لكنهما توارتا عن الكاميرا خشية أن تنشر صورتاهما، وهما تمارسان لعبة "التايكواندو" وسط الرجال.

بالصراخ المقترن بأخذ نفس عميق، يبدأ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والعشرين من العمر تدريباتهم، ثم تتوالى الحركات البدنية الأخرى رويدا رويدا من الحركات الأسهل إلى الأصعب لمدة ساعتين مساء كل يوم.

"سعدية"، وهي طالبة جامعية، تعزو سبب تواريها وزميلتها عن الأنظار إلى أن "المجتمع الصومالي ينظر إلى المرأة بعين الاحتقار في مثل هذه المواقف"، فضلا عن خشيتها من أن يصيبهما مكروه من قبل جهات لم تسمها حال نشر صورتيهما.

وتعد "سعدية" (20 عاما) من أمهر متدربي المركز، وسبب تألقها كما تقول في حديث للأناضول يرجع إلى حبها لهذه الرياضة وولعها بها منذ صغرها، حتى أنها تتبارى مع الرجال وتصد ضرباتهم بلياقة فائقة.

وأعربت عن أملها في أن تنهي هذه الدورة التدريبية، وتشارك في إحدى البطولات لتحرز ميداليات ذهبية لبلدها.

التطلع إلى المشاركة في البطولات الدولية، لا يقتصر فقط على "سعدية" بل يشاركها في الطموح ذاته "عبد الرحمن عمر" الذي قال للأناضول إن "لديه طموحا أيضا ليمثل بلاده في المسابقات الدولية".

وأضاف "عمر" "أتدرب لساعات يوميا، وعندما أعود إلى البيت أكرر التدريب نفسه، ولهذا اكتسبت ثقة مدربي ما أعطاني طموحا كبيرا، لأكون متفوقا في هذه اللعبة".

وحول فائدة اللعبة لدى وقوع أي اشتباك مسلح، أشار "عمر" إلى أن الجميع متساوون عند الاشتباك، لكن ممارسي هذه اللعبة عندهم ميزات كثيرة يتفوقون بها على الآخرين، كالانبطاح والجري السريع، والقفز في الأماكن المرتفعة لمحاولة النجاة.

أما "يوسف عبدي"، وهو لاعب سابق لهذه اللعبة القتالية، فأعرب عن سعادته حيال عودة مظاهر التايكوندو من جديد.

وأشار في حديث لوكالة الأناضول إلى أن الانهيار الذي طال هذه اللعبة، وضعه في حالة من اليأس من ألا تعود مجددا، ولكنه اعتبر أن عودتها يبشر بعودة كثير من ألعاب شعبية أخرى.

وكغيرها من ألعاب القتال، لم تحصل لعبة التايكوندو على اهتمام كبير من الجهات الرسمية، لا سيما وأن كثيرا من مدربيها، أصبحوا متقاعدين بفعل  الزمن، ولذلك تمس الحاجة إلى جيل جديد يبعث الحياة فيها، بحسب متابعين الشأن الرياضي الصومالي.

ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري عام 1991 يعاني الصومال حربا أهلية، ويحاول جاهدا الخروج منها بدعم من المجتمع الدولي، فيما لا تزال حركة "الشباب" تسيطر علي مدن ومناطق ريفية جنوب ووسط الصومال، وتشن هجمات بين الحين والآخر على القوات الحكومية والأفريقية.