إذا كان عامل الثأر من العوامل المفضلة، فإن كأس العالم تشكل بيئة خصبة لذلك، كأس العالم 2002 مكنت المنتخب الإنجليزي من الثأر لخسارته قبلها بأربع سنوات على يد نظيره الأرجنتيني، وفي فترة ليست ببعيدة، نجح المنتخبالأمريكي في الثأر من نظيره الغاني الذي أقصاه من ثمن نهائي المونديال الماضي، وحقق فوزا مهما عليه في الدور الأول من المونديال الحالي،

غالبا ما تتاح للمنتخبات الكبرى الفرصة في الثأر من بعضها البعض لكثرة مواجهاتها، فمثلا فرنسا وإيطاليا تواجهتا في عدد من الدورات الكبرى سنوات 1998، 2000، 2006 و2008، ولكن بالنسبة للمنتخبات الصغيرة فإن فرص الثأر نادرة جدا، والجزائريون عليهم أن يعلموا بأنهم لن يجدوا فرصة أفضل للثأر من ألمانيا على الآلام التي سببتها لهم سنة 1982، فـ الجزائر بعد فوزها على ألمانيا في مونديال 1982 كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تكون أول منتخب إفريقي يتأهل عن دور المجموعات في المونديال، ولكن مباراة ألمانيا والنمسا كانت مؤامرة شائنة وإحدى أسود اللحظات في تاريخ كأس العالم، عندما أوقف المنتخبان اللعب مباشرة بعد هدف هوردست لـ ألمانيا في الدقيقة العاشرة من اللقاء لأن النتيجة حينها كانت تؤهل المنتخبين معا، ورغم تحقيقها فوزين، إلا أن الجزائر خرجت حينها من المنافسة.

بعدها احتج الجزائريون بحجة أن البلدين الجارين الأوروبيين رتبا نتيجة المباراة، ولكن لم تكن هناك حجج ملموسة على ذلك ليعود الجزائريون إلى بلدهم، وشاءت الأقدار هذه المرة أن تلتقي الجزائر بـ ألمانيا، ربما اختلفت الأيام هذه المرة، فـ ألمانيا الغربية أضحت ألمانيا بعد سقوط جدار برلين، ولكن الجروح لم تندمل عند المشجعين الجزائريين في لندن، باريس، الجزائر وعموما العالم العربي، والآن فرصة الثأر باتت بين أيدي الجزائريين عندما يواجهوا الألمان أمسية الإثنين بمدينة بورتو أليغري، الجزائريون حازمون في الدفاع ويملكون خط وسط ميدان سريع وهجوما لا يرحم، وفي كل مباراة من مبارياتهم في دور المجموعات أظهروا أسلوبا مختلفا، فأمام بلجيكا اتسموا بصلابة لا تصدق وأمام كوريا الجنوبية كان لهم هجوم مدمر وأمام روسيا أظهروا قدرات هائلة على التحكم في المباريات، الجزائريون مرشحون للسقوط بقوة في الدور القادم، ولكن ما قدموه في دور المجموعات يؤهلهم على الأقل للتسبب في المتاعب لـ الألمان، ويملكون الدافع للثأر لمؤامرة خيخون وأن ينالوا شرف أن يكونوا رابع منتخب إفريقي فقط يصل الدور ربع النهائي من كأس العالم، ولكي يسيروا على درب ماجر، بلومي ورفاقهم، ولكن هل ستفوز فرنسا على نيجيريا أيضا ليتواجه الغريمان في الدور ربع النهائي؟