يتطلع اليسار التونسي إلى تأكيد صحوته في الانتخابات الرئاسية، بعد أن حقق صعودا لافتا في الانتخابات التشريعية الماضية، التي دفعت به إلى الواجهة في المشهد السياسي التونسي الجديد.

ضمنت الجبهة الشعبية، التي تضم 12 حزبا من اليسار، 15 مقعدا في البرلمان الجديد ما يجعلها في المركز الرابع بعد حزب نداء تونس صاحب المرتبة الأولى وحركة النهضة الإسلامية والاتحاد الوطني الحر.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أنّ الجبهة الشعبية تستطيع أن تتحول إلى كتلة نيابية مهمة بارتفاع عدد نوابها إلى أكثر من 20 نائبا في حال توصّلت إلى اتفاق مع ممثّلي باقي التيارات اليسارية والقريبة منها، يقضي بتشكيل كتلة نيابية واحدة، لتصبح بذلك القوة الثالثة في البرلمان.

وفي هذا السياق، قال القيادي في الجبهة وأمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين، زياد الأخضر، في تصريحات صحفية: “إنّ التقاء أحزاب اليسار ضمن جبهة موحّدة أحدث فارقا في انتخابات 2014، فضلا عن انتهاج حملة انتخابية وفقا للمعايير العلمية، وهو ما لم يكن متاحا في 2011”.
وعلى الرغم من حضورها الضعيف في المجلس التأسيسي، إلاّ أنّ الجبهة أظهرت قدرة كبيرة على تحريك الشارع ضدّ حكومة الائتلاف التي قادتها حركة النهضة الإسلامية، خاصة عقب اغتيال أبرز رموزها؛ شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ما أكسب اليسار زخما واسعا في الاعتصامات المعارضة لحكم الإسلاميين التي انتظمت حينها، وربما ساهم ذلك بشكل غير متوقع في إعادة تقديم اليسار لصورته الحقيقية أمام الرأي العام.

يذكر، أنّه قبل عامين من الزمن، لم تتعدّ نظرة السواد الأعظم من التونسيين إلى أحزاب اليسار كونها أحزاب تحسن ممارسة الاحتجاج فقط ولا تصلح للحكم ولا لتسيير دواليب الدولة، لكن وضع الجبهة الشعبية اليوم يبدو مختلفا وهي على مشارف الحكم في انتظار ما ستسفر عنه المشاورات الجارية بشأن حكومة ائتلاف مع حزب نداء تونس صاحب المرتبة الأولى في التشريعية الأخيرة.

من جهته، قال أحمد الصديق، القيادي بالجبهة والفائز بمقعد في البرلمان عن الدائرة الانتخابية الأولى بالعاصمة: “لا يتعلق الأمر بصحوة، لكن المزاج الانتخابي لم يكن يستسيغ ولا يثق بأهلية الجبهة الشعبية للتواجد في مراكز القرار التنفيذي والتشريعي بسبب أحكام مسبقة، أنتجتها الدعاية المضادة التي استهدفت اليسار طيلة سنوات”.

وتتطلّع الجبهة اليوم إلى تثبيت قدمها في المشهد السياسي الجديد عبر مرشّحها إلى منصب الرئاسة في قصر قرطاج، حمة الهمامي (62 عاما)، والذي يعدّ أشهر المناضلين والمعارضين الراديكاليين لحكم الرئيس السابق زين العابدين علي.

هذا، وتأمل الجبهة عبر لافتاتها الدعائية المنتشرة في شوارع المدن التونسية تحت اسم “حمة رئيس” إلى أن يكسّر مرشحها حالة الاستقطاب الثنائي التي سيطرت على اتجاهات الرأي العام في بداية الحملات الانتخابية نحو مرشح حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي والرئيس المؤقت الحالي المنصف المرزوقي المدعوم من أنصار التحالف الحكومي المستقيل.

تجدر الإشارة إلى أنّ الهمامي أظهر حتى الآن قدرة واسعة على جذب الرأي العام إلى خطابه، ومع أنه يحقق صعودا مستمرا في استطلاعات الرأي، إلاّ أنه لا يزال خلف المرزوقي والباجي قائد السبسي رئيس نداء تونس، الذي يعد صاحب الحظوظ الأوفر.

*نقلا عن العرب اللندنية