أبو حفص.. من التهليل «للعرس المبارك» إلى لعبة السياسة

ولد محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بـ«أبو حفص» بمدينة الدار البيضاء المغربية عام 1974، حفظ القرآن وهو صغير، وحضر في صغره مجالس بعض العلماء والدعاة كالدكتور تقي الدين الهلالي. تلقى أولى مبادئ العلم الشرعي على يد مشايخ الدار البيضاء المعروفين كمحمد زحل والقاضي برهون وإدريس الجاي وعمر محسن وعبد الباري الزمزمي وغيرهم. انتقل إلى فاس فأعاد بها حفظ القرآن الكريم، ودرس علم التجويد علي يد بعض المشايخ ومن أبرزهم الشيخ المكي بنكيران المقرئ المعروف. حضر بمسجد القرويين مجالس كثير من مشايخها المعروفين، ومن أبرزهم عبد الكريم الداودي والأزرق وغيرهم. نال شهادة الباكلوريا بالدار البيضاء شعبة العلوم التجريبية، ثم درس سنة بكلية العلوم بالدار البيضاء شعبة الفيزياء والكيمياء.

التحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وحصل بها على إجازة كلية الشريعة. درس علي يد كثير من مشايخ التيار الوهابي بالمملكة العربية السعودية ومن أبرزهم ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين  وغيرهم. نال شهادة الماجستير بكلية الآداب بفاس، وحدة فقه الأموال في المذهب المالكي. حصل على الإجازة في علم القانون الدولي بكلية الحقوق بفاس. يتكلم إلى جانب العربية الفرنسية والإنجليزية. اشتغل بفاس مدرسا وواعظا وخطيبا. كان من أوائل شيوخ السلفية الجهادية، الذين باركوا تفجيرات نيويورك وواشنطن، واصفاً إياها بـ«العرس المبارك، الذي لم تكتمل أطواره بعد».

اعتقل في أعقاب أحداث 16 ماي 2003 بالبيضاء، و حكم عليه بالسجن لمدة 30 سنة ثم خففت إلى 25 سنة.

عقب أحداث 11 مارس 2007 الأرهابية، أصدر عبد الوهاب رفيقي أصدر نداء إلى «شباب الأمة» من المعتقلين السلفيين، يحثهم على إدانة الأعمال التخريبية، كما قدم وثيقة مرجعية تحت عنوان «أنصفونا» قدمها «منتدى الكرامة» في مارس 2010. في سنة 2012، غادر السجن بعد حصوله على العفو الملكي، وبعدها قدم تصريحات إعلامية للعديد من المنابر حول اعتدالية خطابه الدعوي. في سنة 2013، تم انتخاب محمد عبد الوهاب رفيقي، عضوا بالأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة، ليتم تعيينه نائبا لمحمد الخاليدي الأمين العام للحزب.

الشيخ حسن الكتاني.. «كلمة مراجعات تشعرني بالاكتئاب»

«الديمقراطية نظام علماني.. لايصلح للمسلمين». جاء موقف الشيخ الكتاني هذا في صفحته الاجتماعية على موقع الفايسبوك، كخلاصة من بين خلاصات استنتجها من أحداث مصر. تغريدته المثيرة للجدل جاءت في الواقع، لتعكس طبيعة مواقفه الضمنية من الديمقراطية كنظام سياسي ومشروع مجتمعي، وفي الوقت نفسه، وضعت مسألة المراجعات التي سبق وأعلن عنها شيوخ التيار السلفي، موضع تساؤلات عديدة عن حقيقتها ومداها.

ولد الشيخ حسن الكتاني بمدينة سلا سنة 1972، ولما لما انتقل والده، للعمل بمنظمة المؤتمر الإسلامي مديرًا عامًّّا للمؤسسة الإسلامية للعلوم والتقنية بجدة، درس بمدارس منارة جدة الأهلية، التي كان يديرها مجموعة من الأساتذة من «الإخوان المسلمين». حصل هناك على الثانوية العامة ثم رجع إلى المغرب ليتابع دراسته العليا في علوم الإدارة و الاقتصاد و حصل على دبلوم المعهد الدولي للدراسات العليا سنة 1995 بالرباط قبل التوجه إلى الأردن للحصول على الماجستير في الفقه و أصوله من كلية الدراسات الفقهية و القانونية.

والده المؤرخ والتقني علي بن المنتصر الكتاني. سافر رفقته لكثير من البلدان، منها إسبانيا مرارًا مع والده ومع غيره، ودخل للجزائر وزار تونس، ودخل لدمشق لصلة الرحم ولقي علماءها، وزار تركيا وقبرص وباكستان مع والديه وكذلك ماليزيا وسنغافورة وأستراليا ووالولايات المتحدة وكندا وسويسرا.

درّس في مسجدي مكة المكرمة بسلا ومسجد الضياء بحي النهضة بالرباط، كما تولى خطبة الجمعة بمسجد مكة إلى أن أوقف عن الخطبة بسبب مشاركته في التوقيع على فتوى علماء المغرب في من تحالف مع الصليبيين ضد المسلمين، التي حرم فيها التعوان مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب. اعتقل بعد تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003، ثم حوكم بعد تلك الأحداث الشهيرة بتهمة التنظير للإرهاب، للفكر السلفي الجهادي، وحكم عليه ب20 سنة سجنًا. أطلق سراحه في ذكرى المولد النبوي في فبراير 2012. أسس رفقة الشيخ أبوحفص في 2013 جمعية دعوية تحت اسم «البصيرة للدعوة والتربية». ولم يعرف عنه في فترة سجنه، الدعوة إلى القيام بمراجعات فكرية. في حوار له مع يومية التجديد في أبريل 2013، قال الشيخ الكتاني، أن «مجرد سماع هذه الكلمة (المراجعات) يشعرني بالاكتئاب، فالكلام عن المراجعات يعني أننا أخطأنا وأننا كنا ضالي الطريق، تم اهتدينا بعد أن غيرنا أفكارنا وآراءنا، وهذا غير صحيح».

عبد الكريم الشاذلي.. من الفلسفة إلى التنظير الجهادي

ولد صاحب كتاب «فصل المقال في أن من تحاكم إلى الطاغوت من الحكام كافر من غير حجود ولا استحلال» سنة 1960 بمدينة الدارالبيضاء، ودرس الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط و حصل على الدكتوراه في مطلع سنة 2000 و تمحور موضوع رسالته حول فكر الشيخ ابن تيمية. دشن مساره ضمن تنظيمات الإسلام الحركي منذ شبابه، إذ ساهم في تأسيس الجماعة الإسلامية رفقة قيادات إسلامية بارزة، و هي الجماعة التي تطورت لتتحول إلى حركة الإصلاح والتجديد.

كان عضوا نشيطا بها إلى أن قرر مغادرتها سنة 1985 بناء على ما اعتبره تورط بعض قاداتها في التعامل مع أجهزة المخابرات المغربية. سبق اعتقاله بين سنتي 1984 و 1985، ثم في عام 1995 حين تم استنطاقه و التحقيق معه في إطار تكوين خلايا إسلامية وسط الجيش. في نهاية التسعينيات أعلن أن مسار التيار السلفي الجهادي ناجح و سيفرض نفسه عالميا. ومع بداية محاكمته على خلفية أحداث البيضاء الإرهابية، أنكر علاقته بتنظيم السلفية الجهادية و استنكر أحداث 16 ماي الدامية بالدار البيضاء.

دشن عبد الكريم الشاذلي المعروف بلقب «أبي عبيدة» مساره التنظيري بتيار السلفية الجهادية، بإصداره في سنة 2001، مؤلف تحت عنوان «فصل المقال في أن من تحاكم إلى الطاغوت من الحكام كافر من غير حجود ولا استحلال»، والذي يعتبر الأكثر خطورة على الإطلاق.
في أعقاب أحداث 11 شتنبر 2001 الإرهابية، اعتبر عبد الكريم الشاذلي نصرة تنظيم القاعدة واجبا شرعيا، و عد زعيم تظيم القاعدة، أسامة بن لادن مصلح القرن و ما تم القيام به في 11 شتنبر 2001 بأمريكا كان واجبا شرعيا. 
خلال أطوار محاكمته، طالب بالبراءة التامة، إلا أن النيابة العامة اعتبرته من مشايخ السلفية الجهادية و أحد منظريها، بدعوى أنه كان يلقي دروسا في المنازل تدعو إلى تكفير المجتمع و النهي عن المنكر باليد، كما أكدت النيابة العامة على تصريحاته السابقة إلى وسائل الإعلام حول جواز ضرب المصالح اليهودية و الأمريكية في مختلف بقاع العالم.

اشتهر داخل السجن بمواقفه المعتدلة والمؤيدة لمسلسل المراجعات الفكرية، وهي المواقف التي تسببت له في تلقي انتقادات شديدة اللهجة من بعض الشباب السلفي المعتقل. استفاد من العفو الملكي في 2011 بعد استجابة الملك محمد السادس لمذكرة رفعها رئيس المجلس إدريس اليزمي وأمينه العام محمد الصبار، ولم يدلي بأية تصريحات لوسائل الإعلام بعد خروجه من السجن.

عمر الحدوشي.. «السلفية الجهادية ابنة زنا وهي باطلة»

«هذا الأمر يتعلق بالشيخ الفيزازي، أنا أحب أن أسجن وأموت من أجل أفكاري، إذا كانت الشيخ صدرت منه أخطاء وتراجع عنها، فهذه من شجاعته، أما أنا فليس لي ما أتراجع عنه، يعني ليست لي أفكار مخالفة، لا أكفر المجتمعات ولا أكفر أصحاب المعاصي مطلقا، ولا ولا ..إلخ». هكذا أجاب الشيخ عمر الحدوشي محاوره في سؤال حول المراجعات الفكرية داخل السجون على صفحته الرسمية على الفايسبوك (منشور بتاريخ 9 فبراير 2013).

ولد الشيخ عمر الحدوشي سنة 1970 بمدينة الحسيمة، حفظ القرآن الكريم صغيرا، انتقل إلى مدينة طنجة، وتتلمذ على يد مجموعة من المشايخ السلفيين. توجه بعد ذلك إلى المملكة السعودية، التي  مكث بها لمدة سنتين. خضع للمراقبة هناك من طرف الأجهزة الأمنية، لاسيما بعد توقيعه على فتوى حرمت التعاون مع أمريكا في حربها ضد طالبان بأفغانستان، معتبرا أن مناصرة أسامة بن لادن واجبة شرعا.

بعد تفكيك خلية تنظيم القاعدة في 2001، اعتبر الحدوشي أن «الأمر من نسج خيال المخابرات وأن مصالح الأمن المغربية غبية.. كيف يأتي أتباع القاعدة من أجل ضرب الآفاعي والحشرات بجامع الفنا». بعد الأحداث الإرهابية التي ضربت البيضاء، وخلال محاكمته نفى الحدوشي وجود علاقة له بالأعمال الإرهابية أو بتكفير أي أحد، حيث قال «كيف أفكر في مثل هده الأعمال و نحن في بلد مسلم، و هو متزوج فيه و آكل لحومه و له بطاقة وطنية..»، مضيفا أنه «ليس إلا رجل فقه و حديث.. أنا لست مفتيا رسميا».
أنكر عمر الحدوشي أمام المحكمة أنه كان يعطي دروسا في التكفير معتبرا أن السلفية الجهادية ابنة زنا و هي باطلة، موضحا أن ضرب مصالح الدولة لا يجوز لأن الجهاد لا يجوز إلا اذا كانت الدولة محتلة و المغرب بلد غير محتل.

وحول أحداث 16 ماي كشف الحدوشي أمام المحكمة عن بعض مواقفه المتشددة، كاعترافه بعدم قبول دخول أي أحد حلق لحيته إلى منزله. خلال مرافعة النيابة العامة، ذكر ممثلها، «أنه اذا كان لابد من شخص أن ينال العقاب فهو عمر الحدوشي الذي انطلق من الدين لبث أفكاره السامة وسط المجتمع واستغل سذاجة الشبان و حرضهم لتنفيذ عمليات حصدت أرواح الأبرياء و خربت الممتلكات و سلبت الأموال بغير حق و باسم الدين». في ذكرى عيد المولد النبوي لسنة 2012، استفاد من العفو الملكي، ليعانق الحرية بعد قضائه ثمانية سنوات داخل السجن.

محمد كريم كفال - صحيفة الاحداث المغربية