منذ شهر أغسطس من سنة 2011، وأهالي مدينة تاورغاء يعانون التهجير والنزوح، بعيدا عن مدينتهم التي أخرجوا منها قسرا، وتحولوا من سكان مدينة قوامها ما يزيد عن 40 ألف نسمة، إلى شتات متنشر في مخيمات على أطراف المدن في شرق البلاد وغربها، في ظل ظروف معيشية وإنسانية، اتفق كل من أطلع عليها بأنها لا تليق بحياة البشر.

هذا في الظروف والأوضاع الطبيعية، أما اليوم في ظل موجة البرد، والأمطار الاستثنائية التي تمر هذه الأيام بالمنطقة، كيف سيكون حال قاطني مخيمات الصفيح، وأكواخ المخلفات الصناعية المهترئية مبانيها، والمنتهية بنيتها التحتية والتي لم تكن مناسبة من الأساس.

تؤكد المعلومات والصور التي تتناقلها وسائل الإعلام، ويتداولها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الوضع الذي يعيشه نازحو تاورغاء لا يمكن وصفه بأقل من أنه مأساوي، وينبي بكارثة حقيقية تضاف لما عانوه طيلة السبع سنوات الماضية، فالنتيجة الحتمية لما يتعرضون له الآن، ما لم تتحمل السلطات مسؤولياتها وتنقذ ما يمكن إنقاذه، ستكون انتشار الأمراض، والأبوئة، والموت نتيجة البرد.

وقد حملت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المسؤولية القانونية والإنسانية والوطنية والدينية إتجاه معاناة ومآساة أهالي تاورغاء بمخيمات اللجوء والنزوح بعموم البلاد، معربة عن قلقها البالغ أزاء تفاقم معاناتهم نتيجة لسوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار الغزيرة والبرد الشديد

وطالبت اللجنة، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمنظمات الإنسانية والخيرية الدولية والمحلية بسرعة التدخل وتقديم المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية، لمعالجة الظروف الصعبة التي تشهدها مخيمات النزوح.

فيما وصف عضو مجلس النواب عن مدينة تاورغاء، جاب الله الشيباني، معاناة النازحين بجريمة العصر، والعار الذي يلاحق الذين مازالوا يصرون على إطالة أمد العذاب والهوان للأبرياء.

ووجه الشيباني، خلال تصريحات إعلامية، رسالة للمجتمع الدولي، والجامعة العربية، و الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وحلف الناتو قائلا ،" لقد كنتم سبباً في دمار ليبيا، ونكبتها وتهجير تاورغاء، وغيرها من المناطق عليكم أن تتحملوا مسؤولياتكم التاريخية والعمل الجاد لوضع حد لهذه المأساة، وأنا على يقين بانكم قادرين لو صحى الضمير واستيقظ الانسان في ذاتكم، وانتصرتم على تعصبكم واحسستم بالأخوة الإنسانية".

وأضاف الشيباني في رسالته الموجهة، "أحملكم مسؤولية دمار ليبيا، وانهيار دولتها والدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت وآهات المعذبين في سجون الظلام وزفرات المقهورين و المغبونين، ومعاناة أهالي تاورغاء، وغيرهم في مخيمات النزوح خاصة في هذه الأيام في فصل الشتاء القارص، والأمطار الغزيرة، تجتاح مخيماتهم التي تحولت إلى جحيم لا يطاق".

إذن تستمر المناشدات، وتتضاعف خطابات الرفض والاستنكار، ولكن المعاناة تستمر، وإن قشع الشتاء ورقة التوت عن "عورة" الجميع، والجميع دون استثناء.