تعهدت النيابة العمومية بمحافظة سيدي بوزيد، وسط غرب تونس، اليوم الأحد 3 فيفري 2019، بشكاية تقدم بها مندوب حماية الطفولة بالجهة، لتأذن بفتح بحث تحقيقي بناء على وجود شبهة استغلال أطفال موجودين بإحدى "المدارس القرآنية" بجهة الرقاب.
  كما أذنت النيابة العمومية بسيدي بوزيد بإيقاف صاحب المدرسة على ذمة البحث في انتظار عرضه على الجهات القضائية المختصة.
واتخذ قاضي الأسرة بعض التدابير الإحترازية تتعلق بعرض الأطفال على مختصين نفسيين واجتماعيين وأطباء شرعيين حماية لسلامتهم البدنية والنفسية وتحقيقا لمصلحة الأطفال الفضلى.
من جهتها، أفادت وزارة الداخلية، في بلاغ لها اليوم الأحد، بأنه بتاريخ 29 جانفي 2019 تعهّدت الإدارة الفرعية للوقاية الإجتماعية بإدارة الشرطة العدلية بالتحرّي حول نشاط مشبوه لجمعية قرآنية كائنة بالرقاب سيدي بوزيد تأوي مجموعة من الأطفال والشبان في ظروف غير ملائمة ويتعرّضون لسوء المعاملة وللاستغلال الإقتصادي، وذلك بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص ومندوب حماية الطفولة بسيدي بوزيد.
وأكد البلاغ أنه بمراجعة النيابة العمومية بسيدي بوزيد، أذنت بفتح بحث في الموضوع وإجراء المعاينات والتساخير اللازمة.

كما أفادت الداخلية التونسية بأنه بتاريخ 31 جانفي 2019 تنقّلت الوحدات الأمنية المختصة رفقة المندوب العام لحماية الطفولة و5 أخصائيين نفسيين على عين المكان أين تم العثور على 42 طفلا (بين 10 و18 سنة) و27 راشدا (بين 18 و35 سنة) تبيّن أنهم يُقيمون اختلاطا بنفس المبيت في ظروف لا تستجيب لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة وجميعهم منقطعون عن الدراسة، كما أنهم يتعرّضون للعنف وسوء المعاملة ويتم استغلالهم في مجال العمل الفلاحي وأشغال البناء ويتم تلقينهم أفكارا وممارسات متشددة.
وأضافت أنه بإذن من النيابة العمومية بسيدي بوزيد، تم الاحتفاظ بصاحب المدرسة من أجل "الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لأطفال والاعتداء بالعنف" ومن أجل "الإشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي" كما تم الاحتفاظ بامرأة عمرها 26 سنة اعترفت بزواجها من المعني على خلاف الصيغ القانونية.
وأوضحت ذات الجهة أن النيابة العمومية أذنت كذلك بإيواء الأطفال بأحد المراكز المندمجة للشباب والطفولة وتمكينهم من الرعاية الصحية والنفسية والإجتماعية اللازمة وقد أكّد طبيب الصحة العمومية إصابة البعض منهم بعدة أمراض كضيق التنفس والجرب والقمل.
وأكد البلاغ أن الموضوع يبقى من أنظار السلط القضائية لاتخاذ ما يستوجب من إجراءات في الغرض.

يذكر أن السلطات الأمنية المحلية وفرقة مختصّة من العاصمة قامت يوم الخميس الماضي بإغلاق "مدرسة قرانية" بجهة الرقاب ، وهي عبارة عن فضاء منعزل عن السكان ومغلق عن الزوار ومشبوه وغير قانوني وغير مرخص له بالنشاط من أي جهة رسمية، وإيقاف مديرها وعدد من تلاميذها لعرضهم على الجهات الأمنية المختصّة.

  كما تحول فريق عمل تابع للمصالح الجهوية لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن مرفوقا بممثلين عن وزارة العدل ووزارة الداخلية إلى "الفضاء" المذكور، وقام بمعاينة تواجد 42 قاصرا من الذكور تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة، بالإضافة إلى وجود عدد من الأشخاص الراشدين".
وأكدت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن أنه تمت ملاحظة عدد من التجاوزات التي من شأنها أن تمثل مصدر تهديد مباشر على السلامة المادية والمعنوية للأطفال الموجودين بهذا الفضاء من بينها الانقطاع المدرسي، وسوء المعاملة والإحتجاز، والإستغلال الاقتصادي وزرع أفكار التعصب والكراهية بالإضافة إلى ظروف إقامة سيّئة للغاية، وهو ما يؤشر على وجود شبهات حول الإتجار بالبشر.
يشار إلى أنه تم كشف هذا الملف انطلاقا من برنامج تلفزي بإحدى القنوات المحلية، ما أدى إلى تحرك السلط الأمنية التي قامت بمداهمة الفضاء المذكور.
جدير بالذكر أن ملف "المدرسة القرانية" بالرقاب سبق وأن تمت إثارته خلال السنوات الفارطة وتم غلق هذا الفضاء، إلا أنه أعيد فتحه وعاد إلى النشاط بتدخلات من أطراف نافذة مقربة أو محسوبة على الإسلاميين.
وتطال هذا الفضاء شبهات إرهابية لكونه قد يكون معقلا لتفريخ الإرهابيين ومعسكرا لشبكات التسفير نحو بؤر التوتر، علما وأن الملف حاليا لدى القضاء وهو الجهة المخولة لإثبات هذه الشبهات من عدمها.