لم تعد الصناعات التقليدية القديمة تجدب اهتمام الناس فهي مجرد موروث قديم يقتصر حاليا على بعض الناس التي لديها القدرة على شرائها وقبل وقت سابق كانت تزدهر بوجود الأجانب الذين تبهرهم هذه الأشياء من ملابس واواني نحاسية ومشغولات من الصوف والحرير وكذلك اللباس الليبي القديم. 

يقول الصنايعية القدامى بأن العديد من الحرف ستختفي بل اختفت ولم يعد لها وجود لأسباب عدة منها الخاص ومنها لأسباب ساهمت بها الدولة. 

فريق "بوابة أفريقيا الإخبارية" دخل سوق القزدارة المحاذي لبرج الساعة خلف مصرف ليبيا المركزي وفي مدخل سوق الدولار حاليا. 

سوق القزدارة الذي أنشأه العثمانيون وازدهر إبان الاحتلال الإيطالي أي بعد عام 1911 والذي كان يعج بالصناعات النحاسية من قدور واواني طبخ وهدايا ودروع لا يمكنك المرور بسهولة من ازدحام الزبائن الأجانب والمواطنين. 

هذا السوق الذي كانت به محلات تصل لـ22 محلا رغم مساحته البسيطة كل محل به ثلاثة صنايعية وثلاثة تحت التدريب.

 الآن الأمر اختلف أغلب المحلات أقفلت وغيرت نشاطها ولم يعد هناك الا ثلاثة محلات فقط. 

البوابة بحثت أسباب اندثار هذه الحرفة ولماذا لم تعد رائجة مثل قبل؟

 وقبل أن ندخل في صلب الحديث مع أصحاب الشأن حاولنا نعرج على بعض من تاريخ المكان والحقب الزمنية التي مرت بها المدينة القديمة في العاصمة. 

الصناعات التقليدية لا تقتصر على نوع معين بل على عدة حرف منها الخزف والذهب والفضة والحرير والقزدارة فهذه الصناعات وجدت في ليبيا منذ قرون مضت وكانت شاهد على أهمية الصناعة والتجارة في ليبيا داخل المدينة القديمة بالعاصمة طرابلس فهي مدينة عتيقة موغلة في القدم نهضت في عهد القرمانلية اي ما يزيد عن 500 عام ازدهرت وأنشأت بها المباني والمعمار في العهد العثماني وراجت بها التجارة والصناعة في عهد الاحتلال الإيطالي لليبيا. 

يقول بعض المؤرخين عن المدينة القديمة بطرابلس الغرب انها المدينة القديمة في طرابلس عاصمة ليبيا ونشر أحد المواقع الإلكترونية تقريرا جميلا عن المدينة اقتبسته ليكون مدخلا لهذا الموضوع القيم والذي جاء فيه.. يعتبر المركز العتيق لمدينة طرابلس الذي يطل على البحر المتوسط يحيط بها سور وتحوي عدد من المحال التجارية والمقاهي، كما تحوي المدينة القديمة على عدد كبير من المباني الأثرية والتاريخية والتي يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى ما يزيد عن 500 عام. إلا أن النسبة الكبرى الموجودة حاليا من تلك المباني تعود لفترة الاحتلالين العثماني والإيطالي وتوجد في المدينة القديمة مجموعة من المباني الأثرية بينها مقرات سابقا لقنصليات دول مثل إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

 اتخذت أسواق مدينة طرابلس القديمة التجارية منها والحرفية المنتشرة داخل اطارها المدني المحصور بين أسوار المدينة على مساحة 48 هكتاراً، انماطاً مختلفة من المعمار الخاص بها، فقد انتظمت الأسواق الطرابلسية وسط الساحات المكشوفة على شكل طرقات، وأخرى مغطاة بأروقة مسقوفة، وصل عددها إلى نحو 29 سوقاً متعددة التخصصات، وتمثلت سلع هذه الاسواق القديمة في "الاصواف، والمنسوجات والملابس، والورق، والحرير، والكبريت، والذهب، والاخشاب، والقطران والحناء، والشمع، والجلد، وريش النعام والتمر والعاج والملح إلى جانب الاحجار الكريمة"، حيث تعددت مصادر السلع المعروضة بأسواق المدينة، المستوردة عبر الصحراء عن القوافل المحملة بالبضائع من دواخل أفريقيا أو من السفن القادمة عبر البحر من دول العالم المختلفة.

كما يوجد بالمدينة العديد من الأسواق منها. سوق المشير - سوق الترك - سوق الرباع القديم "سوق العرب" - سوق اللفة أو "سوق الرباع الجديد" - سوق القزدارة - سوق القويعة - سوق الكتب - سوق الرقريق أو سوق الفرامل - سوق الحرير - سوق النجارة - سوق الصاغة - سوق العطارة - سوق الصناعات التقليدية.

(هل يتغلب سوق الدولار على حرف عرفها السوق منذ مئات السنين؟)

سوق القزدارة الذي كان يعج بضجيج الصنايعية والمحاذي لسوق الطباخين في هذا الوقت ومنذ العام 2011 سكتت مطرقة النحاسين وتغلب عليها ضجيج الدولار والعملة أكثر من نصف المحلات غيرت نشاطها المعتاد إلى سوق للعملة. 

ازدحام غير عادي يعرقل حركة المارة وأوقف أرزاق الناس ..ثلاثة أربعة محلات فقط من هذا السوق مفتوحة الحاج حسين الذي كان يجهز القدر الكبير ويطليه بدأنا بالسلام وألسنة نيران العمل تتصاعد حرارة عالية وعمل مستمر سألناه عن هذه التجارة هل لازالت مربحة قال... لا طبعا لم تعد مربحة لأن المواد الخام تتصاعد وهذه الحرفة لاتحتمل الزيادة... سألناه عن السنوات التي قضاها في هذا السوق قال منذ كان عمري 12 عاما وانا الان ابلغ من العمر 71 عاما... هل تعلم أبناءك أو أحفادك هذه الحرفة أجاب.. لا طبعا الجيل الحالي لايمكنه تحمل أعباء النحاس والنار والجهد الكبير انها مهنة شاقة ستنتهي بالنسبة لعائلتي عندما اقفل هذا الدكان ولم أعد أقدر على العمل.

الذي يعرف سوق القزدارة أكيد انه يعرف عائلة النحايسي التي تواجدت في هذا السوق منذ أكثر من مائة وخمسين عاما قال انا من الجيل الرابع في العائلة في هذه المهنة منذ الجد كما قال مختار النحايسي أحد الأحفاد الذي لازال صامدا يشغل مهنة الآباء رغم عدم إقبال الناس عليها ولم يعد هناك سوق رائجة نظرا لغياب السواح الأجانب الذين كان يعتمد عليهم السوق بنسبة كبيرة جدا. 

مختار لم يعد يحتمل إهمال الدولة للحرفيين وأنها سوف تنتهي تماما لأن كل الناس تركتها الصنايعية والزبائن. هذا السوق منذ العهد العثماني والوحيد في ليبيا كانت به محلات عمال وأصحاب محلات بيع وشراء الان انتهى كل شيء حتى سوق الطباخين المجاور لهذا السوق انتهى. 

يقول مختار كان السوق يعمل وكان لدينا مردود مادي محترم نصنع الدروع والقدور والهدايا والتحف وهناك أعمال موسمية. وأين دور النقابة؟ اي نقابة مقفلة وخارج نطاق التغطية. نحن الآن مشكلتنا مع الأوقاف التي تمتلك محلاتنا كل فترة تزيد في الإيجار ونحن نعاني من قلة الزبائن ونعمل من أجل استمرار هذه الحرف في ليبيا وهي ترفع سعر الإيجار. اقولها وبكل أسف على حرفتنا السلام.

 هل تعلم أن نفس آلات التي عمل بها أجدادنا نعمل بها الآن. هل تتم دعوتكم للمعارض الخاصة بالصناعات؟ نعم تتم دعوتنا ويرحب بنا ويتم تشجيعنا من أجل أن نشارك وبعد أن نشارك وينتهي المعرض نجد أدواتنا مرمية خارج المعرض. 

يوسف شويشين بدأ العمل في السوق منذ العام 1981 مع والده الذي يعمل بالسوق منذ العام 1945 غير نشاط المحل من صناعة لبيع الأواني والنحاسيات قال.. اشتري الأواني القديمة والمعها ثم ابيعها. هو الآخر قال اتأسف عندما اذهب للسوق الترك وغيره واجد الناس القدامى غيرت نشاطها القديم الذي توارثته عن آبائها إلى نشاط جديد غير ملامح المدينة.