سالم علي فرج بن قدارة، الوحشي الذي قتل حمزة في فيلم الرسالة، لازلنا نتذكر دوره رغم مرور قرابة نصف قرن على عرض الفيلم ورغم وفاة قداره منذ أكثر من عشرين عاما، إتقان قداره لدور الحبشي لازال محفورا في ذاكرتنا ولازالت كواليس أداء الدور وتصوير الفيلم تثير فضول المتابعين، إبراهيم نجل قداره روى تفاصيل اختياره لأداء الدور والمواقف الإنسانية التي أعقبت تصويره.

لم يكن بن قدارة (1939 – 2000) فنانا حتى قادته الصدفة لعالم التمثيل حين التقى المخرج والمنتج السينمائي سوري المولد أمريكي الجنسية مصطفى العقاد في العاصمة طرابلس عام 1973 

كان بن قداره يعمل على تصليح خط من خطوط الكهرباء حين وقعت عين العقاد عليه  فأعجب بشخصيته وقال لأحد المندوبين أريد التحدث إلى هذا الرجل، أحتاج إلى هذه الشخصية .

تم استدعاء بن قداره من عمله وعرض عليه العقاد أن يلعب دور وحشي في فيلم الرساله إلا أن بن قداره استغرب العرض وحدث سوء فهم بين الطرفين ففي ذلك الوقت كان الشعب الليبي بسيط والقليل منه فقط يجيد القراءة أو يشاهد التلفزيون.

بن قداره قال للعقاد هل أتيت إلى هنا وأخرجتني من عملي كي تسخر مني ثم عاد لعمله وبعدما فرغ منه شرح له أصدقاءه والمندوبين العرض الذي قدمه العقاد فما كان من بن قداره إلا أن يوافق على أن يواصل عمله كفني كهرباء.

انتهى تصوير الفيلم في ليبيا والمغرب وجرى إخراجه عام 1975 وعرض في السينما وأشرطة الفيديو وقنوات التلفزيون وعندما شاهدته والدة بن قداره توقفت عند اللقطة التي قام فيها بقتل حمزة قائلة باللهجة العامية "الله لا تربحك الله يعطيك البلاء" فضحك بن قداره من قولها قائلا لا يا أمي لا تدعي على أبنك فهذا أنا في الفيلم.

الأم قامت بضرب بن قداره بالجره التي كانو يشربون بها الماء ثم طردته من المنزل رغم أنه أكد لها أن هذا تمثيل لكنها لم تصدق وواصلت طرد ابنها قائلة اذهب من بيتي ياعدو الله اتقتل حمزه عم الرسول اذهب فأنك لست ولدي ..

فخرج بن قدارة من البيت متأثرا وذهب إلى بعض الأصحاب والمشائخ وعيناه تدمعان ورغم تدخلهم لتوضيح الأمر إلا أنها لم تصدق ثم جاء العقاد والمرحوم عبدالله غيث وحمدي غيث ومنى واصف وبعض المشائخ إلى أن عرضو عليها بعض الصور حتى قامت تبكي من شدة الفرح.

قال الأم لولدها لقد خفت عليك أن تذهب إلى نار جهنم يا ولدي فتبسم وعانقها زالتفت للعقائد قائلا أي مصيبة أوقعتني بها كدت أفقد أمي وقام الجميع ضاحكين ومنذ ذلك الحين أسموه وحشي وكان أصدقاءه يلقبونه بي سالم عيون النار والقليل من يعرف هذا اللقب.