من مآدب وولائم يقدمها المشايخ والعمد للفقراء، إلى عطايا مالية من 50 إلى 100 جنيه ربما تزيد أو تنقص، إلى زيت وسكر، ثم "لحمة"، وبطاطين، ومؤخرًا رحلات حج وعمرة، هكذا تطورت أشكال المنح والعطايا التي دأب عليها بعض المرشحين في حملاتهم الانتخابية؛ لاستقطاب أصوات الناخبين المصريين.

فبينما عمد رجال الحزب الوطني إلى توزيع الأموال على الناخبين، ابتدعت "الإخوان" وغيرها من الجماعات الإسلامية بدعة أخرى، وهي "الزيت والسكر"، ليستحدث من بعدهم مرشحو القوى المدنية عطايا من نوع آخر، وهي "رحلات الحج والعمرة"، وهو ما وصفه بعض الخبراء السياسيين والقانونيين بـ"الرشاوى الانتخابية" الأخطر من رشاوى "الزيت والسكر".

فأحد المرشحين خلال مؤتمر جماهيري له مع أهالي شبرا الخيمة أجرى قرعة لرحلات عمرة لـ10 أفراد، وأعلن عن 20 رحلة عمرة أخرى، وأقام مرشح آخر عن دائرة عابدين والموسكي معرضا خيريا للملابس لأهالي الدائرة، إلى ثالث انتشرت له صور "أكياس لحمة" على "فيسبوك" عليها شعار الحزب.

بداية قال وحيد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما يقوم به بعض المرشحين في الفترة الحالية من توزيع "بطاطين ولحوم وإعلان عن رحلات حج وعمرة للناخبين هو بمثابة "رشوة انتخابية"، وليست نوعا من أنواع الدعاية الانتخابية.

وأضاف عبد المجيد، في تصريح صحفي أن الدعاية الانتخابية أرقى مما يفعله بعض المرشحين حاليًا، لأنها تقوم على برنامج محدد وخطط وأفكار يمر بها على ناخبيه لإقناعهم بترشيحه، أما ما يحدث في الفترة الحالية من انتشار الرشاوى الانتخابية، فيجعل البرلمان الحالي لا يختلف عن برلمان 2011.

ووصف أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس حزب الاشتراكي المصري، لجوء بعض المرشحين لتوزيع "بطاطين"، وإعلانهم عن رحلات حج وعمرة للناخبين، بـ"رشاوى انتخابية منحطة"، لابتزاز الناخبين وشراء أصواتهم، متوجهًا بسؤال لهؤلاء المرشحين: "من أين لكم هذه الأموال؟".

وأكد رئيس حزب الاشتراكي المصري أن رشاوى الحج والعمرة أخطر من رشاوى الزيت والسكر التي كانت تقدمها جماعة الإخوان المسلمين، موضحًا أن الأموال التي تنفق في سبيل الحج والعمرة أكبر بكثير، وهو ما ينم عن أن المرشح الذى يقدم هذه الرشاوى إذا وصل للبرلمان فسيسرق أموال الشعب حتى يعوض ما أنفقه في حملته الانتخابية.

وأشار شعبان، حسب مصر العربية، إلى أنه لا توجد مادة في القانون تمنع أو تجرم الرشاوى الانتخابية، معربًا عن أمله أن يكون الشعب المصري أذكى من أن يصل هؤلاء المرشحين إلى قبة البرلمان.

وأوضح محمد أبو طالب، الخبير في الشأن البرلماني، أنه في ظل ضعف الوعي السياسي لدى المواطن المصري، وعدم وجود رؤية لدى المرشح، يلجأ المرشح لتقديم الحاجات العينية إلى الناخب، حتى يصل إليه بسرعة ويضمن صوته، مستغلا في ذلك الحالة الاقتصادية الصعبة، ورغبة بعض المواطنين في المال أو الأشياء العينية أكثر من حاجتهم لبرنامج سياسى.

وأكد الخبير البرلماني أن قانون الانتخابات لم يجرم تقديم هدايا عينية للناخبين، ولكن إذا وصل الأمر إلى تقديم رشاوى لأحد من المسؤولين باللجنة الانتخابية، أو مساومة أحد الناخبين على إعطاء صوته، فيكون بذلك خارقًا للقانون.

بينما أكد أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن تقديم بعض المرشحين مزايا عينية لاستقطاب الناخبين أمر غير قانوني، ويجب التقدم بشكاوى للجنة العليا للانتخابات حتى تراجع أوراق قبولهم من عدمه، وذلك لأنهم بدؤوا الدعاية الانتخابية قبل موعدها المحدد من قبل اللجنة، يوم 26 فبراير، وهو ما يعد اختراقا للقانون.