يبدء وزير الشؤون الخارجية الجزائري زيارة عمل إلى موسكو الثلاثاء بدعوة من نظيره الروسي "سيرغي لافروف"، و هي الزيارة التي تندرج في إطار المشاورات المنتظمة بين البلدين و لتعزيز علاقات الصداقة و التعاون القائمة بين البلدين والتي تعود إلى تعود إلى حقبة الاتحاد السوفياتي و بعد استقلال الجزائر و التي تشهد منذ بضع سنوات تطورا ملحوظا في كافة المجالات لا سيما منذ التوقيع في أفريل 2001 على الإعلان حول الشراكة الإستراتيجية، وفي انتظار انعقاد الدورة السابعة للجنة المختلطة الجزائرية الروسية للتعاون الاقتصادي و التجاري و العلمي والتقني خلال هذه السنة والتي ستبحث فرص تبادل جديدة و محطات عمل إضافية واستعراض مختلف جوانب التعاون الثنائي و حول قضايا الساعة الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك لا سيما الأزمة السورية في ظل التطورات المتعلقة بندوة جنيف2 و الوضع بمنطقة الساحل و مسألة الصحراء الغربية و مسار السلام في الشرق الأوسط وهذا  في إطار التشاور بين الجزائر و روسيا.

وأشار بيان الخارجية الروسية إلى تطابق المواقف الروسية والجزائرية حول الملفات السياسية الهامة إذ يدعو "الطرفان إلى ضمان الاستقرار وتحقيق توازن في العلاقات الدولية، ودعم الدور المحوري لمنظمة الأمم المتحدة واحترام مبادئ القانون الدولي الأساسية بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي.

حجم التبادل التجاري والعسكري

تعد الجزائر من أهم شركاء روسيا في مجال الصناعة والتجارة في أفريقيا والعالم العربي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 11 شهرا من عام 2013 نحو 1.567 مليار دولار. وبالعودة إلى سجل هدا التبادل فنجد أنه لم يتجاوز حجم التبادل التجاري بين الجزائر وموسكو 200 مليون دولار عام 2001، ولكنه تصاعد بشكل لافت في السنوات اللاحقة ففي عام 2006 تضاعف بمقدار ثلاثة أضعاف وبلغ قيمة 643.8 مليون دولار و في عام 2007  تضاعف مرتين أخريتين وبلغ 1338.4 مليون دولار وبلغ 1342 مليون دولار في عام 2008 ، بما في ذلك كانت قيم الصادرات الروسية إلى الجزائر 1120.5 مليون دولار . وبين الصادرات الروسية الموردة إلى الجزائر الماكينات والمعدات ووسائل النقل بنسبة 63% والمعادن غير الحديدية ومنتجاتها بنسبة 8.5 %. في الربع الأول من عام 2009 انخفض التصدير الروسي إلى الجزائر وبلغ قيمة 25.97 مليون دولار فقط أي اقل بمقدار تسعة أمثال بالمقارنة مع الفترة المماثلة لعام 2008. أما الاستيراد الروسي من الجزائر فبلغ قيمة 1.34 مليون دولار أما في عام 2010 فبلغ التبادل التجاري بين البلدين 1.176 مليار دولار،  وبقي بهذا الحجم الثابت تقريبا خلال سنتي 2011 و 2012.

و تم التوقيع في 8 مارس عام 2006 على اتفاقية تشكيل مجلس الأعمال الروسي الجزائري. و في نوفمبر عام 2008 عقد في موسكو اجتماع اللجنة الحكومية الروسية الجزائرية الخاصة بالتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني. كما تم التوصل إلى الاتفاق المبدئي على تنفيذ مشاريع جزائرية يمكن أن تساهم فيها الشركات الروسية. وهذا في انتظار عقد الدورة السابعة للجنة العليا المشتركة للبلدين بعد نحو شهر من الآن.

التعاون العسكري الروسي.

جدد الجزائر وروسيا عهد اتفاقهما الأمني العسكري بصفقة استزاد طائرات استطلاع ومراقبة بينها طائرات بدون طيار من روسيا والتي اعلن عنها مؤخرا فقط والتي ستوكل لها مهمة حراسة الحدود الجزائرية المضطربة شرقا وجنوبا أكثر وللمساعدة في القضاء على عماليات التهريب بكل أشكالها بالجنوب وبالشرق والغرب أيضا.

وقعت روسيا والجزائر أثناء زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للجزائر في مارس من العام 2006 على صفقة سلاح بقيمة 7,5 مليار دولار، مقابل شطب الديون الجزائرية إلى روسيا، وتضمنت الصفقة حصول الجزائر على 36 مقاتلة حربية من طراز ميغ29 س. م. ت و 28 مقاتلة من طراز سوخوي30 وكذلك 14 طائرة تدريب قتالي من طراز ياك130 إلى جانب 8 بطاريات دفاع جوي إس-300 ومضادات الدبابات "ميتيس" و" كورنيت"، و 300 دبابة من طراز تي-90. كما تم التوقيع على اتفاقية لتحديث 36 مقاتلة ميغ 29 كانت الجزائر قد اشترتها في التسعينات من القرن الماضي من بيلوروسيا وأوكرانيا فضلا عن 250 دبابة من طراز تي-72.

وقبلها وبعد زيارة الرئيس الجزائري إلى موسكو عام 2001 وقع البلدان عقدا بقيمة 1 مليار و286 مليون دولار لتوريد 28 طائرة ميغ-29 م.س.ت ذات مقعد واحد و6 مقاتلات ذات مقعدين من طراز ميغ 29- و.ب في إطار حزمة اتفاقيات حول التعاون العسكري التقني مع الجزائر بمبلغ إجمالي يصل إلى حوالي 8 مليارات دولار.

 وأثارت القفزة النوعية في علاقات روسيا مع الجزائر وخاصة في ميدان التعاون العسكري ردود فعل قوية من الجانب الفرنسي صاحب أكبر ميزان تعاملات تجاري مع الجزائر. في وقت كانت فيه فرنسا تعرض مقاتلاتها من طراز "رافال " في منطقة المغرب العربي.

وكانت روسيا قد أطلقت إلى المدار القمر الصناعي الجزائري ألسات-1 عام 2002، ثم القمر الصناعي الثاني ألسات-2 في سياق تعميق التعاون الاستراتيجي، كما بلغ عدد خريجي الجامعات والمعاهد الروسية المدنية والعسكرية من أبناء الجزائر 13 ألف متربص منذ ثلاثة عقود تقريبا.

التعاون في المجال الطاقة

تراجع عمل كثير من المؤسسات النفطية بعد عام 1989 وغادرت معظمها الجزائر بعد انهيار الإتحاد السوفياتي، ولم ينجح البلدان في إعادة بعث علاقات التعاون إلا بعد تحسن الوضع الأمني بالجزائر بعد العشرية السوداء التي عاشتها في تسعينيات القران الماضي. ولكن وفي سنة    2000 بدأت الشركات الروسية تدريجيّاً بالعودة إلى الجزائر، و تمّ تدشين خط "أنابيب الغاز حوض الحمراء" الذي قامت بمدّه شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية. في عام 2001 بدأت شركة "روس نفط" بالتنقيب في أحد حقول الغاز الجزائرية، و بدأت أيضا عملية مد خط أنابيب الغاز "سهير هاجرت انوس" عام 2005  كما بدأت عاما بعد ذلك  شركة "ستروي ترانس غاز" بترميم خط أنبوب الغاز "وليد جلال" وكلها شركات عاملة بالجنوب الجزائري حتى الآن.

تاريخ العلاقات الروسية الجزائرية

كانت الاتحاد السوفياتي سابقا من السباقين لدعم الجزائر خلال ثورتها وبعد الاستقلال عام 1962. فلقد ساهم الخبراء السوفيت مساهمة فعالة في تطوير الاقتصاد الجزائري، كما أنّ ألاف الطلاب الجزائريين تلقوا العلم في الجامعات السوفيتية وقتها. بدأ التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية منذ ستينيات القرن الماضي حين منح الاتحاد السوفيتي الجزائر قروضا لإغراض التنمية الاقتصادية بمبلغ ملياري دولار. كما قدم السوفيت من خلال جلب الجزائري للمعسكر الشرقي كحليف استراتيجي بقي إلى اليوم رغم تصدع هذا المعسكر، وواصل الجزائر و موسكو تواصلت إلى اليوم مع جمهورية روسيا الأتحادية. وكان المساعدة الكبيرة سنوات السبعينيات في إنشاء القاعدة الصناعية الجزائرية وتطوير فروع الاقتصاد مثل الطاقة والتعدين والصلب والحديد وبناء الماكينات و إنشاء المشاريع المائية و مصنع الصلب والحديد في الحجار وعنابة شرق البلاد والمحطة الكهرحرارية في جيجل (شرق الجزائر ايضا) وخط أنابيب الغاز - حاسي مسعود جنوبا. وكان إعداد الكوادر الجزائرية لشتى فروع الاقتصاد يشغل دائما مكانة هامة في التعاون الثنائي.