بعيد انطلاق الأزمة التي تعصف بإفريقيا الوسطى منذ سنتين، غادر العديد من أتباع التيجانية (طريقة صوفية) في إفريقيا الوسطى البلاد فيما ظل البعض منهم مرابطا مستندا إلى فلسفة روحية تحث على التسامح ومواجهة المصير بكل رباطة جأش.

زوايا التيجانية، وهي مزارات دينية صوفية، ظلت مفتوحة تستقبل من يلجأ إليها في الحي الكيلومتر، حي بانغي المسلم.أتباع الطريقة التيجانية ممن تحدثت معهم الأناضول لفتوا إلى أن هذا المذهب الصوفي وفد إلى البلاد منذ نحو 5 عقود عبر القوافل التجارية القادمة من التشاد."موسى عيسى" البالغ من العمر 30 سنة، هو أحد أتباع هذه المدرسة الروحية، ظل في بانغي وهو لا ينوي مغادرة مهد طفولته.

عيسى الذي كان محاطا بمجموعة من الألواح والمخطوطات تحوي تعاليم الطريقة التيجانية يقول للأناضول "لا أخشى الأنتي بالاكا (ميليشيات مسيحية مسلحة) لأن خط سيرنا يحث على التسامح وعلى مقاومة المعتدين".

ويقيم "عيسى" دليلا على ما ذهب إليه من قيمة التسامح التي تتميز بها التيجانية بالقول إن "بعضا من المسيحيين الذين أخطؤوا في حق المسلمين عادوا إلى الحي وطلبوا العفو واحتضنهم أتباع التيجانية بأذرع مفتوحة".

ويعبر موسى عن عدم رضاه عما حصل منذ سنتين حين اندلعت الأزمة في إفريقيا الوسطى، بعد أن كان شيوخ التيجانية من جنسيات مختلفة، نيجيريون وكامرونيون وتشاديون يملؤون المكان (حي الكيلومتر 5)، غادر هؤلاء في إطار عمليات الإجلاء."أفضّل المقاومة والموت هنا على المغادرة"، على حد تعبيره.

في المقابل، أشاد "موسى عيسى" بـ "استمرارية أنشطة الحركة الصوفية في 3 أو 4 من أبرز مساجد بانغي"، حيث تقام بشكل يومي حلقات إنشاد ديني في تحد لـ "انعدام الأمن والمشاكل التي يمكن أن تنجر عن ذلك"، بحسب الرجل.

ويتطرق "عيسى" في حديثه عن الصراع الطائفي الذي يعصف بالبلاد منذ فترة قائلا إنه "يأخذ مسافة عن السيليكا" (تنظيم سياسي وعسكري مسلم).وأضاف "اهتماماتنا تقتصر على الأمور الدينية ولا نخوض بالسياسة، ولكننا لن نتردد في الكشف عن الشرور أيا كان مأتاها".

ورغم بعد اهتمامات الطريقة الصوفية وأتباعها عن السياسية غير أن "عيسى" أبى إلا أن يدلي بدلوه في الموضوع قائلا "السلام في إفريقيا الوسطى مرتبط باقتسام حقيقي للسلطة بين السيليكا والأنتي بالاكا".

والطريقة التيجانية هي إحدى الطرق الصوفية السنية، والتي تنتسب إلى أبو العباس أحمد التيجاني، واسمه بالكامل هو أحمد بن محمد بن المختار بن سالم التيجاني (1737- 1815)، ولها أتباع في عدة دول على رأسها الجزائر والمغرب وتونس ومصر وفلسطين.