"التهديدات الإرهابية ما زالت موجودة في تونس وانتخابات 2019 كانت عملية فاسدة وسوق نخاسة لبيع البشر وإذا طبق القانون قد يصل الأمر إلى حل حركة النهضة.. 25 جويلية أنقذت تونس من براثن العصابة ووجهت ضربة قاصمة لمشروع الإخوان وعصابات الفساد.. ليبيا في الربع ساعة الأخير من المأساة وإنهاء الأزمة يكمن في حل المليشيات ونزع السلاح.. هذه الجهة هي من تقف وراء إسقاط وخراب ليبيا وهي من تدير الأزمة بغية تأبيدها والمجتمع الدولي كذبة كبرى.. حركة النهضة مسؤولة عن إراقة دماء التونسيين وحتى الليبيين.. تونس تعرضت إلى هذا النوع من الاغتيال.. ولهاته الأسباب تم اغتيال محمد البراهمي وهذا الملف شائك..لكن الحقيقة لن تقبر.."
هذه نبذة مما جاء في الحوار الشامل الذي أجرته "بوابة إفريقيا الإخبارية"، اليوم السبت، مع السياسي التونسي والأمين العام لحزب التيار الشعبي العروبي القومي زهير حمدي حول مستجدات الأوضاع السياسية في تونس وليبيا وقضايا أخرى هامة.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية ما تعليقكم على التصريحات الصادرة عن رئيس الجمهورية مؤخرا حول وجود مخطط لتنفيذ اغتيالات عدد من المسؤولين؟ وفي رأيكم لما يكتفي الرئيس بالتصريح الشفوي بأمور خطيرة دون كشفها علنا للتونسيين أو محاكمة المسؤولين عليها؟
التهديدات الإرهابية ما زلت موجودة في تونس وفي المنطقة العربية، فالتهديد مازال قائما بالرغم من أننا في الربع ساعة الأخير من عمر مشروع الإخوان و"الربيع العربي" الذي دمر المنطقة، إذن نحن لا نشك لحظة في وجود تهديدات ولكن في هذه الحالات يتوجب على الأجهزة الأمنية توضيح الصورة بالكامل ومن ثمة محاكمة كل من يتورط في هذه الأعمال.
كيف تشخصون المشهد السياسي الحالي في تونس؟
25 جويلية غيرت المعادلة السياسية في البلاد ووجهت ضربة قاصمة لمشروع الإخوان وعصابات الفساد ولكن الصراع مازال مفتوحا ويتوجب الذهاب بعيدا في المحاسبة والإصلاحات لقطع الطريق على بقايا المنظومة البائدة ومنعها من الالتفاف على الشعب.
كيف تقرؤون إجراءات 25 جويلية؟ وهل كان لا بد منها من أجل حماية الدولة التونسية من التفكك؟
إجراءات 25 جويلية كانت ضرورة حتمية لإنقاذ الدولة والشعب من سلطة غاشمة نكلت بهما سويا فكان لابد من تأميم السلطة ودور هذه العصابة لاسترجاع الدولة وإنقاذ الشعب.
كسياسي تونسي وكأمين عام لحزب التيار الشعبي بماذا تطالبون رئيس الجمهورية؟
رئيس الجمهورية مطالب بفتح باب المحاسبة وعدم الخضوع لأي ضغوط في هذا المجال، يجب محاسبتهم على كل جرائمهم، كذلك يتوجب عليه اتخاذ إجراءات اقتصادية استثنائية لتعبئة الموارد الذاتية وإنقاذ الوضع المالي وأيضا تشكيل لجنة قانونية وإدارة جيدة لحوار شعبي شامل ومباشر وإنجاح الاستفتاء.
أين اليسار التونسي والأحزاب الوسطية التقدمية من المشهد السياسي التونسي عقب انتخابات 2019؟ وما أسباب هذا الغياب أو التفكك؟ وهل يمكن القول إن اليسار اندثر في تونس بتفكك الجبهة الشعبية؟
اليسار تفكك سياسيا الآن حيث يقف على طرفي نقيض.. هناك من مع 25 جويلية وهناك من ضدها، وعموما اليسار فكر وقيم وموقف وانحياز للوطن وتحرره وانحياز للمقهورين والمحرومين وانتصار للمقاومة في العالم وليس مجرد تركة، ونعتبر التيار الشعبي عصارة المشروع التحرري العربي الذي بدأ يستعيد توازنه وحضوره تدريجيا.
اليوم علينا إعادة إحياء حركة التحرر العربي والخروج من الشعار إلى المشروع وبلورة مشروع وطني ذو أفق وحدوي وإنساني وهذا جوهر مشروع التيار الشعبي في الحرية والعدالة والتنمية المستقلة بما يعنيه من وحدة القوى التقدمية المؤمنة به والمنخرطة في خيار مقاومة الصهيونية والاستعمار وكل أشكال الهيمنة.
التيار الشعبي من الأحزاب التي أعلنت دعمها لإجراءات 25 يوليو وما تبعها..أين وصل منسوب التنسيق بينكم وبين بعض الأحزاب المساندة الأخرى على غرار حركتي الشعب والبعث في الخصوص؟
نتشاور باستمرار ولا نريد التسرع وإعادة أخطاء الماضي.. يعني غير مسموح بالفشل هذه المرة.
يرى متابعون أن ما يقوم به رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يمثل 17 ديسمبر ولا 14 جانفي لأنه لم يكن متواجدا سياسيا في هذين التاريخين المفصليين في تاريخ تونس؟ ما تعليقكم؟
مناكفة الرئيس بهذا الخطاب دليل إفلاس سياسي لأن 14 أو 17 ليست تركة وإنما مشروع وطني ومن ينحاز للمشروع الوطني ولمصالح الشعب ذلك صديقنا.
هل صحيح أن تونس على أعتاب دكتاتورية جديدة يقودها سعيد وإرساء الحكم الفردي المطلق عبر مسكه بجميع السلطات؟ وماذا تقولون عن خارطة طريق سعيد على غرار تنقيح الدستور وتنظيم استفتاء وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وكذلك عن مشروع الحكم القاعدي أو المجالسي الذي يقال إن سعيد يسعى إلى تكريسه؟
لا توجد مقومات قيام دكتاتورية في تونس وإنما جماعة الإخوان تحاول استعادة سردية المظلومية بعد اندحارها وفشلها ولا خوف على تونس إلا من عصابة إخوان ومافيا الفساد.
ملف الاغتيالات السياسية ما يزال يراوح مكانه رغم بعض التقدم الحاصل فيه (قضية لطفي نقض) عقب إعلان إجراءات 25 جويلية؟ هل من جديد في قضيتي اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي؟ وهل هناك مؤشرات لكشف الحقيقة كاملة أم أنها قبرت؟
قضية الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد شائكة.. النهضة عملت على طمس الحقيقة وهذه القضية هي جوهر معركة المحاسبة وكشف أسرار ربيع الدم ولن يفلت أحد من العقاب فقضية محمد البراهمي قضية شعب وأمة ولن تقبر وسنكون على موعد قريب مع النصر إن شاء الله.
هل مازلتم تتمسكون باتهام حركة النهضة في ملف الاغتيالات السياسية؟ وهل ستواصلون المضي قدما في مسار كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين؟
حركة النهضة جزء من منظومة الإرهاب الإسلاموي الذي خرب المنطقة وهي مسؤولة عن كل دماء التونسيين وحتى الليبيين والسوريين.. فقد حولت تونس إلى ساحة مؤامرة على الشعوب الأخرى وستحاسب على كل جرائمها في حق شعبنا وأمتنا.
لو تحدثوننا عن محمد البراهمي السياسي والانسان؟ وأي تهديد كان يمثله لبعض الأطراف حتى يتم اغتياله هو تحديدا؟
الشهيد محمد البراهمي كان حاملا لمشروع تحرر حقيقي وكان زعامة شعبية فذة قادمة وكان مشروعه خطرا على الرجعية وقوى الهيمنة وكان لابد من اغتياله في ذروة العدوان الإرهابي على الأمة العربية، أما محمد البراهمي الانسان فهو رجل تتكثف فيه كل القيم النبيلة للشخصية العربية باختصار.
هل خانت حركة الشعب محمد البراهمي (قبل وبعد الاغتيال)؟ وهل خذلت الجبهة الشعبية شكري بلعيد (بعد الاغتيال)؟
على كل نترك هذا الأمر للتاريخ.
كيف تقارن وضع تونس ما قبل وما بعد 25 جويلية؟
25 جويلية محاولة جدية لإنقاذ تونس من براثن عصابة أفسدت كل شيء فيها ونتمنى أن يتحقق أمل الشعب هذه المرة.
برأيكم من المسؤول عما عاشته تونس من مشاكل وأحداث مأسوية بالجملة في العشرية الأخيرة؟
المسؤولية يتحملها الإخوان والمافيا التي تحالفت معهم فهم كانوا أداة وظيفية لتخريب المنطقة وتونس كانت إحدى ضحاياهم، ولكن نحن أيضا قمنا بأخطاء وأكبر أخطائنا هو قبولنا بقوانين قدت على قياسهم بهدف الاستيلاء على السلطة وتنفيذ مشروعهم المدمر فقد كان علينا نزع شرعيتهم منذ البداية.
ماهي الوصفة السحرية لتنهض تونس من كبوتها وتستعيد توهجها؟
محاسبة شاملة وتغيير اقتصادي سيادي وإصلاح سياسي عميق.
هل صحيح أن تونس تعيش عزلة دولية منذ قدوم منظومة 2019؟
لا.. تونس في وضع مريح الآن ولا توجد عزلة بالعكس هامش المناورة واسع أمام تونس لتوسيع دائرة علاقاتها.
 تونس تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة.. فماهي أسباب ذلك؟ وما الحلول التي ترونها ناجعة لتجاوز هذا الوضع؟
تونس تعرضت إلى عملية اغتيال اقتصادي من قبل عصابات الفساد والإخوان والحلول هي في مواجهة كل أسباب الانهيار بحزم مقاومة التهريب والتوريد العشوائي والفساد والمديونية وتصفية اقتصاد الريع ومراجعة الاتفاقيات غير المتكافئة وتحقيق العدالة الجبائية ومراجعة قانون البنك المركزي وعودة الدولة لدورها التنموي بما في ذلك دور تنموي للجيش.
ماذا تقولون عن الجرائم الانتخابية في انتخابات 2019 الواردة بتقرير دائرة المحاسبات؟ وفي رأيكم لما لم يتم فتح الملف إلى الان؟
الانتخابات كانت عملية فاسدة وسوق نخاسة لبيع البشر ولذلك نطالب بتنقية المناخ الانتخابي ومحاسبة كل من أجرم سياسيا وخاصة التمويل الخارجي و"اللوبينغ".
هل أن تفعيل المحاسبة في تونس قد يؤدي إلى حل بعض الأحزاب على غرار حركة النهضة وقلب تونس وغيرهما وسجن بعض القيادات؟
إذا طبق القانون وتحرر القضاء قد يصل الأمر لحل النهضة أما قلب تونس فهو من الماضي.
كيف تقرؤون تشعبات المشهد الليبي الراهن؟ وهل الانتخابات التشريعية والرئاسية (إن جرت في موعدها الثاني بعد التأجيل) يمكن أن تغير الأوضاع في هذا البلد الجار؟
ليبيا حلها واضح وهو تفكيك المليشيات وجمع السلاح ثم الانتخابات، غير ذلك هي حرب أخرى، أو خروج الشعب الليبي وتحمل تكلفة قمع المليشيات ولكن بالنهاية الشعب سينتصر، يمكن العمل على تعبئة الشعب في انتفاضة شعبية ضد المليشيات والمرتزقة ودحرهم دفعة واحدة وهذا ممكن، فالتعويل على الخارج لحل الأزمة غير محمود العواقب.
يرى متابعون للشأن الليبي أن المجتمع الدولي خذل الليبيين ولم يقرر بعد إنهاء الأزمة التي تشهدها بلادهم بل قد يعمل على إطالتها أكثر من أجل الاستفادة من ثروات البلاد النفطية؟ ما تعليقكم؟
بوضوح الكيان الصهيوني هو من كان وراء إسقاط ليبيا عن طريق الإخوان وهو من يدير الأزمة بغية تأبيدها والمجتمع الدولي كذبة كبرى فالمجتمع الدولي مجتمعات وأمريكا والغرب هما المسؤولان عن خراب ليبيا.
ما حقيقة ما حدث في 2011 في البلدان التي شهدت ما يسمى "ثورات"؟ هل هي مؤامرة دولية بمشاركة أطراف داخلية في شكل "غزو مقنع" أو "مزوق" بألق الحريات والديمقراطية "الزائفة" للاستحواذ على ثروات ومقدرات الشعوب؟ أم أن الحقيقة تكمن في أن شعوب هذه البلدان قد انتفضت بالفعل بعد أن طفح كيلها من سياسات حكام "فاسدين" أو "ديكتاتورين"؟
"الربيع العربي" هو مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي استثمر في مآسي الشعوب وحولها إلى نكبة حيث كنا في دول ونطمح للأفضل أصبحنا في العراء نتصارع قبائلا وطوائفا.
نترك لكم كلمة الختام لتقييم أوضاع دول المنطقة بين ماض مجيد وحاضر مهزوم ومستقبل قد يبدو مجهولا: تنطلق من تونس وتجول بليبيا وترسي بمصر وتحلق بسوريا فبغداد وكل بلد عربي؟
تونس أمام فرصة لتصحيح مسارها ونحن متفائلون، كذلك ليبيا ستنتصر مهما طال الوقت وعلينا بالصبر والمثابرة فقد بتنا في الربع ساعة الأخير من المأساة، وأمتنا امتحنت امتحانا كبيرا وبقدر العدوان كانت ضراوة المقاومة وهذا دليل على أنها أمة حية وقربت ساعة قيامها من جديد.