الجرائم الجنسية التي تستهدف المرأة التونسية من اغتصاب وعنف جنسي وزنا المحارم وزواج القاصرات تزايدت بعد الثورة مما جعل المنظمات المعنية تطلق صيحة فزع وتطالب الحكومة بضرورة كسر جدار الصمت عن هذه الظواهر الاجتماعية السلبية التي تترك آثارا نفسية واجتماعية واقتصادية على الاسر المعنية وتهدد ثوابت المجتمع ومرجعياته الثقافية والدينية وحرصه على احترام مبادىء وحقوق الانسان.

الفقر والتهميش سبب رئيسي:

كثيرة هي الحالات التي تتألم في صمت بسبب زنا المحارم حيث يتحول الأخ او الأب او العم او الخال او الجد من حام لحرمة الفتاة الى هتك لعرضها وشرفها ويزداد حجم الألم كلما طالت فترة الصمت لتصل لدى إحداهن الى ثلاثين سنة والأخ الشقيق متماد في إشباع غرائزه منها بلا شفقة ولا رحمة وبعد كل هذا الوقت قررت الخروج عن صمتها ولجأت الى الاعلام لتنشر حكايتها. وجريمة جنسية اخرى جدت خلال الشهر الماضي بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة حيث أقدم شاب مزطول على مفاحشة أمه التي تعاني من مرض عصبي فتقدمت بشكوى قضائية ضده.
وطلبنا الإحصائيات الرسمية من الجهات المسؤولة غير اننا لم نحصل عليها وأفاد الدكتور هشام السنوسي اخصائي في الامراض الجنسية ورئيس المرصد التونسي للأزواج والاسرة انه حسب الجهات الرسمية تم تسجيل 18 ضحية زنا المحارم غير انه ومنذ بث الحلقة التلفزية لبلقيس التي روت حكايتها مع اخيها لما يناهز الثلاثين سنة اتصلت به 18 فتاة جديدة ضحية زنا المحارم .
وذكر ان زنا المحارم يوجد خاصة في الارياف حيث يغيب الوعي وتقل امكانيات الاختلاط بين الجنسين وغياب الفضاءات المفتوحة وهي منتشرة بصفة هامة بين الاخ والاخت والاب والبنت وابن الاخ وزوجة العم وبين الاخت وأختها وخاصة الجد وحفيدته و ممارسة الجنس عادة لا تتم في المنازل بل تحت الاشجار وداخل الغابة
وقال:" المطلوب ان يتناول الاعلام هذه المواضيع المسكوت عنها ومحاولة تبسيطها لأن هناك اناس يجهلون انعكاساتها الصحية السلبية وانها منافية للأخلاق والدين وبالتالي هم في حاجة الى التثقيف والتوعية والتحسيس"
واضاف :" نحن نرصد كل الظواهر التي تهم الاسرة والازواج بصفة عامة بما فيها القضايا المسكوت عنها والمشاكل الجنسية ولنا برامج للتربية والثقافة الجنسية ودروسا للاطفال فاقدي السند وبخصوص اغتصاب القاصرات افاد انه مشكل في طور النمو في تونس بعد الثورة باعتبارالانفلات الامني والاخلاقي ودخول الناس في دوامة من الضغط اضافة الى تزايد العنف الموجه ضد المراة بصفة عامة والفتيات واغتصاب القاصرات الذي يستهدف خاصة المعينات المنزليات حيث تعمل طول النهار لتجد نفسها في الليل مجبرة على تلبية الرغبات الجنسية لصاحب المنزل او ابنه واحيانا صاحبة المنزل يحدث هذا في ظل غياب قوانين تجريم اغتصاب القاصرات .
واشار الدكتور الى ضرورة القيام بدراسات لتفكيك الظاهرة وايجاد الحلول الملائمة لها والمرصد يسعى بالتعاون مع الاطراف ذات العلاقة وبعض ممولي المشاريع الى اعداد اكبر دراسة ميدانية في تونس حول جنسانية التونسي والمشاكل الجنسية التي يعيشها التونسيون والتحرش والاغتصاب الجنسي والاتجار بالبشر

كسر جدار الصمت :

المنظمات المعنية بالمراة انتبهت الى خطورة الجرائم الجنسية التي تستهدف التونسيات خاصة بعد الثورة وفي هذا الخصوص ذكرت راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمراة التونسية لبوابة افريقيا الاخبارية انه لابد من كسر جدار الصمت عن هذه الجرائم مشيرة الى ان زنا المحارم مثلا لم يتحول الى ظاهرة في تونس لكنه موجود خاصة في الأرياف والمناطق المهمشة والأحياء الشعبية حيث ينتشر الفقر ويغيب المنزل اللائق فيجتمع جميع افراد العائلة في بيت واحد وتغيب وسائل الترفيه. وقالت بصفتي محامية رافعت في هذه القضايا سابقا وأظن ان النسبة تزايدت بعد الثورة مع ارتفاع نسبة الفقر والتهميش والإدمان على الكحول والمخدرات . واضافت انه لابد من تظافر الجهود لوضع حد لعديد المشاكل ومعالجة الإدمان والفقر ووضع برامج للتحسيس والتوعية بضرورة احترام حقوق الانسان وعن دور المنظمة النسائية في هذا المجال افادت دور المنظمة هو دور تنموي تحسيسي تثقيفي توعوي مع نشر ثقافة حقوق الانسان

اغتصاب تلميذة قاصرة:

اثارت عملية اغتصاب تلميذة قاصرة مؤخراً الراي العام التونسي وصدرت بيانات تنديد واستنكار ومنها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الذي جاء في بيانه :"لقد تابعنا قضية الاغتصاب التي راحت ضحيتها فتاة في الثالثة عشر من عمرها أثناء عودتها مشيا على الأقدام من المدرسة الإعدادية بسبيبة و التي تبعد 6 كلم عن محلّ سكناها من قبل خمس شبان قاموا باختطافها لمدة يومين ثم أقدموا على محاولة قتلها لطمس معالم الجريمة وبناء عليه نندد بهذه الجريمة النكراء في حق الطفولة وندد بالعنف الجنسي الذي تتعرض له المرأة ونحمل كل السلط المتداخلة كامل المسؤولية في تتبع القضية و معاقبة الجناة ونناشد كل المنظمات و مكونات المجتمع المدني لمرافقة الفتاة المتضررة و عائلتها لتجاوز هذه المحنة
ودعا في ختام بيانه إلى التصدي بكل قوة لمن تخوّل له نفسه تجريم الضحية والتي يمكن ان تؤدي إلى عواقب وخيمة على مستقبل الفتاة.

انعكاسات نفسية:

تترك الجرائم الجنسية المسلطة على المرأة انعكاسات نفسية واجتماعية سلبية بسبب الخوف من الفضيحة لو علم الآخرون بالأمر من جهة وبسبب الضغوطات التي يمارسها المجتمع والعائلة ضد المتضررة من جهة اخرى فتصبح هي المدانة او بالأحرى هي المذنبة وليست الضحية وانها هي من استمالت الطرف الذي مارس ضدها الاغتصاب خاصة اذا كان صاحب الفعلة الشنيعة محرمايكبر حجم الكارثة في حال وجود ضحية اخرى بعد إنجاب طفل